وائل الحساوي يرى أن السيناريو البوسني يتكرر في سورية

زاوية الكتاب

كتب 1106 مشاهدات 0


الراي

نسمات  /  لا تلقوا بالشباب إلى التهلكة!

د. وائل الحساوي

 

أرسل إليّ الأخ الفاضل الدكتور أمير الحداد رسالة أنشرها ليعم النفع بما فيها وذلك رداً على مقالي «ما أشبه سورية بالبوسنة» الذي كتبته الأسبوع الماضي في جريدة «الراي» في الآتي نصها:
الأخ الفاضل د. وائل الحساوي... السلام عليكم ورحمة الله... ذكرت في زاويتك (نسمات) جانباً من تاريخ حرب البوسنة في معرض حديثك عن القتال في سورية... دون ان تبين للقارئ ان كنت ترى ان الحل في سورية سيكون كما آل الأمر اليه في البوسنة... ولم تتطرق لمشروعية القتال في سورية...
لاشك ان المرء ينبغي ان يرجع للعلماء من اهل الذكر... للحديث عن حكم القتال هناك بعيداً عن ردود الأفعال والاندفاع الآني... وذلك ان (الجهاد في سبيل الله) عبادة عظيمة بينها الله عز وجل في كتابه وفعلها الرسول (ص) في سنته... وكما في سائر العبادات لا ينبغي للعبد ان يقبل عليها الا بعد تعلم احكامها... قبل هذا هناك ثوابت يجب ذكرها...
• النصيرية - والذين سماهم الفرنسيون «العلويون» - فرقة باطنية حكم بكفرهم ابن تيمية وذكر اتفاق المسلمين على ذلك وجعل قتالهم من باب قتال المرتدين وهو اولى من قتال الكفار ومن اراد المزيد عن هذه الطائفة فإن المكتبة الاسلامية غنية بعقائدهم وطقوسهم.
• من كان من أهل سورية... ومات مدافعاً عن نفسه او ماله وعرضه... فإنه يجاهد في سبيل الله... ونحسبه شهيداً عند الله عز وجل...
• المقاتلون في سورية... والذين انضووا تحت راية الجيش الحر... هدفهم اسقاط النظام... واستبدال حكم الطاغية بحكم ديموقراطي عادل يرجع للانسان السوري كرامته... ولكن للاسف... هذه الكتلة الأكبر من المقاتلين... لم يأخذوا بأدنى اسباب النصر... من العتاد واتحاد الكلمة ووحدة الخطة... فضلاً عن اختلافات من يمثلهم سياسياً...
لقد حجب الله النصر عن اشرف خلقه... عندما تخلف سبب صغير في غزوة احد... فكيف يكتب الله النصر لمن لم يتخذ شيئاً من أسباب النصر؟
المقاتلون في سورية ينتظرون العون من اوروبا وأميركا الذين لا تحركهم سوى مصالحهم... بينما اطلق الروس ايدي النظام بكل طاقاته ليفعل ما يشاء بالمقاتلين والعزل والنساء والاطفال والشيوخ... وباتفاق الجميع...
فمن اين يأتي النصر للمقاتلين... المعارضين؟
الذين يدعون الشباب للجهاد في سبيل الله في سورية... لم نر اياً منهم ذهب ليقاتل هناك... ولم يكن ناصحاً لنفسه ولا لعامة المسلمين ولا لأئمتهم... واما العلماء الربانيون فقد بينوا الأمر... فهاجمهم الغوغاء... ووصفوهم بما سيحاسب الله عليه.
وفي الختام...
ان القتال في سورية يقوم على المعادلات المادية... التي يمسك بخيوطها القوى العظمى سواء مع النظام ام المعارضة ولكل مصلحته... ولن ينتهي الأمر الا بعد ان يتبين الأوروبيون والأميركان مصالحهم ويتأكدوا من النتائج التي ستؤول اليها الأمور.
اما اخواننا هناك فإننا نسأل الله لهم الثبات وان تجتمع كلمتهم وقياداتهم الميدانية والسياسية ونسأل الله ان يحقن دماء المسلمين ويتقبل شهداءهم وان يفرج همهم عاجلاً غير آجل... انه على كل شيء قدير.

د. أمير علي الحداد

تعليق

أشكر الدكتور أمير على ما ذكره وعلى استفساراته المشروعة، والحقيقة هي اني لم أقصد من مقالي ان أقدم الحل الذي ستؤول اليه الامور في سورية، ولكني فقط أردت ان أبين بأن سلوك الدول الكبرى تجاه المنازعات والقلاقل التي تحدث في العالم متشابهة ولا تقوم على المبادئ الانسانية وإنما على المصالح الضيقة، فكما تركت الولايات المتحدة الاميركية شعب البوسنة ليذوق ويلات الهزيمة والدمار ثلاث سنوات (92 وحتى 95) قبل ان تتدخل لتوجيه ضربات محدودة ضد الصرب تمهيدا لإجبار جميع الاطراف للجلوس الى مائدة المفاوضات (مؤتمر دايتون)، حيث كان الحل كارثيا على المسلمين ولم يحققوا اكثر من المشاركة في نظام تبادلي مع الصرب والكروات في مجلس يدير شؤون البوسنة، فكذلك أتوقع بأن السيناريو يكاد يتكرر اليوم في سورية، حيث تركت الولايات المتحدة الشعب السوري لمصيره المؤلم اكثر من سنتين وسمحت بأن يتفنن النظام المجرم السوري في قتل اكثر من مئة ألف من الاطفال والنساء والمدنيين، وتدمير معظم مدنه واستخدام أبشع أنواع أسلحة الدمار ضده، بل وسمحت للروس ولإيران بأن تدعم النظام السوري دون حدود، ثم هي تتبجح وبكل صفاقة لتقول لنا - قبل يومين - بأن أوباما قد توصل أخيرا الى ان النظام السوري قد استخدم غاز السارين ضد الشعب السوري، وقتل مئة شخص بسببه، ما يستدعي التدخل الفوري ضد النظام!!
ان الكذب على الناس بهذه الطريقة السمجة واستغفال عقولهم - في تصوري - أشد إجراما من الوقوف مع المعتدين، لذا فإني أرى سيناريو التدخل الاميركي في سورية سيكون مطابقا لتدخلهم في البوسنة، وسيتم القيام بضربات جوية او دعم محدود للثوار للحفاظ على التوازن الذي أخل به دخول قوات حزب الله لدعم النظام، وذلك تمهيدا لمؤتمر جنيف (2) الذي سيتقاسم فيه النظام مع الثوار حكم سورية، وسيضمنون بقاء اسرائيل في أمان لخمسين سنة مقبلة!!
أما سؤال الدكتور أمير عن حكم القتال في سورية فكما قال الدكتور انه يجب ان يرجع فيه الى العلماء وألا يفتي فيه من هب ودب، فقد سمعنا من بعض الجهلاء المتحمسين من يدعو الى نحر جنود النظام السوري وتجهيز كتائب للقتال تخرج من الكويت دون ان يدرك بأنه انما يغرر بالشباب المتحمس ويلقي به الى التهلكة كما حصل في أفغانستان والعراق من قبل، وهؤلاء كما قال الدكتور لم يحركوا ساكنا للجهاد وإنما غرروا بالآخرين!!
نسأل الله تعالى ان يوحد صفوف المقاتلين في سورية وأن يجمع كلمتهم على الحق وأن ينصرهم على عدوهم وأن يحقن دماءهم.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك