الجميل في مشهد الغضب بالكويت

زاوية الكتاب

قداسة السلطة تتلاشى وسط حماقة واستفزاز قنوات الإسفاف

كتب 1921 مشاهدات 0

من الأرشيف

لا شك أن استخراج السيئ و القبيح من المشهد  الحالي هو ممارسة كل الباحثين عن علاج للواقع الموجود  وعلية سنجد ان اغلب مقالات المصلحين والكتاب والمفكرين تميل بشكل أو أخر لتأخذ نزعة التشكي!

وحتى المتنبي ضاق ذرعاً بلزوم حالة التشكي والنقد للواقع بقوله:

الا ليت شعري هل اقول قصيدةً

فلا اشتكي فيها ولا اتذمرُ .

لكن  اليوم انا سعيد وبعيد عن التذمر لعدة امور في مشهدنا السياسي  وعلى الرغم من أن الاستفزاز الواقع على الجميع أكبر بكثير من ردود الفعل إلا أن الواقع يقول أن ما يجري ارهاصات لمستقبل جديد ومرحلة أولى لردود أفعال ستغير بلا شك الموجود السيئ إلى الأفضل المنتظر. (وأنا سعيد بذلك).

أجدني كذلك سعيد بخطاب ديوان النملان (الذي لن أشير لما كان  ينقصه) ولكنه بلا شك لأمس واقع تصوراتي لما يجب ان يقال.

وكذلك سعيد بأن الشباب استطاع صياغة  وإيجاد أطروحة توافق تمثل المخرج الوحيد للوضع الحالي المتأزم وهو (الحكومة المنتخبة) .

أيضاً سعدت أن الشباب وعندما تراجع  موقف الأغلبية في تبني الحلول الفاعلة  انسحبوا من ديوان المناور عندما لم يروا أن هناك  موقف ورؤية واضحة توافقية تستطيع الخروج بنا من مرحلة عدم تمكين الشعب.

إن المتأمل لموقف الشباب اليوم يرى أنه أصبح عنصر فعال في جميع الرؤى والاطروحات والحلول والمعادلات  السياسية بكافة جوانبها ، بل لم يعد شبابنا أداة دعم أو ثقل لتكتلات بعينها بل أصبح لاعب اساسي ومرجح لأي صيغة حل ، واصبح أحد أهم أطراف المعادلة بين السلطة والمجتمع.

وأجدني أيضا سعيد بأن البعض من أصحاب القرار والمقربين من دوائر السلطة يدعمون قنوات الاسفاف والحمق التي تستفز الشعب فهذه القنوات بغبائها تقضي بصورة فاعلة علي كل مظاهر وأركان تقديس السلطة في صدور الشعب وعقولهم (فهم يهدمون بأنفسهم أصنامهم التي طالما حاولوا تدعيم أركانها ) ومهما حاولنا التنبية و النصح بأن التقديس للسلطة معطي وهمي وبقايا عصور التخلف والجهل التي تم غرسها في العقول لسنوات ( فلن نستطيع إقتلاعها من جميع العقول) .

لكن جاءت استفزازات هذة القنوات الصفراء (التي يعرف الجميع  إنها مقربة أو على علاقة بشكل أو بأخر مع دوائر السلطة ) لتساعدنا وبسرعة على أن ينتهي هذا التقديس ويضمحل ويتلاشي في نهاية الامر !

إن سعادتي بوعي شبابنا الواعي لا يقل سعادة أيضاً عن شعوري بأن الربيع العربي  الذي نراة حولنا بات يهدد أركان وبقايا عبدة السلطة وصانعي توابيت القداسة حولها .

اننا نراهم اليوم مرتبكون متوجسون لا يعرفون أين يخطون خطوتهم القادمة  فلا يوجد مكان لقدم بعد أن بلغ الغضب والشعور الشعبي  اليوم ذروته (ذلك لأن السلطة بطبيعتها كائن قلق  دائم التوجس والخوف من قدرة الافراد  والمجتمع على معرفة قوتهم الجمعية).

انا سعيد أيضاً بان أفراد التطبيل للسلطة وقداستها  مستنفرون ويبكون على الهيبة والتقديس الذي ذاب في حرارة افعال الاستفزاز!  سعيد ان دموع قنوات الشتم للشرائح الاجتماعية تبكي  وتسيل على جوانب الشاشات (وهذا يثبت ان تحفزهم وعنصريتهم والشتم في بعض الاحيان لكل من يحاول الاقتراب من هالة القداسة الوهمية شعور متلازم ودائم لديهم ).

سعيد ان الجميع أدرك ان استفزاز  الشعوب لا ينتج عنه غير ردود فعل أقوى وأكبر من فعل الاستفزاز ذاته - وستثبت الشعوب أنها لن تقف اليوم مكتوفة أمام أي عمل عدائي واستفزازي ضدها ، فلن يصفق أحدنا اليوم لفاسد أو متجاوز أو منتهك لحق (كما كان يحدث من قبل).

فالافعال تناسبها ردودها كما قال المتنبي

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا

 مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى

 الدكتور/ عبدالهادي العجمي

استاذ التاريخ

جامعة الكويت

بقلم: الدكتور عبدالهادي العجمي

تعليقات

اكتب تعليقك