أحلام غبية

زاوية الكتاب

كتب 1582 مشاهدات 0


كل فتاة تحلم بحب حياتها، وتكون على استعداد تام لهذا الحب دون شروط محددة، ونلاحظ وجود صفات عامة إن توافرت بالشخص انطلقت الفتاة بكل ما تحمله من مشاعر إليه، كالشكل وحلو الكلم. إذ انه يندر وجود من هو أكثر عمقا بنظرته للحب كتجربة أولى خاصة في عمر صغير، تكون الفتاة وكذلك الفتى صغار بحيث أنهم لم يتعرفوا حتى على انفسهم كي يستطيعوا رصد الصفات المناسبة في شريك الحياة المنتظر. ومن هنا تتكون قرارات مصيرية خطيرة توجه حياة الفرد إلى درب يكتشف لاحقا بأنه ليس دربه، ليكون درب مشوه ممسوخ لا يمثل سوى علاقة ممسوخة هي الأخرى إذ ليس هناك من تطابق إلا في حال حالفهم الحظ. فالزواج بحد ذاته أمر آخر، قد ينجح وقد يفشل دون أن يمت ذلك بأي صلة للأسلوب الذي تم به. ومن هنا أكاد أجزم ليس بعدم وجود الحب، وإنما بعدم ثبوته على حال، وأكاد أسمي هذه الحالة أي اسم آخر إلا الحب، هي حالة تجيء وتذهب، تربك مسار الإنسان وتثبته في آن. قد نكون اليوم عاشقين، أو معشوقين، وقد لا نكون بالغد كما اليوم. هي مجرد حالة تطوف بنا وتختفي ثم تظهر فجأة لتختفي مرة أخرى وقد لا تظهر أبدا، قد تقل وقد تزيد، لا ينبغي أن يبنى عليها حياة بأكملها، ليس من المطلوب التحكم بالمشاعر بقدر ما هو مطلوب التحكم باستجابتنا لتلك المشاعر، كتشييد حلم غبي على سبيل المثال.
محظوظ هو من يدرك ذاته قبل ان يرتبط، وأرى بأن معرفة الذات من أول وأهم مراحل اختيار شريك الحياة، فيقلل من حدة الصدام. ومن أخطر الأمور اكتشاف الإنسان لذاته أثناء الإرتباط، خاصة إن كان الطرف الآخر بعيدا مختلفا، من الصعب تفهمه لحالة شريكه، سيظل يفسر كل تصرفاته وتغيراته على أنها ضده وضد الحياة معه متهما إياه بالأنانية واللامبالاة، ومن المحتمل أن يسبب ذلك فجوة بينهم، تزداد مع تضاؤل فهم أحدهم للآخر، ليشكل ذلك شللا للمتغير بحيث لا يستطع الرجوع ولا المضي.
لا أعتقد بالمستحيل، ولكل مأزق مخرج أيا كان اتجاهه. نستطيع التعامل مع معطياتنا بشكل مثمر دائما، متجاوزين عما نكره، ونبقى الأعلم والأكثر فهما بأنفسنا من غيرنا، لا يمنع ذلك من سماع الآخرين والاستفادة من تجاربهم، ولكن وفق خياراتنا المجردة.
خياراتنا، كلمة تعنينا لا سوانا، رغم ذلك فإن من الوارد جدا أن تعني الجميع سوانا في ظل مجتمع نمطي، ولابد من الوعي لأمر مهم كهذا، يجب التحقق من قناعاتنا ورغباتنا عن طريق صدقنا مع ذواتنا قبل الغير. بعيد كل البعد عن المجاملات والتقليد، ويجب أن نكون واعين بما فيه الكفاية كي نفرق بين ما نرغب وما يرغبون وما نشتهي وما يشتهون وما نقنع به وبما يقتنعون، يجب أن نعي عندما نجامل ونساير أننا كذلك، ويجب أن نعرف الفرق بين الخضوع والإستقلالية، بين حقيقة الإيمان وزيفه. عندما نتكاسل عن البحث الذاتي والتعمق بقلوبنا، فلا نكون نحن، بل نكون هم. عندما ندرك حقيقة ما بداخل أعماقنا ثم نكتمها مجاملة ومسايرة لخوف من ردود أفعال حادة، نكون خاضعين، ضعاف، ذوات إيمان مزيف. وبذلك نكون وفق خيارات الآخرين.
وبالنسبة لي، فالتعامل مع شخص مثير للجدل بسبب صدقه أفضل بكثير من التعامل مع ذو قشر نمطي مجهول الجوهر. وأود أن أقول: كن أنت تسلم وتفوز أيا كانت قراراتك في هذه الحياة. مع الشريك ودونه، فحقيقتك أبقى من غطائك وإن أعجب السواد الأعظم.

الآن - رأي - بثينة المطوع

تعليقات

اكتب تعليقك