عن طغيان الكراسي؟!.. يكتب ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب إبريل 10, 2013, 12:56 ص 568 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية / طغيان الكراسي
ناصر المطيري
الجموع التي هاجت في شوارع بعض المدن العربية والدماء التي تسيل والسجون والمعتقلات التي تفتح لاستقبال المتمردين بالويل والثبور والاعلام وأبواقه الرادحة القادحة صبحا وعشيا.. كل ذلك يرتبط بكلمة سر واحدة هي الكرسي، ويا له من كرسي انه كرسي الحكم يا عرب.
هو السحر دائما والفتنة أحيانا، كرسي صعوده لا يكون الا بضحايا والنزول عنه لا يحصل الا بدماء، سحره يأتي من قوة التعلق به فهو بالنسبة للحاكم أغلى من المال والولد بل قد يذهب أحيانا الولد والأب وكثير من المال قربانا لمد فترة البقاء عليه، وفتنة هذا الكرسي تأتي من تفرق الناس وتشتت كلمتهم بين اتباع ومعارضين للكرسي وتقسيم فئاتهم وطوائفهم وخلق حالة من التنافر والصراع داخل المجتمع الواحد تطبيقا لفكرة «فرق تسيطر».
وبين فتنة كرسي الحكم وسحره تدور حال العديد من الأنظمة العربية وما آلت اليه أوضاعها الراهنة اليوم وعلاقاتها بشعوبها وقبائلها.. هذه الشعوب المفتونة بدينها المتمزقة في وطنها، الغاضبة من التسلط والطغيان.
ترى كم تبلغ قيمة هذا الكرسي وما هو ثمن بقائه.. ومن سيدفع الثمن هل هو بنك الدماء البشرية الثائرة أم بنك الحريات المقيدة أم بنك الفساد المتحد؟
ولو دخلت كلفة بقاء كرسي الحكم في بعض دولنا العربية في ميزانياتها العامة لرأينا كم ذلك الكرسي الملعون قد استنزف من أموالنا ودمائنا في سبيل المحافظة على كرسي فقط لا غير. يا لها من حقيقة مؤلمة تصدم العقول.
في كتابه العبودية المختارة سجل «لابواسييه» حقيقة مفجعة حيث يقول: «انني اقترب من نقطة هي التي يكمن فيها سر السيادة ويكمن أساس الطغيان وعماده، ان من يظن أن الرماة والحرس وأبراج المراقبة تحمي الطغاة يخطئ، فلا جموع الخيالة ولا فرق المشاة ولا قوة الأسلحة تحمي الطغاة ولكن في الحقيقة هم دوما أربعة أو خمسة يبقون الطاغية في مكانه وهم من يشدون البلد له الى مقود العبودية، هم من تصغي لهم أذن الطاغية، يتقربون منه او يقربهم اليه ليكونوا شركاء جرائمه وقواد شهواته ومقاسميه فيما نهب، هؤلاء الخمسة ينتفع بكنفهم خمسمئة وهؤلاء وهكذا تتسع الدائرة والكل يطوف حول الكرسي ناسكا متعبدا أو مستعبدا ليبقى الحاكم على كرسيه آمنا مستقرا الى أن يأتي أمر كان مفعولا.
تعليقات