استخدام العنف لضبط الشارع يهدد استقرار البلد.. النيباري محذراً

زاوية الكتاب

كتب 1022 مشاهدات 0


القبس

الوضع قد يتجاوز الصراع بالكلام.. وحذار 'العصا الأمنية'

عبد الله النيباري

 

أكتب هذا المقال بعد قراءتي يوم الاثنين 2012/10/8 «مانشيت» القبس الرئيسي بالبنط العريض «مراسيم الضرورة على الأبواب»، وفي التفاصيل قالت إن مصدراً حكوميا رفيعاً أكد «أن تعديل التصويت قادم لا محالة، ولكن السؤال هو: صوتاً أم صوتين؟». والقبس من أكثر الجرائد الكويتية محافظة ومهنية وما تقوله يؤخذ على محمل الجد والتصديق، كما يقول الشاعر:

إذا قالت حذام فصدقوها

فالقول ما قالت حذام

وقد سبق لــ القبس ان نقلت تصريحاً للسيد جاسم الخرافي يطالب بتدخل صاحب السمو أمير البلاد بمرسوم لتقليص حق الناخب في التصويت من 4 إلى 2 أو 1.. وهذه المطالب التي يحملها ويؤيدها آخرون، ولا ينحصر تأييدها في أوساط اخواننا في الوطن أبناء الطائفة الشيعية الذين ولّد الخطاب الاقصائي الفئوي لديهم ليس الانزعاج فقط، ولكن الخوف أيضا، بل يمتد أيضا إلى أوساط السنّة وكثير من الحضر، بل وحتى أبناء القبائل، وآسف لاستعمال هذه التوصيفات، لكنها أصبحت متداولة وأمراً واقعاً، علينا التعامل معه ودحره بالحجة والمنطق، وطرح بديل مفهوم المواطنة. وتكريسه كثقافة راسخة.

وليس بسرٍّ ان القيادات العليا تتبنى او تتداول مثل هذا الاقتراح.

بل إن بعض الكتاب المرموقين، مثل الأخ عبداللطيف الدعيج وعبدالمحسن جمعة وأسامة سفر، وأحمد المليفي، يتبنون الاقتراح نفسه.

الاحتمال الأكبر

الآن يبدو الاحتمال الأكبر هو إقدام السلطة على الأخذ بمقترح التقليص بهدف تقليص فرص أصحاب خطاب الصوت العالي في الحصول على نتائج في الانتخابات التي ستجرى في غضون شهرين، مماثلة أو قريبة من نتائج انتخابات 2012.

والمطالبون بهذا الاقتراح يوافقون على إجراء التعديل بقانون يصدر بمرسوم أميري وفقاً للمادة 71 من الدستور،

وهي دوافع التعديل نفسها موجودة عند الحكومة منذ أن تقدمت بالطعن لدى المحكمة الدستورية في قانون الانتخابات لعام 2006 وهو قانون الدوائر الخمس بأربعة أصوات، بمبرر تحصين القانون وبأمل الحصول على حكم بعدم دستورية القانون، مما قد يترتب عليه فراغ تشريعي يبرر إصدار قانون بمرسوم، وهو ما آثار المخاوف، باعتبار أن السلطة سوف تأتي بقانون وفق رؤيتها، ورغبتها التقليدية بأن يأتي مجلس بأغلبية صديقة للحكومة ومعارضة ضعيفة، أو من دون معارضة أو إسقاطها، كما حدث في انتخابات 1981 بناء على القانون الصادر بمرسوم بتعديل الدوائر من 10 بخمسة أصوات.

حكم المحكمة الدستورية التاريخي الذي جاء لغير مصلحة الحكومة ورغبتها برفض الطعن وتحصين القانون دستوريا، مما أشاع جوّاً من الارتياح والتفاؤل بالعودة إلى الالتزام بتطبيق القانون المحصن وتمهيد الطريق لاستئناف مسار الحياة السياسية.

بيد أن عودة الحديث عن تعديل قانون الدوائر الخمس بأربعة أصوات بمرسوم آثار الجدل والسجال، وتحركت الوفود للمقابلات والمطالبات والاقتراحات، وربما دفع عرائض تحمل توقيع 75000 مواطن، وفق ما نقل عن السيدة رولا دشتي.

تحدٍّ خطير

نحن الآن أمام تحد خطير وخيار بين أنظمة انتخابية غير عادلة، وعليها مآخذ ولكن الخيار هنا: أيهما أقل سوءا وضررا؟! وقبل أن نحسم انحيازنا لأي خيار لنتأمل في الملاحظات التالية:

- أولاً: هنالك مخاوف عميقة بأن تعديل قانون الانتخابات بمرسوم سيدشن استمرار مسلسل الأزمات التي عانت منها الكويت وأرهقت أهلها، ونحن أمام حراك شعبي احتجاجي الذي انطلق منذ فضيحة الايداعات المليونية للنواب، والتي لم تُفضِ إلى نتيجة حتى الآن. والمرسوم سيشيع جوا من انه يوفر حماية لهؤلاء، بل ربما يمهد لعودتهم الى مجلس الأمة.

