الوزراء في حكومات الكويت موظفون وليسوا قادة.. هكذا يعتقد النيباري

زاوية الكتاب

كتب 962 مشاهدات 0


القبس

كمشة ملح لن تعدل الطبخة

عبد الله النيباري

 

سبق ان أبديت رأيي في قضية المحكمة الدستورية ومرسوم تعديل قانون الانتخابات، بأن إبقاء المرسوم لن يؤدي إلى تصفية الأجواء وإزالة الاحتقان السياسي والعودة للعمل الطبيعي من خلال المؤسسات الدستورية، وبالتالي فإن الجدل والسجال في الجانب السياسي سوف يستمران لبقاء مسبباتهما.

لكني لم أتوقع أن يبدأ الجدل القانوني مبكراً حول قرار المحكمة الدستورية، وهذا ما يحدث اليوم. وذلك بسبب الحيثيات الملتبسة التي بررت بها المحكمة ما توصلت إليه من إقرار دستورية مرسوم قانون الانتخابات.

لم يقتصر الأمر على السياسيين فقد بدأ القانونيون في ندوة جمعية المحامين بفتح باب السجال والجدال.

قرار المحكمة الدستورية عام 1982 بشأن الطعن في قانون الانتخابات، الذي صدر بمرسوم لتغيير الدوائر الانتخابية من عشر دوائر بخمسة أصوات للناخب إلى 25 دائرة بصوتين، واجه اعتراضاً من السياسيين ونقداً شديداً من القانونيين، وعلى رأسهم الدكتور عثمان عبدالملك والدكتور عادل الطبطبائي. ومن أهم خلاصة آرائهم، أن قانون الانتخابات لا يجوز تعديله بمرسوم. وقرار المحكمة الدستورية الحالي يتعرض كذلك للتقييم والنقد وسيبقى موضوعاً للجدل.

الآن وفي معمعة المشاركة أو عدم المشاركة، هنالك اختلاف في الآراء والمواقف بين محبذ ورافض. المحبذون وكثير منهم وعلى الأخص أعضاء المجلس الأخير ومحازيبهم هم المشاركون بحماس والأسباب معروفة.

وهنالك المعارضون المقاطعون، ويعتبرون أن الامر اختراق للدستور، يكرس الحكم الفردي والاستبداد. وهنالك آراء وسط رافضة لقانون الصوت الواحد، ولكن قسم منها مع المشاركة لاسقاط المرسوم عن طريق المجلس، ورأي آخر يقول مع عدم المشاركة، لأن فرص تعديل القانون من داخل المجلس تكاد تكون معدومة.

أما رأيي الشخصي فهو مع الفريق الأخير، الذي عبر عنه بيان المنبر الديموقراطي. نعم شاركت المعارضة وهي القوى الوطنية الاصلاحية في انتخابات عام1981 بعد تعديل نظام الانتخابات رغم اعتراضها ورفضها لذلك النظام، الذي جاءت به الحكومة بهدف تعديل الدستور، وفعلا قدمت تعديلاتها للدستور القاضية بتقليص صلاحيات مجلس الامة المنتخب.

وتم إسقاط مشروع تعديل الدستور بضغط الشارع وبحراك المعارضة آنذاك، التي أُسقط مرشحوها جميعا، وعلى رأسهم الخطيب والقطامي، اللذان كانا يتصدران قوائم الفائزين بنسب مرتفعة جداً.

يقول الكثيرون: لا تتركوا المجلس للعناصر الفاسدة، التي همها الانتفاع الذاتي على حساب خراب البلد.

الدكتورة أسيل العوضي «الجريدة» 2013/6/25 تقول: «أليس من الأجدى المشاركة في الانتخابات وتشكيل جبهة وطنية لتغيير المرسوم؟»، والكاتب صلاح الهاشم يدعو الى المشاركة في تكوين نوع من الجبهة أو التكتل، يلتزم ببرنامج إسقاط أو تعديل نظام الصوت الواحد عملا بحكمة «إذا لم تستطع أن تحقق ما تريد.. فأرد ما يكون»، وهذا الرأي يقول به الكثيرون من ذوي النوايا الطيبة والمشاعر الصادقة الذين يؤلمهم انحدار أوضاع البلد من ترد إلى ترد أعمق.

وهنا نطرح التساؤل: «هل هنالك فرصة ولو بالحدود الدنيا أن تؤدي المشاركة في الظروف الراهنة إلى تكوين جبهة أو تكتل على نمط ما كان يحصل في المجالس السابقة، يكون برنامجها تعديل قانون الصوت الواحد إلى جانب التصدي للدفاع عن الحقوق والحريات ومكافحة الفساد وإعادة هيبة القانون والحد من وباء الواسطات والخدمات؟».

في تقديري أن ذلك أمر صعب في الظروف الراهنة، فنظام الصوت الواحد مصمم لكي ينتج مجلسا صديقا للسلطة، والمقصود بالسلطة هم الشيوخ، وليس الحكومة، فالوزراء في حكومات الكويت هم موظفون بدرجة وزير، وليسوا قادة سياسيين، كما كان حمود الزيد الخالد وعبدالعزيز الصقر ومحمد النصف في وزارة 1962 على سبيل المثال. وفي الظروف الراهنة، وبعد استرضاء القبائل ومصالحة شيوخهم ودعوتهم للمشاركة وعزوف العناصر السياسية النشطة والمستقلة من أبناء القبائل عن المشاركة. فإن الأمل في تكوين جبهة وطنية وفقاً لاقتراحي د. أسيل العوضي والاستاذ صلاح الهاشم يبدو ضئيلاً أو معدوماً.

قرار المحكمة الدستورية الذي شاب حيثياته الالتباس رفع الحرج عن الكثيرين، وعلى الأخص القبائل، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة المشاركة من 40 في المائة كما كانت في الانتخابات الماضية إلى 62 في المائة، ولكن نتيجة الانتخابات تكاد تكون محسومة لمصلحة مجيء مجلس شبيه بالمجلس المنحل، وقد يكون هنالك نصيب لنجاح بعض الوجوه المقبولة. ولكن عددها محدود، مما يضعف ان يكون لها القدرة والفعالية لا في تعديل قانون الصوت الواحد، ولا في مكافحة الفساد ولا حماية الحريات وإعادة هيبة القانون أو تجنب هدر المال العام.

استشراء الفساد وصل إلى أعضاء مجلس الأمة المناط بهم مكافحة الفساد، وفضيحة الايداعات المليونية في حسابات النواب المصرفية كشفت عن ذلك. وفي المجلس الأخير تطور الفساد إلى قيام النواب بدور المندوب أو الوكيل لأصحاب المقاولات، يتصلون بلجنة المناقصات وديوان المحاسبة ويضغطون بطريقة السؤال: «ليش معطلين المناقصة الفلانية؟».

يضاف إلى ذلك أن صراع الشيوخ على المناصب، وأهمها منصب ولاية العهد وصل الى ساحة المجلس. والاستجوابات والنداءات التي وجهت لوزير الداخلية أحمد الحمود أسوأ تعبير عن ذلك، فلم تكن المسألة مخالفات أو قصور في الأداء، هي هم المهاجمين للوزير، بل هي صراع عن طريق الوكلاء النواب.

المؤشرات وأي مراجعة لكشوف نتائج الانتخابات تؤدي إلى الاستنتاج بأن المجلس المقبل سيكون نسخة قريبة من المجلس الأخير، وإذا قدر له ونجح بعض العناصر المقبولة، فإن دورهم في المجلس سيكون محدوداً وفعاليتهم مشلولة أمام تطور مهارات نواب الفساد.

والمجموعة القليلة المقبولة لن تكون أكثر من كمشة ملح، لكنها لن تكون كافية لتعديل الطبخة.

الدعوة للجهاد إثارة للنعرات

الشعب السوري تعداده 25 مليوناً، وفيه من الرجال والنساء الأعداد الكافية للانخراط في قتال نظام الأسد، وإذا كان بحاجة للدعم، فهو تمويل الاغاثة وتوفير متطلبات المعيشة اليومية، لتمكينه من الصمود في وجه الهجمة الشرسة. إن دخول عناصر من الخارج إلى سوريا يعقد الصراع، خاصة العناصر المتطرفة والمتشددة التي استفزت بتصرفاتها، في قتل الناس ورميهم من المباني العالية، مشاعر العالم، وكان لها آثار سلبية في الخارج، خشية الكثير من الدول أن يذهب توفير السلاح لهذه العناصر، وفي الداخل إثارة النعرات الطائفية، التي تعدت آثارها الساحة السورية إلى أقطار الاقليم كلها. ابتداء بلبنان والعراق وحتى مصر، التي لم تعرف في تاريخها التطرف الطائفي والمذهبي، وصل الأمر إلى التعدي بالقتل على أفراد والتمثيل بهم، لأنهم ينتمون للطائفة الشيعية. وفي لبنان اشتعلت النار في طرابلس وصيدا، وكذلك العراق.

وفي الكويت فان قيام البعض بالتباهي بقتل أحد المحسوبين على النظام السوري وابنه أمر يثير الاشمئزاز بدلاً من الحماس والتعاطف. ان هذه الحملات التي يطلقها القرضاوي والعريفي.. لا تخدم الشعب السوري وأهداف ثورته النبيلة، وإنما تعبر عن نعرة التطرف والتعصب والانتقام من الآخر.

الأموال التي توظف لــ «تجهيز غازي» من الأفضل أن توظف في مشروع للاغاثة، أما التسليح فلن يكون إلا من دول.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك