البطانة الحديثة كما يراها ناصر المطيري هي 'مرتزقة القلم'
زاوية الكتابكتب يناير 15, 2013, 1:01 ص 732 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية / أمانة الرأي والمشورة
ناصر المطيري
قال الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- : «ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا وكانت له بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه».
وهنا يظهر لنا بجلاء مدى المسؤولية الخطيرة على من ينطبق عليهم وصف البطانة، ومدى الأمانة الكبرى الملقاة على كاهل البطانة التي تحيط بالحكام من حاشيته وجلساء ومقربين ومستشارين، والبطانة حقيقة واقعة موجودة عبر التاريخ في كل الممالك والدول.
ولاشك أن البطانة اذا صلحت تكون بمنزلة النور الذي يفتح للحاكم الجوانب المعتمة من الطريق بحسن الرأي وسداد الفكر، وتقترح وتنصح الحاكم بكل أمانة واخلاص ومسؤولية وشجاعة، ولابد لكل مستشار في هذه البطانة أن يكون ثقة مطلقة مأموناً فطناً عاقلاً حكيماً ناصحاً شجاعاً في الحق والحقيقة وأن يكون صريحاً واقعياً لا يجامل في عرض الواقع وان كان لا يرضي الحاكم في طرحه لرأيه وعرض فكرته، فقد ورد عن الصحابي الجليل عبادة بن الصامت أنه حدّث بحديث عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- فاستنكره الخليفة معاوية، فقال عبادة: لنحدِّثنّ بما سمعنا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وان كره معاوية.
ومن ثمرات البطانة الصالحة المشورة بالرشد والسداد للرأي، لأن الأصل في المستشار الأمانة والصدق، والاشارة بالأصلح، لقوله النبي - عليه الصلاة والسلام - «المستشار مؤتمن»، وفي الحديث: «من استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه»، فانظر فيمن وثقت، وبمن استرشدت، فكل امرئ يحشر مع بطانته المختارة، لأن «المرء مع من أحب» كما أخبر رسولنا الكريم.
ومن خطورة البطانة إذا فسدت أنها قد تحسّن القبيح، أو تقبّح الحسن بالوسوسة والتظاهر بالاخلاص، والنفاق والكذب وكتم الحقيقة أو الواقع، فكم من بطانة فاسدة متملقة منافقة متسلقة، قامت بتغيير الحقيقة لمآرب شخصية، دون النظر في مصلحة البلاد والعباد، فكانت وبالاً على الحكام وسببا في افساد العلاقة بين الشعوب وحكامها.
وفي العصر الحديث لم يعد مفهوم البطانة مقصورا على المحيطين بالحكام من وزراء ومستشارين وأعيان القوم بل ان البطانة الحديثة هي «مرتزقة القلم» من بعض الكتاب والصحافيين ممن (يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون)، فهؤلاء تأثيرهم أبلغ وأقوى من المستشارين والأعيان الذين يضللون الحكام لأنهم يضللون المجتمع بثقافة زائفة ويستدرون رضا الحاكم للفوز برضاه وانعامه عليهم على حساب مصالح الناس وحقوقهم ومكتسباتهم.
تعليقات