دقّت ساعة أنظمة الإقامة والعمل
الاقتصاد الآنإبريل 9, 2013, 5:21 م 707 مشاهدات 0
ليست الحملة الأولى التي تقوم بها وزارة العمل من أجل مكافحة وجود العمالة غير النظامية، ولكنها الحملة الأكثر تأثيراً وصرامة ويمكننا معها أن نقول: لقد دقت ساعة التطبيق الشامل لمخالفي أنظمة العمالة والإقامة، فقد لاحظ مَن يرتاد الأسواق أن هناك محال تجارية تمّ إغلاقها، بل لم يعد هناك حضورٌ للعمالة التي تعرض خدماتها في الأماكن المعروفة لمَن يطلب عمالاً على مدار الساعة، والأهم اختفاء العمالة المجهولة من الأحياء وأماكن تركزهم قريباً من الجسور أو محال بيع مواد البناء وغيرها من الأماكن التي يعرفها المواطن والمقيم، حيث تركز نشاط الحملات المشتركة بين وزارة العمل والجوازات التي تستطيع بما لها من قوة ميدانية وصلاحية أمنية أن تعالج الأوضاع غير الصحيحة للمقيمين.
ومَن يعرف سوق العمل السعودية لا يخفى عليه أن العمالة غير النظامية تمرّست على التعامل مع الحملات وتعلّمت الدرس تلو الآخر، بل أصبحت تلوذ بالجبال والأودية وتهجر المدن حتى تخف وطأة الحملة وتعود الأمور إلى مجاريها الطبيعية؛ لتخرج من مخابئها وتمارس نشاطها مع مَن كانت تعمل لديه أو تعود لتعمل لدى أشخاص آخرين يستطيعون توفير فرص العمل لهم بأجور زهيدة بعيداً عن أعين الرقيب، وخصوصا الجوازات التي تطبق تعليمات الترحيل والمغادرة على المجهولين أو أي عمالة غير نظامية تستحق الترحيل بموجب التعليمات المحدّدة من وزارة الداخلية، وهي في سياق أنظمة الإقامة والعمل السارية المفعول في المملكة.
إن الأرقام التقديرية للعمالة غير النظامية في المملكة متضاربة وغير دقيقة، لكنها تؤكد أن هناك نسبة عالية جداً وأنها تشكل خطراً أمنياً في بعض الحالات، وأصبحت بتكتلها وأوكارها تتكسّب رزقها من الجريمة لأنها لا تستطيع العمل تحت أي مظلة نظامية ولا بد لها أن تغطي احتياجاتها بشكل يومي، ولذا فهي عمالة تعيش على هامش الحياة وبصورة مستمرة ورغم ما تمّ ترحيله من هذا التكدُّس العمالي غير النظامي، فإنها تظل متجدّدة ودائمة، مما يفرض على الجهات الرسمية التعامل مع هذا الخطر بصفته دائماً، فالحملات المفاجئة محدودة الأثر ويجب أن تتصف بالاستمرار لكي تؤتي ثمارها وتوصل الرسالة النظامية إلى مَن يشغّلون تلك العمالة ويعتمدون عليها.
لقد تناول البعض من مناقشي ملف العمالة غير النظامية سلبيات عدم وجود أيد عاملة كافية لسد احتياج السوق السعودية، ومنهم مَن يرى أن سبب وجود هذه العمالة غير النظامية جملة من التعقيدات وصعوبة الاستقدام وغير ذلك من الشروط التي يرونها تعجيزية في حقهم، والواقع أن هناك عناصر أخرى مؤثرة لا يمكن تجاهلها، فسوق العمل السعودية غير متجاوبة بالشكل الكافي لبرامج السعودة من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الأيدي العاملة السعودية المؤهلة والمدربة غير موجودة في بعض الأعمال، بل هناك تراخٍ شديد من الأيدي العاملة السعودية في سد احتياج السوق، خصوصاً في المهن والحرف والأعمال الصناعية والتجارية والزراعية.
وبما أن هناك تعدداً في الأسباب وتراكماً في مكونات هذا الملف، بل تعدداً في العناصر المؤثرة في بقائه حتى اليوم دون حلول جذرية، فإن الهدف الذي يجب أن نركز عليه وألا نحيد عنه هو إعطاء الفرص مهما كانت يسيرة للأيدي العاملة السعودية، وتحويل مجرى الطلب إليها قدر الإمكان ثم ضمان تواجد العمالة النظامية فقط، ومكافحة أي تواجد للعمالة الزائدة أو غير النظامية مهما كانت طبيعة المخالفات، فقد آن الأوان أن تفرض وزارة العمل رؤيتها وبرنامج عملها وتنظف هذا الكم من الركام لمشكلات العمالة غير النظامية التي أصبحت تؤثر في حياتنا الاقتصادية والاجتماعية وتمس الأمن الوطني أيضاً.
تعليقات