لا شيء سيوقف «الحراك» الحكومي.. هذا ما يراه الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 754 مشاهدات 0


القبس

لا تبدلوا سياستكم.. بدلوا نشاطكم

عبد اللطيف الدعيج

 

جميع ما يسمى بالقوى السياسية في الكويت حصرت نشاطها السياسي أو اختزلته في مجلس الأمة. المجاميع الدينية، لها نشاطها الاجتماعي الذي تحوّل في أغلبه إلى «جباية» للتبرعات لتمويل النشاط الإرهابي او الدعوي في الخارج. لكن هذا النشاط ظل محدودا وصوريا، إن جاز التعبير. بل هو الآخر اصبح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمجلس الأمة. فتعتمد هذه الجماعات في إثبات وجودها على نوابها أو مؤيديها لإثارة التحديات الدينية ضد العصرية وإنكارا للجديد أو التغيير. الجماعات الوطنية ليس لها نشاط يُذكر خارج مجلس الأمة، فإقامة ندوة أو إصدار بيان ليس نشاطا سياسيا حقيقيا يقلب الموازين ويؤدي الى التغيير.

لهذا، فإن هذه المجاميع، وبعد ان اختارت طواعية مقاطعة الانتخابات الأخيرة، أي مقاطعة مجلس الامة، فقدت قدرتها وحضورها، بل حتى وجودها السياسي. واليوم هي تتداعى وتتنادى للخروج من أزمتها والعودة الى دائرة الضوء، وبحجة ان البلد في ازمة، وان هناك دعاوى للمصالحة والاتفاق الوطني.

مقاطعة الانتخابات لم تكن في مصلحة هذه المجاميع، فالحياة تسير، ولا شيء سيوقف «الحراك» الحكومي. خصوصا الادعاء المتواصل بأن %60 من الناخبين قاطعوا الانتخابات، وأن هذا كاف لترجيح وجهة نظر هذه المجاميع وقوتها. لأ.. %60 أو بنسبة أكثر صدقا %46 لم ينتخبوا وليس بالضرورة أنهم كلهم «قاطعوا» الانتخابات. هذا الفارق بين من لم ينتخب وبين من استجاب لدعوة المقاطعة، هو ما تصرّ المجاميع المقاطعة على إنكاره، وبالتالي تجيير كل من «تغيب» عن الانتخابات لمصلحة دعوتها للمقاطعة. هذا ليس مهماً الآن، فهو لن يغير من واقع الحال، الذي سيغير هو تصحيح نشاط هذه المجاميع، وضرورة عودتها الى العمل السياسي العام، بين الناس ومن خلال بقية مؤسسات المجتمع وليس مؤسسة مجلس الأمة وحده.

طبعا ليس بالضرورة حصر النشاط أيضا في التظاهرات والتجمعات التي يسهل قمعها من قبل السلطة بدعوى عدم قانونيتها، وينظر لها الناس بريبة بسبب تمردها، بل، ان كان استمرار التظاهرات ضروريا، فيجب أن يرافقه نشاط «إيجابي» لهذه المجاميع تطرح فيه رؤاها وتبشر به ببرامجها وخططها السياسية.

لقد مل الناس من دعاوى الفساد ومزاعمه وسرقات المال العام، وملوا من الطرح السلبي وكثرة النقد والاعتراض. الناس يريدون حلولا لمشاكلهم لا نقدا ولا تجريحا، وبالتأكيد ليس تطاولا على المثل والرموز، كما نبغ به بعض أعضاء المقاطعة مؤخرا. يريد الناس حلا لمشكل المرور، معالجة لقضية البطالة والبطالة المقنعة، موقفا وطنيا صادقا من التعليم، ومن التزوير المتعاظم للتحصيل العلمي. يريدون علاجا للمشكلة الإسكانية، اجتماعيا وليس معماريا. الناس يريدون أن يفهموا لماذا العمالة الأجنبية في ازدياد، ولماذا يجب ان تكون لديك واسطة في دولة عصرية يحكمها القانون. الناس ليسوا معنيين كثيرا بالعبث في المناقصات والسرقات في المشاريع بقدر اهتمامهم بفساد الأغذية وانعدام الأمن.

باختصار، أيتها المجاميع البائسة.. الفساد وسرقات المال العام، «سلوغنات» قد ترفع سهم او شأن مرشح مثل مسلم البراك.. ولكنها بالتأكيد لن تقود تنظيما سياسيا الى الامام او تفرض احترامه على الناس.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك