'فلنبدأ في تصحيح المسار الآن'.. خديجة المحميد مناشدة الكويتيين

زاوية الكتاب

كتب 893 مشاهدات 0


الأنباء

مبدئيات  /  لنبدأ الآن

د. خديجة المحميد

 

حينما يكون الحديث عن التغيير الذي هو ضرورة من ضرورات الحياة الطبيعية وسمة من سمات الكائن الحي، فإن الذهن يتجه غالبا لقادة التغيير الذين يصنعون الأحداث والمستجدات، بينما في حقيقة الحال نحن جميعا قادة لأي تغيير في حياتنا ومجتمعاتنا، سواء كان سلبيا أو إيجابيا، وأي تطور في بلدنا فإنه يحمل مؤشرا لمركب قراراتنا وخطانا نحو صنعه. كلنا ساخطون من تعدد مظاهر الفساد وتزايدها، ونتألم من تعطل التنمية بل توقفها في بلد أنعم الله عليه بدخل وفير من خيرات الذهب الأسود، بل ان ضرورات الحياة بدأت تفقد لكثير من شبابنا كفرص استكمال التعليم الجامعي وفرص الحصول على الوظيفة وتأمين السكن الأسري اللائق. ولكن كم منا فكر في أن يزيل هذه العثرات؟ بل كم منا من بدأ بإزالتها فعلا؟ والذين بدأوا حراك التغيير كيف سعوا لإنجازه؟

تستوقفني الحكمة العملية في حكاية المرأة الصينية المسنة التي كانت تحمل اناءين كبيرين مربوطين بعمود على كتفيها، لتنقل بهما الماء. كان أحد الإنائين به شرخ والآخر كان سليما ولا ينقص منه شيء من الماء. ولمدة سنتين كاملتين كانت المرأة الصينية تصل بالإناء المشروخ من النهر إلى المنزل وبه نصف كمية الماء فقط مما جعله محتقرا لنفسه لعدم قدرته وعجزه عن إتمام ما هو متوقع منه، بينما كان الإناء السليم مزهوا بإنجاز عمله كاملا. وفي يوم من الأيام تكلم الإناء المشروخ مع السيدة الصينية معبرا عن خجله لعجزه عن اتمام مهمته بسبب شرخه فقالت له: ألم تلاحظ الزهور التي على جانب الطريق من ناحيتك وليست على الجانب الآخر؟ أنا أعلم تماما عن الماء الذي يفقد منك ولهذا الغرض غرست البذور على طول الطريق من جهتك لترويها في طريق عودتك، وطوال السنتين قطفت من هذه الزهور الجميلة لأزين بها منزلي، ولولا وضعك هذا ما كان لي أن أجد هذا الجمال يزين منزلي.

مرت علينا احتفالية مناسبة الخمسين عاما لدستورنا بعد إقفال قيد تسجيل المرشحين لبرلمان 2012 الثاني بعد السابق المبطل في ظرف من التناحر السياسي الشديد الذي وصلت شدته إلى أن كل طرف وجد فيه من يسقط الطرف الآخر ويشينه ويهتكه ويخونه.. ما هكذا تورد الأمور يا أبناء وطني الأعزاء. فلعل ذكرى اتمام الخمسين عاما لدستورنا الرائع وفرحتنا جميعا بها تستوقفنا لاسترجاع أنفسنا وطبيعتنا الكويتية الأصيلة أننا مهما اختلفنا وعلت أصوات بعضنا، نعود ويحتضن كل طرف استعدادات الآخر ويكملها، نعم لنتكامل بنهضة جماعية لترجمة بهجتنا بدستورنا إلى فعل حقيقي بتطبيقه واقعا على الأرض كل من موقعه، لا ننفي ولا نسقط من يعاني عجزا أو قصورا في الوعي أو العطاء، بل نزرع في مساره بذور التوعية والتدريب والصبر كما فعلت المرأة الصينية لتتحول طاقته المهدورة إلى معين عطاء يجود بالورد والرياحين للوطن الغالي. كلنا قادة التغيير وأبطاله إذا قرر الطالب ألا يغيب عن مدرسته ويجتهد في تحصيله العلمي بأمانة، وألا يتمارض الموظف عن دوامه وعمله، وإذا أنصف كل مسؤول ومدير موظفيه وعاملهم بالعدل والإحسان، وإذا اجتهد كل منا في تطبيق القانون واحترامه، وسعينا في أسرنا ومدارسنا لترسيخ ثقافة احترام القانون وترسيخه وترجمتها إلى واقع سلوكي حي، وإذا تحركنا لتطوير حياتنا السياسية ودستورنا من خلال الأطر والروح الدستورية الراقية التي تسالمنا عليها منذ صياغة الدستور قبل خمسين سنة، لنعتبر الفترة التي مرت علينا عصارة تجربة نطور بها آليات حراكنا إلى التي هي أفضل، نحترم قرار من قاطع الانتخابات ولا نسقطه، ونقر بحق من قرر أن يباشرها ولا نحاربه، ولكل مجتهد أجر ما دام هدف الجميع حب الكويت ورفعتها. فلنبدأ في تصحيح المسار بلا تردد، لنبدأ الآن.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك