سيف التخفيضات يطيح بآلاف الرؤوس في مصارف الاستثمار بقلم دانييل شافير وجنيفر

الاقتصاد الآن

423 مشاهدات 0


من المنتظر أن تقلص مصارف الاستثمار الأوروبية الإنفاق على موظفيها بنسبة 20 في المائة على الأقل وأن تخفض عشرات الآلاف من الوظائف في السنوات القليلة المقبلة، طبقاً لتقديرات مستشارين وخبراء، لأن التنظيمات والضوابط الأكثر إحكاماً والاقتصاد الضعيف يحثانها على إعادة التفكير في نماذج أعمالها.

وأظهر قرار مصرف 'يو بي إس' الأسبوع الماضي تخفيض عشرة آلاف وظيفة الضوء المسلط على قطاع لا يزال يحاول بعد خمس سنوات من الأزمة المالية أن يتصدى لحالة من عدم الكفاءة تلتصق بسمعته.

وبحسب أدريان هاركين، الشريك في 'كي بي إم جي': 'العديد من الأعمال التجارية كانت تدور حول تعظيم الإيرادات – بينما لعبت ضوابط إدارة التكاليف دورا ثانويا'.

وأضاف: 'إذا ما ألقيت نظرة على ما أعلنت عنه المصارف بعد الأزمة المالية، فستجد أنها تضيف ما يصل إلى 10 في المائة على نطاق واسع من تكلفتها الأساسية. لكن السوق تميل إلى أن التكلفة سيتعين تقليلها بواقع الضعف على الأقل، لاكتساب القدرة التنافسية'.

ويشير ستيفان رامبوسون، المدير المشارك في شركة فيني بارتنرز للبحوث الاستشارية التنفيذية، إلى أن المصارف الأوروبية ستخفض عدة آلاف إضافية من الوظائف في السنوات القليلة المقبلة، سعيا إلى تحسين مستويات الربح الضعيفة.

وتعاني المصارف الأوروبية مسائل دورية مثل الاقتصاد الضعيف، وقلة النشاط التجاري، وتكلفة التمويل الأعلى، وبيئة أسعار الفائدة المنخفضة، وهي أمور تضاف جميعها إلى الصعوبات الهيكلية الناتجة عن الرقابة المشددة وتجعل مناطق أعمال معينة غير اقتصادية للجميع باستثناء الشركات الكبرى.

بعد مزيد من التخفيضات التي جرت على نطاق واسع في السنوات القليلة الماضية، تحول العديد من المصارف هذا العام إلى مقاييس أكثر حسما لتقليص الأعمال التجارية الجانبية. وسيتخلى مصرف 'يو بي إس' تقريباً عن كافة تداولات الدخل الثابت، وفي النهاية سيخفض القوى العاملة لديه بأكثر من الثلث عن مستويات ما قبل الأزمة.

مثال آخر هو مصرف نومورا الياباني، الذي سيخفض بضعة مئات من الوظائف في عمليات الأسهم النقدية والاستثمارات المصرفية الأوروبية في إطار حملة لتقليل النفقات بواقع مليار دولار.

وأعلن مصرف رويال بانك أوف سكوتلند هذا العام تخفيض 3500 وظيفة بعدما أغلق أو باع وحدات للوساطة، والأسهم النقدية، وأعمال أسواق رأسمال الأسهم وركز على مجالات مثل الدخل الثابت وإدارة المخاطر.

وبعض المصارف الأوروبية الأكبر، مثل دويتشه بانك وكريدي سويس، تقلل النفقات عموماً في كافة القطاعات بدلاً من استهداف مجالات عمل معينة، ما حث المحللين على التساؤل إذا ما كان يتعين اتخاذ خطوات أكثر جرأة في أرجاء القطاع.

ويعتقد جون تيري، الشريك في شركة بي دابليو سي 'أننا سنرى تراجعاً في توسع ما قبل الأزمة المفرط'، مضيفاً 'هذه البنوك التي تكافح ستكون ميالة أكثر إلى اتخاذ إجراءات أكثر جذرية وأكثر قوة، مؤكدة بشكلٍ ضمني أن مصارف الاستثمار بحاجة للتركيز على هذه المجالات التي بإمكانها جني الأموال منها'.

ومثل هذه المجالات ستكون منتشرة بصورة أكثر تفرقا في عالم فيه المزيد من القواعد الصارمة على رأس المال. وستحدد التنظيمات الجديدة – مثل CRD4، التطبيق الأوروبي لأحكام بازل 3 الخاصة بقواعد رأس المال – بعض معالم الأعمال، مثل تجارة الدخل الثابت الصالحة اقتصادياً للمصارف الأكبر، أو تلك التي لها هيكلة مالية أقل.

ويتوقع محللون أن يخضع مصرف كريدي سويس، الذي يرتبط مثل 'يو بي إس' بقواعد سويسرية صارمة خاصة برأس المال حالت دون جعله ضمن الفئة العليا من شركات الدخل الثابت، أن يقع تحت ضغط مماثل لتخفيض الوظائف مثلما فعل منافسوه المحليون. ويعمل المصرف فعلياً على برنامج أعلن عنه العام الماضي لتخفيض 3500 وظيفة. ويتوقع مطلعون على الأمر من الداخل أن تخفض خطته من النفقات بمقدار ملياري فرانك سويسري (2.1 مليار دولار) الأمر الذي يستلزم تخفيض ألفي وظيفة أخرى على الأقل.

وفي مجالات أخرى مثل عمليات الدمج والاستحواذ، أو استشارات أسواق رأس المال، التي لم تصب برسوم مالية أعلى لكن بضعف الاقتصاد وشعور بكساد السوق، تتجه معظم المصارف إلى الإبقاء على خبرائها، لكنها ستتحول إلى الأصغر سناً والأقل أجراً.

ويقول تيري: 'سنرى بعض الاضطراب حيث سيغادر المصرفيون ذوو الأجور الكبيرة وسيتم تعيين الأشخاص ذوي الرواتب الأقل في المناصب نفسها لجعل أنموذج العمل يعمل في تلك المنطقة المحددة'.

لكن بعضاً من التخفيضات الكبرى سيكون على الأغلب في الأعمال الثانوية. ويقول رامبسون، من 'فيني بارتنرز': 'أحد أكبر المشاكل هو أن النسبة بين المكاتب الأمامية والخلفية تفاقمت. في بعض المناطق تصل إلى 3:1 أو حتى 4:1. هذه تعد نفقات ثابتة ضخمة وسيتعين تغييرها'.

وفي حين أن عدد وظائف الأعمال الرئيسية سجل انخفاضا – بمعدل 9 في المائة في أكبر عشرة مصارف استثمارية عالمية منذ 2010، طبقاً لبيانات من التحالف – إلا أن المصارف أضافت عاملين في الوظائف الثانوية في الأعوام القليلة الماضية، وعلى الأخص في مجالات مثل الامتثال والمخاطر.

لكنها تغير المسار لأن عليها إيجاد طرق لتحسين عائداتها القليلة تاريخياً. ويقول هاركينز: 'تتجه المصارف الاستثمارية في النهاية نحو أنموذج منفعة في المجالات التي ليس فيها تعامل مباشر مع العملاء، وهو الشيء الذي اتجهت إليه العديد من الصناعات منذ عدة أعوام'.

ويمكن أن تمثل نفقات العاملين ما يصل إلى 70 في المائة في المصارف الاستثمارية، وهي نسبة أعلى بكثير من مصارف التجزئة التي شرعت في التقليل من مستويات نفقاتها منذ عقدين من الزمان. وينوي دويتشه بانك، مثلا، تقليص 23 في المائة من نفقات البنية التحتية الخاصة به في الأعوام القليلة المقبلة.

وفي حين أن بعضاً من هذه الوظائف انتقلت إلى أماكن في الخارج، مثل شرق أوروبا وآسيا، فإن آخرين سيقعون على الهامش ببساطة حيث الوظائف المساندة المنفصلة مسبقاً أصبحت مركزية.

ويقول تيري: 'هناك طريقتان للمصارف الاستثمارية للتقليل من تكاليف الأجور: طرد الناس، أو أن تستبدل بهم أناسا أقل تكلفة'.

حي المال يفقد بريقه


وشجع الهبوط الحاد في وظائف قطاع الخدمات المصرفية كلاً من الخريجين والمستثمرين المصرفيين على إعادة هندسة حياتهم المهنية.

وعقب توقعات من مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال بأن أكثر من 30 ألف وظيفة ستذهب إلى حي المال في لندن هذا العام، بدأ خريجو الجامعات في فقدان اهتمامهم بما كان يعتبر طريقا براقا للثراء.

وبحسب جوردون كيستيرمان، مدير الخدمات المهنية في جامعة كامبريدج 'الاهتمام بالوظائف المصرفية الاستثمارية التقليدية انخفض في جامعة كامبريدج' على الرغم من أن الطلاب الجامعيين نظروا إلى عوامل مثل الاتزان بين الحياة والعمل، كما قال إن الأمان الوظيفي لعب دوراً أيضاً. وانخفضت فرص العمل في قطاع الخدمات المصرفية البريطاني بواقع الربع تقريبا في الأشهر من تموز (يوليو) إلى أيلول (سبتمبر)، مقارنة بالعام السابق، طبقاً لشبكة الوظائف العالمية 'إي فاينانشيال كاريرز'.

وهبط عدد الوظائف المالية في أوروبا القارية بنسبة 28 في المائة.

وقال مصرفي يبلغ من العمر 28 عاماً في مركز المصارف الاستثمارية الرئيسي في لندن، كاناري وورف: 'أعتقد أن هناك اهتماماً. ليس هناك الكثير المتوقع من حيث المكافآت. الناس سعداء تماماً كون أن لديهم وظيفة في اللحظة الراهنة'.

ووفقا لخبراء التوظيف، حتى المصرفيين الاستثماريين الكبار كانوا يتطلعون إلى تطوير أنفسهم وسط آفاق كئيبة للوظيفة والأجر. ويقول ستيفين رامبوسون، المدير الشريك في 'لإيني بارتنرز'، وهي شركة بحث استشارية تنفيذية: 'نجري الكثير من المناقشات مع مصرفيين كبار ومن هم دونهم حول كيفية إعادة تهيئتهم'.

 

 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك