ما بين ندوة النملان و الخليفة - يكتب الرشيد
زاوية الكتابالندوتان بديوانهما وضعتا صنّاع القرار أمام مسئوليتهم التاريخية
كتب أكتوبر 14, 2012, 2:09 م 1719 مشاهدات 0
تابعت كما تابع غيري مجريات الأحداث و التطورات المتسارعة بالساحة المحلية وما صاحبها من شد وجذب ومابين الأربع أصوات أو صوتين و مابين انتظار حكم المحكمة الدستورية الذي وضع الحكومة في موقف لا تحسد عليه ، كلنا يعرف بأن الإحالة التي قامت بها الحكومة هي إحالة سياسية وجاءت كنتيجة حتمية لتطور استخدام الأدوات الدستورية بالمحاسبة والمراقبة والتحقيق والتشريع وهي الأدوات التي كفلها الدستور لعضو مجلس الأمة ، هذا من جانب ومن جانب آخر فقد وضح بشكل جلي و منذ ما قبل ظهور نتائج الانتخابات وهذا الرأي أنا شخصياً صرحت به بأن مجلس الأمة لن يستمر وكان قبيل ظهور نتائج انتخابات 2012 وذلك لم يكن تنجيما وإنما كان توقع وحدس متابع يدرك مدى الضيق المحلي والإقليمي من دور مجلس الأمة ، وأكد ذلك مخرجات الانتخابات التي فقدت بها الحكومة الأغلبية لأول مرة بتاريخ الحياة البرلمانية بالكويت منذ نشأتها.
لذلك كان مشروع حل البرلمان موجود على الطاولة وكان ينتظر أي مناسبة لكي يقفز عليها ويلتقط هذا المشروع ويطرح على الواقع وعندما وصلت لجنة التحقيق في الإيداعات والتحويلات المليونية لمعلومات خطيرة أدت إلى استقالة وزير الخارجية ومحافظ البنك المركزي اللذان رفضا أن يكونا كبش فداء أو بأن يقفوا بموقف أمام اللجنة رغم مناصبهم الكبيرة وكأنهم آخر من يعلم عن تلك التحويلات التي تدخل من ضمن صلب أعمالهم ومسؤولياتهم حتى برز مشروع الحل لتخلص من هذه الورطة الحقيقية ، و وفق نظرية دعهم يحوسون بالواقع وتعقيداته سحبوا مشروع قانون الدوائر الخمسة من على الطاولة وأحيل للمحكمة الدستورية بحجة عدم عدالة توزيع الدوائر، وهنا رغم الغبن الذي شعر به المجتمع من ذلك إلا أن الضغط كان كبيرا وغير متوقع من الآلة الإعلامية الرسمية أو المدعومة التي يسميها المناوئين لها بالإعلام الفاسد ، بالإضافة إلى استخدام المال السياسي كالعادة لشراء الأقلام والولاءات ، وبعد صدور حكم المحكمة الدستورية الشهير تنفس المجتمع بأسره لهذا الحكم الذي خيب ظن من حاول إقحام المحكمة الدستورية بصراع سياسي وانكشفت كل خيوط اللعبة بشكل جلي و واضح ، مما وضع الحكومة بموقف لا تحسد عليه حقيقة أما الآن وبعد ذلك الحكم لم يكن هناك أي تبرير يمكن تسويقه لكي يقتنع المجتمع بتياراته وشخصياته السياسية والاجتماعية بأن لا يدعى لانتخابات برلمانية ،ولكن تفتق الذهنية والعقلية المستعدة لكل التوقعات تم تسريب قضية عدد الأصوات لأنها من خلال ذلك التعديل يمكن أن يتم التحكم بمخرجات الانتخابات وبالتالي إعادة السيطرة على تلك المؤسسة كما هو حاصل على مدى العقود الماضية ،ولكن ذلك أيضا اصطدم برفض قاطع من كل المستويات حتى الموالين التقليديين من تيارات أو مجاميع أو شخصيات تتناقل بعض الأخبار بأنهم أوصلوا رسالة واضحة بأن الجميع يرفض تعديل عدد الأصوات على قانون الانتخاب وهذه الرسالة وصلت في اليومين الماضيين للجميع ورغم ذلك لازالت هناك محاولات للخروج من هذا السيطرة الحتمية القادمة في البرلمان خصوصا و أن احتراق كل العناصر التي كانت و لازالت موالية في الشارع السياسي ورغم انهاك المجتمع وقواه السياسية والاجتماعية إلا أن الرفض أصبح واضح للعيان و لكل مراقب سياسي وهذه الرغبة والإصرار الشعبي الذي ظهر بشكل تحدي واضع من خلال ندوتي النملان و الخليفة التي لم يستطع أي من الساسة أو التيارات أن ينزلوا عن سقف الحديث والمواقف التي قيلت وتعهدوا بها أما جماهير غفيرة لذلك لن تستطيع الحكومة بعدها من تجاوز تلك الآراء الرافضة لأي تعديل أو تغير في قانون الانتخابات خصوصا بعد أن تم تعزيز هذا الرفض من قبل الوجهاء وزعماء القبائل الذين دخلوا على خط الرفض لأي تعديل يمكن أن يتم العبث به من قبل الحكومة ، إلا بانتحار سياسي قد يقلب الطاولة رأسا على عقب وندخل بنفق لا يستطيع أحد أن يتكهن أين سيوصلنا أو يتحكم بمخرجه ، لذلك سوف تتسم المرحلة المقبلة بمواجهة حقيقية بين الحكومة وبين الشارع الرافض لأي مساس بمكتسباته التي حققها على مدى الخمسة عقود الماضية خصوصا وأن الممارسات التي تمت خلال العقود الماضية احترقت بالساحة ولم تعد ذات فائدة بعد انكشافها ورفض الكثيرين لها حتى فقدت الحكومة الأغلبية البرلمانية ، لذلك ما يهمنا في فهم الواقع اليوم بعد ندوتي النملان والخليفة هي الرسالة الواضحة التي خرجت من تلك الندوتين التي وضعت صناع القرار أمام مسؤوليتهم التاريخية خصوصا وأن حاجز الترهيب والتخويف وسياسة خذ يا هذا مائة ألف دينار ذهب أو ألف من النوق الحمر أي سياسة السيف و المنسف لم تعد مجدية أما هذا الإصرار العجيب والقوي من المجتمع وتياراته السياسية بممارسة دورهم على أكمل وجه بعد تجارب الخمسة عقود الماضية ، لذلك لا مخرج حقيقي وسليم اليوم أفضل من أن تعي القيادة حقيقة الموقف وأن لا تنزلق نحو مجرد التفكير باستخدام العنف كوسيلة للتخلص من تلك المؤسسة التشريعية التي ترى بأنها خطأ تاريخي ما كان يجب أن يكون طوال العقود الماضية وليس أمامها إلا أن تطبق الدستور بكل مواده احتراما للرغبة الشعبية التي ظهرت بشكل تحدي واضح للسلطة خصوصا وأن التغيرات التي تحصل بالمنطقة قد ألقت بظلالها على واقعنا ولابد أن يكون له استحقاق اجتماعي و سياسيي وهذا ما يتشكل اليوم في الواقع السياسي الكويتي.
تعليقات