الحكومة والشعب مسؤولان عن الفساد.. بنظر عواطف العلوي
زاوية الكتابكتب يناير 6, 2013, 12:03 ص 813 مشاهدات 0
الكويتية
مندهشة / أيهما جاء أولاً.. فساد الحكومة أم فساد الشعب؟
عواطف العلوي
على غرار السؤال الأزلي الذي لم يرحنا أحد بالإجابة الشافية عنه حتى الآن: أيهما جاءت أولاً.. الفرخة أم البيضة، يأتي سؤالنا اليوم والأشد تعقيدا من سابقه: أيهما جاء أولاً.. فساد الحكومة أم فساد الشعب؟
يمكنني اللجوء إلى الإجابة الأسهل، وصاحبة القبول الأكبر لدى أغلب القرّاء، وهي «إذا كان ربُّ البيت بالدف ضاربًا... فشيمة أهل البيت كلّهم الرقص»، وأُدرك أنه من المريح جدا لأي منا أن يلقي اللوم في أي مشكلة أو خلل باللوم على الطرف الآخر..!
لكني هنا لن أنساق خلف هذا الإغراء النفسي، بل سأتطرق بحيادية -قدر المستطاع- إلى دور كل من الحكومة والشعب في تفشي الفساد، بل واعتباره مسلكا اجتماعيا مقبولا غير مستهجن من قِبل الكثيرين..!
فالحكومة مسؤولة عن الفساد، حين همَّشت القوانين التي تجرِّم الفساد ولم تفعِّلها، ولم تمنح مؤسسات كشف ومتابعة ومحاسبة الفساد الصلاحيات اللازمة والكافية، وتفننت في منع محاكمة رموزه بكل الحيل والسبل، بل وكافأتهم بمناصب قيادية كانوا فيها هم أصحاب القرار، فتفشّى الفساد واستشرى كالسرطان في شرايين الوطن ومفاصله، حتى بات مسمَّى الفساد مرادفا لمسمى الحكومة، لصيقا به! حين أدى تسيُّبها إلى التماع بريق الثروات السائبة في عيون اللصوص والمختلسين من مواطنين ووافدين، فتسابقوا في نهش لحم الوطن، و«التحلية بكعكته» الدسمة عبر مناقصات فاسدة وصفقات مشبوهة وإيداعات وتحويلات تنتفخ بها حساباتهم حتى التخمة، غير عابئين بتعطل أغلب مشاريع التنمية والتطوير، وتخلُّف جميع القطاعات الخدماتية والاجتماعية والاقتصادية بشكل مزرٍ بائس!
حين تجاهلت كنز الأمة الحقيقي –الشباب- بإهمالها تطوير التعليم ومناهجه فكانت مخرجاته مأساوية صادمة.
حين قَتل الفساد الإداري والبيروقراطية التي ترعاها الحكومة برمش عينها روحَ الطموح والمنافسة والرغبة بالعمل والعطاء، بعد أن انعدمت العدالة الاجتماعية والوظيفية وتكافؤ الفرص، لتقول للمخلصين والمجتهدين: طريقك مسدود مسدود يا ولدي.. إلا بواسطة تفتح لك الأفق!
حين ترفض أن تكون منتخَبة شعبيا ولا مجال لمساءلتها دستوريًا.
حين تقوم بتغييب وتهميش الدور الحقيقي للسلطات التشريعية والإعلامية والقضائية بل والمنابر الدينية وتتلاعب بها وتحيلها إلى مجرد خيوط في يدها تحرِّكها ضمن دائرة فرض صوتها وضمان مصالحها وإنجاح حساباتها، وأدوات تعزز بها الاستفراد بالقرار، وأقلام وقنوات وصحف تشتريها لتلميع صورتها ولتمجيدها والحلف بشرفها ونزاهتها، ولتبرير ما تقوم به من قمع واستبداد وملاحقات جائرة لكل صوت معارض، حتى لو كان الثمن تأجيج نار الطائفية والقبلية والمذهبية!
أما المواطن.. فهو ضالع في هذا الفساد حتى الرُّكب، مسؤول عنه أيضًا، حين رأى الفساد واستمرأه وسكت عنه، بل وتعامَل معه بقبول ورضا وربما بدعم، جاعلاً مصلحته الشخصية على المدى القريب فوق مصلحة الوطن والأجيال القادمة على المدى البعيد، حين ينتخب ابن العم أو ابن القبيلة أو ابن الطائفة ليكون ممثّل الشعب في البرلمان، حتى وإن لم يكن على قدر المسؤولية والكفاءة والنزاهة والإخلاص، وبدلا من أن يكون هذا النائب حجر الأساس للإصلاح، يصبح عونا للفساد وضمن حاشيته!
حين يتكاسل عن تعلّم حقوقه التي كفلها الدستور ومواثيق الإنسانية، فيَعتبر أي عطاء حكومي له منّةً منها عليه، وفضلا يظل يمجد ويعظِّم فيه حتى آخر عمره!
حين تهاوَن الآباء في زرع بذور الوطنية الصحيحة والعطاء الحقيقي في نفوس الأبناء وتنشئتهم على مبادئ العزة والكرامة التي تؤهلهم لمواجهة الفساد والمفسدين بكل إيمان وثقة وشجاعة، فظهرت لدينا أجيال ولاؤها لدولة الفساد، وليس لدولة الحق والعدالة!
الطرفان مسؤولان عن الفساد الذي يتعملق برعاية من الجميع إلا من رحم ربي، ولكن يظل وزر الحكومة أكبر من وزر شعب يذعن لسياستها كُرهًا.. كي يعيش!
تعليقات