سامي خليفة ناصحاً: الحراك السياسي يحتاج نظرة واقعية أكثر!!

زاوية الكتاب

كتب 890 مشاهدات 0


الكويتية

مصالحة أم 'مصادرة'؟!

د. سامي ناصر خليفة

 

في اللقاء الحواري الذي جمع المحامي مبارك الحريص مع النائب د.خليل أبل بقناة الوطن قبل أيام، لفت نظري إصرار الحريص على وصف كل من شارك في الانتخابات الأخيرة ووصل البرلمان بأنهم من جناح الموالاة الذي يعيش في كنف الحكومة، وأن هناك طرفين في الحراك السياسي لا ثالث لهما: هما المعارضة من جانب، والحكومة أو السلطة بمفهومها العام من الجانب الآخر.
وبالتالي فإن الحوار الوطني المطلوب لا يتم إلا من خلال مواجهة الطرفين لبعضهما البعض من أجل المصالحة الوطنية! ولفت نظري أيضاً إصرار النائب أبل على أنه يمثّل - ومجموعة من النواب - الطرف الثالث الذي لا يستسيغ أداء الحكومة والمعارضة معاً، ويعمل على تعزيز مفهوم دولة القانون ومواجهة الفساد من أي طرف كان!
وأحسب أن هناك ملاحظتين في تلك المواقف هما: أولاً أن خطاب الحوار الوطني من أجل المصالحة الذي يسعى النائب الحريص إلى طرحه كحلّ هو خطوة قيمية رائدة ومنهج سليم لا نملك إلا تشجيعه، لأنه يؤدي إلى التقريب بين خصوم اليوم ويدفعهم في الاتجاه الإيجابي بصورة تختلف عن الخطوات السلبية لبعض رموز المعارضة، ولكن خطوة كهذه لا يمكن أن تنجح في ظل النظرة السياسية لا الوطنية إليها. فهناك قوى وتجمعات سياسية وشخصيات مستقلة وصلت إلى البرلمان وبعضها لم يصل، التقت مع الحكومة في مواقف مشتركة وليس بالضرورة أنها تتوافق معها تماما، بل من يعرف بواطن الأمور وخفايا التكتيكات السياسية القائمة اليوم لا يمكن أن يجعل تلك التوجهات ومعها الشخصيات المستقلة في كنف الحكومة.
وكذلك الحال في الجانب الآخر، إذ إن هناك من القوى والتجمعات السياسية والشخصيات المستقلة التي التقت مصالحها في المعارضة مع رموز التأزيم وأصحاب النفس الإقصائي والإلغائي على نقاط وأهداف محددة، لا يمكن أن نتهمها بأنها مع المعارضة في كل ما يُطرح وكل ما يتم تبنّيه. ولأنه من الصعب أن نصنّف مكونات الحراك السياسي العام في البلاد اليوم، إما في جناح الحكومة وإما المعارضة، فإن من يتعامل مع فكرة الحوار الوطني كحل للخروج من المأزق عليه أن يوسع دائرة تشخيصه للواقع، كي لا يحوّل ثمرة الحوار الوطني من «مصالحة» وطنية شاملة إلى «مصادرة» تنتهي إلى إعادة ترتيب المشهد السياسي من جديد، مع اختلاف واحد فقط هو تبدّل الأسماء والقوى في مقاعد الموالاة والمعارضة!
ثانيا: مع كامل احترامنا وتقديرنا للمحامي مبارك الحريص، فإن رائحة الإقصاء والإلغاء كانت تفوح من ثنايا حديثه في اللقاء، خاصة مع تكرار رفضه لوجود خط ثالث يسعى للاستقلال من كنف الحكومة والمعارضة معاً، وتلك مفردة تستحق الوقوف عندها، إذ كيف لمن يريد إقامة حوار وطني لإخراج البلاد من مأزق سياسي خطير أن يحمل تلك التبعات النفسية في ذاته؟! وكيف له أن يمهد لإنجاح فكرة الحوار وهو لا يملك أدنى مقوماته؟! في وقت قد لا ألومه كثيراً نتيجة لعدم تبلور هذا الخط الثالث بصورة جدّية تجعل منه مثار اهتمام الحكومة والمعارضة معاً.
خلاصة المقال نقول، لابد من نظرة واقعية أكثر للحراك السياسي القائم اليوم. فليس كل من التقى رأيه مع مواقف الحكومة هو مؤيد لها على طول الخط، وليس كل من التقى رأيه مع مواقف المعارضة هو مؤيد لها على طول الخط، وعلى من لديه جهود لإقامة حوار بين الحكومة والمعارضة أن يجد حاضنة وطنية تستوعب الجميع، إن أراد حقاً انتشال البلاد من المأزق الذي وقعت به.

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك