المسيرات الكويتية بين الغضب والسلمية
زاوية الكتابكتب ديسمبر 15, 2012, 12:23 ص 1174 مشاهدات 0
تابع الجميع انطلاقات الثورات العربية التي دشنت احداث الربيع العربي واشترك الجميع في التساؤل حول استشفاف المخاوف والاحتمالات التي يمكن ان تحصل.
وقد طور الجميع خبرة مفادها ان نتوقع ما لا يخطر علn البال، فقفز منذ الوهلة الأولى النموذج الفلسطيني لأطفال الحجارة الذي يشكل صورة رمزية مخزنة في الذهن العربي لأؤلئك الأطفال الذين يستنشقون غازات الخوف والرعب ليعلنوا صمودهم امام ممارسات العدو المتمترس وراء مظاهر القوة والمدرعات والحجج التي يروجها عالميا عبر إعلامه الكاذب وهو حماية النظام والأمن.
ومنذ تلك اللحظات، فقد خلق المشاهد العربي عواطفة مع إرادة الحق التي تقاوم القوة القمعية وبسرعة تضخم المخيال واللاوعي العربي وغزا الشارع العربي صور أطفال وشباب العرب الذين يكافحون سلطاتهم وفسادها وقمعها وممارسات التخويف التي أعادت صورة الادوات التي استخدمها العدو الاسرائلي لكنها في هذه المره أضحت صناعة من رحم الانظمة العربية بل تجاوز بعضهم - كمعمر والأسد - حدود الفعل ليتحول الاسرائلين لمشهد مقبول مقارنةً بطغاتنا! وكأنهم يقولون 'رحم الله الحجاج!'.
نعم أدرك الانسان العربي البسيط ان الإشكال مع اسرائيل هو في حقيقته إشكال مع سلطته وما تمنعه من حقوق وحريات وما ترعاه من فساد واجرام.
والمشهد الكويتي يفاجئ القارئ والمتابع فككل الدول التي بدا فيها الربيع، كرر الكل بأننا استثناء ونحن نختلف عن غيرنا من الأنظمه، فقد أصر القذافي علي اختلافه عن مصر وتونس وأصر الاسد أيضا انه مختلف لعدم وجود سلام بينه وبين اسرائيل!
فهل انظمتنا الخليجية ، سواء في الكويت أو البحرين، مختلفه هي الأخرى وفي هذا السياق الذي ناقشناه سلفا؟
من الحكمه عدم الاستعجال في هذا الامر ولكن الأكيد أن جميع الأنظمة لديها فرص لتقترب من شعوبها وتسمع لتظاهراتهم العفوية! فبمجرد أن تسير الحشود الضخمة وبهذا القدر الغير مسبوق وفي اكبر مسيرة شهدتها المنطقة ككل مسيرات كرامة وطن، هو أمر يدعو فعلاً للحذر والتخوف والترقب، لأن هذا يعكس فعلاً درجه عالية من الرفض للسلطة (الفردية) وممارساتها حتى إن حاول من يسير في هذه المسيرات ان يكرر حرصه على النظام وضبط النفس فان المسيرات بذاتها ثقوب في ثوب الشرعية!
ولاشك ان المسيرات المناطقية الشبيهة بالصورة الفلسطينية التي تشكل تطورا اشد عمقاً فهي تعكس في ذات الوقت حجم الغضب على السلطة عند ابناء هذه المناطق، وأن الحكمة تستدعي ان لا يتم إعادة نفس حماقات الأنظمة التي أسقطها الربيع، لنتذكر أن انصار القذافي ومستشاريه والمقربين منه قد رددوا مراراً أن المسيرات هي فقط في بن غازي ولم - ولن- تصل لطرابلس!
وكذلك الأسد ما زال انصاره يرددون أن الاحتجاجات والمسيرات هي في الارياف وخارج دمشق، فليس المهم اي مناطق التي تخرج للاحتجاج بل كيف استجابت السلطة للاحتجاجات؟ هل مشت في طريق القذافي ومبارك والأسد في اتباع الحل الامني ام انها سلكت - وستسلك- طريق الاستجابة للشعب ؟!
الدكتور عبدالهادي العجمي
استاذ تاريخ بجامعة الكويت
تعليقات