صناعة نفط القطران تهدد بتلويث البيئة. بقلم نيل مونشي

الاقتصاد الآن

958 مشاهدات 0




عديد من بيوت ماركتاون الكالحة التي بنيت من الجص وعددها 200 بيت تبدو إما فارغة أو متهاوية. ولكن هذه البلدة الواقعة على الركن المغبر من مدينة شيكاغو المثقلة بالصناعة عند قاعدة بحيرة ميتشيجان، هي بالنسبة لكيم رودريجيز البالغة من العمر 54 عاماً الموطن الوحيد الذي عرفته ولا تريد أن تغادره.

تقول: إنه على الرغم من التلوث والفقر المنتشرين في هذه البلدة المنعزلة، فإنها على الأقل خالية من نشاط العصابات والعنف المسلح المنتشرين في المدن المجاورة: ''العيش بين المصانع يبدو أمراً غير صحي، لكن هذه على نحوٍ ما مناطق عازلة تبقينا على الأقل في أمان من أخطار العالم الخارجي''.

الآن تعمل الطفرة في الرمال القطرانية الذي تُحدث تغييرات واسعة في إمدادات الطاقة في الولايات المتحدة، على تغيير الحياة في بلدة ماركتاون وإلى الأبد. وفي الوقت الذي تكمل فيه شركة بريتيش بتروليوم مشروع تحديث مصفاة وايتينج المجاورة، البالغة مساحتها 1400 هكتار، وهو المشروع الذي يكلف 3.8 مليار دولار، كي تتمكن من معالجة مزيد من نفط الرمال القطرانية، فإنها عرضت أن تشتري المساكن في ماركتاون، وتسوّي بالأرض حياً ابتلي بالتلوث والفقر.

الزيادة في إنتاج النفط من الرمال القطرانية الكندية تعمل على دفع خطط التوسع في مصافي النفط في الولايات المتحدة، وتنعش الآمال بالحصول على بنزين رخيص وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز خط أنابيب كيستون إكس إل المثير للجدل، الذي سينقل النفط من كندا إلى خليج المكسيك. انتقد أنصار البيئة الزيت المحتوي على نسبة عالية من الكربون بسبب احتوائه على كميات من المعادن الثقيلة والمواد الكيميائية السامة. ويقول المدافعون عن المشروع إن زيادة استخدام الزيت المستخرج من الرمال القطرانية، سيبقي الولايات المتحدة في مأمن من الاعتماد على المناطق الملتهبة مثل الشرق الأوسط.

طفرة الرمال القطرانية بالنسبة للمقيمين في الأحياء الملوثة القريبة من المصافي في ماركتاون، ومنطقة ديترويت ذات الرمز البريدي 48217، ومنطقة مانشستر في هيوستون وغيرها، ربما تعني زيادة في تدهور الحياة في منطقة يصعب كسب العيش فيها.

بنيت بلدة ماركتاون التي كانت مزدهرة فيما مضى عام 1917 لتكون منطقة سكنية للعاملين في شركة تدعى مارك للتصنيع، تتعرض الآن لأوقات عصيبة. وحسب البيانات الصادرة عن جامعة إنديانا، انخفض عدد العاملين في التصنيع في المنطقة من نحو 60 ألف عامل في عام 1970 إلى نحو عشرة آلاف اليوم. وعلى الرغم من التوسيع في مرافق وايتينج الذي خلق نحو عشرة آلاف وظيفة إنشاءات مؤقتة، إلا أنه سيؤدي إلى إحداث 60 إلى 80 وظيفة دائمة فقط، سيكون منها القليل للمقيمين، إن استطاعوا الحصول على أي منها.

وفي الوقت نفسه، من الممكن أن يتأثر السكان المحليون بالعواقب البيئية والصحية الناتجة عن تكرير الخام الثقيل. وتقول فيليس فوكس، المهندسة التي ساعدت على الطعن في أذونات تلوث الهواء الصادرة لشركة بريتيش بتروليوم عام 2008 من أجل توسيع وايتنج: ''من الواضح أن تكرير الرمال القطرانية سيزيد من كمية كل هذه المواد السامة في الهواء الذي يتنفسه الناس''. وفي تسوية تمت فيما بعد مع شركة بريتيش بتروليوم، وافقت الشركة على تركيب معدات بقيمة 400 مليون دولار للتقليل من التلوث.

تقول رودريجيز: إن ذلك يفترض أن يقدم حماية من التلوث. وهي لا تريد مغادرة ماركتاون على الرغم من صعوبة الحياة فيها. وهي تقول إن عرض شركة بريتيش بتروليوم ليس معقولاً من الناحية المالية. إن قرب ماركتاون من المصفاة يعني قلة أسعار العقارات فيها، فأسعار بعضها متدنية إلى مستوى 15 ألف دولار. وإذا قبلت عرض شركة بريتيش بتروليوم ''العادل من الناحية السوقية'' فإن ذلك يعني أنها ستعاني عند الشراء في أماكن أخرى.

وأضافت: لا أستطيع أن أذهب إلى مكان آخر وأشتري بيتاً بذلك المبلغ من المال، ما لم أستخدمه كدفعة أولى، ثم عليَ بعد ذلك أن أجد نفسي عالقة في قرض سكني. ''وأنا لا أستطيع تحمل ذلك''.

يعيش جو زرينشيك البالغ من العمر 76 عاماً في شارع شريج الواقع على الحدود الشمالية للمصفاة، حيث اشترت شركة بريتيش بتروليوم عشرات البيوت في السنوات الماضية. في حين أن أولاده رحلوا إلى مناطق أخرى، وهم لا يرغبون في إحضار أحفاده إلى البلدة بسبب التلوث، إلا أنه قال: إنه لن يغادر هذا المكان إلا إذا دفعت له الشركة التكاليف الكاملة لتغيير مكان إقامته، وبنت له بيتاً مناسباً. ويقول: ''عاشت عائلتي هنا لعدة أجيال، أين أذهب برب السماء من هنا، وماذا أفعل وقد بلغت هذا العمر''؟

تقول شركة بريتيش بتروليوم: إن أصحاب الأملاك المحليين وقعوا عقوداً معها لبيع بيوتهم، وإن لدى الشركة ''برنامجاً طويل الأمد لشراء الأملاك القريبة لإيجاد مساحة خضراء إضافية حول محيط المصفاة''.

المقيمون القريبون من المصافي الأخرى يواجهون إشكاليات مماثلة، فشركة ماراثون بتروليوم تخطط لتوسعة مصفاتها في ديترويت بتكلفة تبلغ 2.2 مليار دولار. وتقول الشركة: إنها اشترت بالفعل كل البيوت الواقعة شمال المصفاة تقريباً البالغ عددها 296 بيتاً، حيث دفعت مبلغ 65 ألف دولار مقابل البيوت التي قُدرت قيمتها بأنها تساوي 16 ألف دولار. وستُحوَّل المنطقة إلى مساحة خضراء ''لتكوين منطقة عازلة حول المصفاة، وتعطي الفرصة لبعض هؤلاء المقيمين للانتقال إلى أماكن أخرى من اختيارهم''.

ولكن الشركة لم تقدم عروضاً مماثلة للمقيمين في المنطقة ذات الرمز البريدي 48217، وهي المنطقة الواقعة جنوب المرافق التي يرغب كثير منهم في مغادرتها. قالت جاكلين سميث، وهي مقيمة في السيتينيات من عمرها إنها ستكون جاهزة للمغادرة، ولكنها تخاف من أن مبلغ 65 ألف دولار لن يكون كافياً لامرأة كبيرة في السن مثلها، لكي تبدأ حياة أخرى من جديد.

وتساءلت قائلة: ''هل نستطيع أنا وزوجي الخروج من هنا ونحصل على شيء نظيف في حي نظيف هواؤه نظيف''؟

وقالت مقيمة أخرى تدعى تريزا لاندروم: إنه بدون شراء الشركة التام للمنزل، فليست أمامها فرصة تذكر لبيع البيت. وقالت: ''من الذي يرغب في العيش أمام ساحة مصفاة تضخ الملوثات في الهواء؟ هذا هو السبب الذي بخس من قيمة بيتنا إلى هذا الحد''.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك