غياب القطاع الثالث خسارة وطنية بقلم د. عبد الله الحريري
الاقتصاد الآنإبريل 9, 2013, 5:17 م 831 مشاهدات 0
دوما نتحدث عن القطاعين الحكومي والخاص، ونحملهما كثيرا من المسؤوليات الاجتماعية والمعيشية للناس، وهذا طبيعي ومتعارف عليه، إلا أننا في المجتمعات العربية عموما نغيب عن معرفة أو جهل قطاع حيوي ومهم ويعتبر القطاع الثالث في هذا المنظومة التي تهدف لخدمة الناس والمجتمعات وتطوير الأعمال وتقديم العون والمساعدة والتوجيه والنصح والإرشاد. القطاع الثالث مغيب في معظم البلدان العربية، ويكاد يكون عمله مشلولا، لذا يتم إلقاء الحمل بالكامل على القطاع الحكومي - القطاع العام - فينتظر من هذا القطاع أن يقوم بالبناء والتوظيف والرعاية والإشراف والمتابعة، أما القطاع الخاص فهو قطاع استثماري ربحي يدعم القطاع الوطني، فكثير من شركاته ومؤسساته ليس لها هم إلا الربح المادي بأقل الإمكانات وأسرع الطرق، وإن كانت هذه طبيعة العمل التجاري، إلا أن هناك واجبات وحقوقا والتزامات اجتماعية تجاه البلد والناس الذين تقدم من خلالهم الخدمات وبواسطتهم تكسب وتزداد الأرباح.
أعتبر مؤسسات المجتمع، خاصة مؤسسات العمل التطوعي، العنصر الثالث في معادلة البناء والتطور والتقدم لأي بلد، فمتى ازدهرت هذه المؤسسات وتم دعمها فإنها ستحقق النتائج المرجوة منها وتقدم أعمالها المفيدة والناجحة للمجتمع ككل. يشير مصطلح المجتمع المدني حسب موقع ويكيبيديا، على شبكة الإنترنت، ''إلى كل أنواع الأنشطة التطوعية التي تنظمها الجماعة حول مصالح وقيم وأهداف مشتركة. وتشمل هذه الأنشطة المتنوعة الغاية التي ينخرط فيها المجتمع المدني تقديم الخدمات، أو دعم التعليم المستقل، يضم المجتمع المدني مجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الربحية التي لها وجودٌ في الحياة العامة وتنهض بعبء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها أو الآخرين، استناداً إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو علمية أو دينية أو خيرية. ومن ثم يشير مصطلح منظمات المجتمع المدني إلى جمعيات ينشئها أشخاص. وهي تشمل المنظمات غير الحكومية، مثل المنظمات الخيرية، ومؤسسات العمل الخيري وغيرها، أما الميزة المشتركة التي تجمع بين منظمات المجتمع المدني كافة، على شدة تنوعها، كونها مؤسسات مجتمع مدني وغير هادفة للربح، فهي تتمثل باستقلالها عن الحكومة والقطاع الخاص من حيث المبدأ. وتقوم بدور مكمل لهذين القطاعين ولعل هذا الطابع الاستقلالي هو ما يسمح لهذه المنظمات بأن تعمل على الأرض وتضطلع بدور مهم''.
ومن هنا يتضح لنا غياب شبه كامل لما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني، في الوطن العربي برمته، ذلك أن مفهوم مؤسسات المجتمع المدني عبارة عن نظام مؤسسي اجتماعي غير ربحي يتناول عدة مجالات للعمل التطوعي يجب أن تتوافر في أي مجتمع وليس مؤسسة واحدة أو قطاع عمل واحد، لذا فإن صورة العمل التطوعي قاتمة، ومجال التحرك في هذا المجال محدود جدا، على سبيل المثال لدينا تنتشر الجمعيات الخيرية، خاصة التي تستهدف مساعدة الفقراء والمعوزين ونعلم محدودية عملها وملاحظات كثيرة تساق عليها وعلى أدائها، ورغم هذا فإنها أو كثير منها لم تقدم أي فرصة أو تعلن عن فتح المجال للعمل التطوعي، فهي لم تصمم برامج تنمي هذا الجانب لديها، وهي لم تدعُ أو تبلغنا بأن لديها مهام وأعمال مصممة للمتطوعين، أحد الزملاء قال إنه قبل بداية العطلة الصيفية، اتفق مع أحد أبنائه على أن يمنحه راتبا مجزيا مقابل أن يتطوع للعمل في إحدى المؤسسات الخيرية، يقول إنه لم يجد أيا من تلك المؤسسات تريد الاستفادة من طاقات ومعارف شاب في مقتبل العمر يجيد استخدام الحاسب الآلي وصناعة المواقع على شبكة الإنترنت، بل صناعة الأفلام بواسطة الكمبيوتر، فضلا عن مهارته في برامج الكمبيوتر المختلفة، وأفضل رد تلقاه، أعطنا رقم هاتفه ونحن سنتواصل معه ونرى ما الذي نحتاج إليه منه، يعتقد العاملون في الجمعيات الخيرية أنهم موظفون وهم يعملون وفق هذه الذهنية، ومع الأسف أنه يغلب عليهم العنصر غير الوطني. أعتقد أن الجمعيات الخيرية واحدة من أهم مؤسسات المجتمع المدني ونحتاج في المملكة إلى تفعيلها وتغيير طريقة عملها وطريقة تفكير القائمين عليها، وأن يكون لها دور خدمي واضح، كذلك أتمنى أن تتاح الفرصة لافتتاح مزيد من مؤسسات المجتمع المدني غير المستهدفة الربح لتنمية هذا الجانب وإثرائه ومن ثم دعمه. لأن العنصر الثالث - مؤسسات المجتمع المدني - يقوم بعمل عظيم ومساعد لجهود الدولة، وهناك موارد لا تعد لدعمه انطلاقا من موارد الأوقاف والهبات والتبرعات والوصايا، والهدف هو رفاه وخدمة المواطن، والمجتمع بصفة عامة وأن يرد جزء من جميل الوطن. وإذا كان القطاع يحقق المكاسب والقطاع الحكومي يواصل جهوده التنموية، فإنه يبقى القطاع الثالث هو القطاع الغائب عن هذه المسيرة، وبالتالي فإن غيابه أو ضعفه خسارة وطنية على المديين القريب والبعيد
تعليقات