العصا الأمنية!

ولنتخيل ردود الفعل لدى الناس عامة، والجو مهيأ هذه المرة لأن تتسع، وأمام احتمالات «العصا الأمنية» واستخدام العنف لضبط الشارع، فإن الوضع قد يؤدي إلى تصاعد العنف والعنف المضاد، ويتجاوز هذه المرة السجال أو الصراع بالكلام. وانفلات الصراع بالعنف سيهدد استقرار البلد ويعرض نظامه الدستوري الديموقراطي للاهتزاز، خاصة أننا نعيش في إقليم طابعه الغليان الجماهيري.

2 - لقد كان مبرر طعن الحكومة بقانون الدوائر الخمس بأربعة أصوات هو تحصين القانون، تفاديا لتكرار مسلسل ابطال الانتخابات، إذا ما طعن بها وحل المجلس، واليوم بعد ان جاء حكم المحكمة ليوفر التحصين ويؤكده، كيف تناقض الحكومة ادعاءها، وتكون هي أول من يبادر بكسر تحصين القانون؟

أمر مستجد

3 - يرى كثير من القانونيين، ومنهم محمد الفيلي وعبد الله الرومي ومشاري العنجري ان اجراء انتخابات بناء على قانون صادر بمرسوم سيعرضها للطعن بمخالفتها للدستور. باعتبار أن نص المادة 71 واضح جلي في أن مبرر إصدار مرسوم بقوة القانون يكون في حالة حدوث أمر مستجد بين أدوار الانعقاد، أو أثناء حله، وليس أمراً كان موجوداً قبل ذلك.

والنص واضح وجلي يقول «اذا حدث فيما بين أداور الانعقاد أو أثناء حل المجلس ما يوجب اتخاذ إجراء لا يحتمل التأجيل، جاز للأمير إصدار مراسيم لها قوة القانون». وهو شديد التقييد لممارسة صلاحية سمو الأمير، بناء على قرار مجلس الوزراء لهذه الصلاحية.

وقد ألغت المحكمة الدستورية المرسوم الأميري، وأبطلت انتخابات 2012 لعيوب في الإجراءات، وهذه المرة سيكون هناك صدام مباشر بين المرسوم والنص الدستوري.

4 - ان الحملة لتعديل القانون بمرسوم غرضها محاصرة معارضة الصوت العالي، والخطاب الذي اتسم بالنبرة الفئوية الانقسامية والاقصائية، وتضمن تكرار عبارات التهديد والوعيد والتطاول على الكرامات والاتهام والتشكيك والتخويف بلا سند أو دليل، مما أزعج كثيرا من الناس وأثار مخاوفهم، وأنشأ معسكرين، هم ونحن، ولا حل الا بتصفية الحسابات بتقليص الأصوات لتقليص فرص حصولهم على نتائج شبيهة أو قريبة من الانتخابات الماضية، وهو احتمال لكنه ضعيف، نظراً إلى ما استجد من أجواء، إلى جانب آليات قانون الدوائر الخمس بأربع أصوات قد لا تسمح بذلك اذا ما حسبنا الأمر بشيء من الدقة، مما يشير إلى ان نتائج انتخابات قادمة لن تكون كالسابقة.

ضجر.. فتعديل

على كل حال هل من المناسب كل ما أصابنا الضجر من ممارسة فريق في المجلس كبير أو صغير أن نلجأ إلى تعديل قانون الانتخابات بأداة استثنائية؟

لقد قالت المحكمة إن تعديل القانون يجري بالطرق الاعتيادية.

تجربة 1981

سبق ان غيرت الحكومة عام 1981 قانون الانتخابات الأصلي، وكان بعشر دوائر وخمسة أصوات لمحاربة المعارضة آنذاك، وأتت بقانون 25 دائرة وصوتين، وبموجب هذا القانون اسقطت المعارضة آنذاك وحلفاؤها، وهي المعارضة التي توصف الآن بأنها المعارضة الشريفة الراقية، مهذبة الأسلوب وقوية المضمون، لم تجرح ولم تهدد ولم تتطاول على أحد.

وبتطبيق ذلك القانون شاع نمط نواب الخدمات وتضخم استخدام الواسطات كأسلوب فعال لكسب الانتخابات، واتسع التدخل في شؤون السلطة التنفيذية، وانتفخت ميزانيات العلاج في الخارج، وانتج لنا نواب لا يكفيهم الصراخ والخطاب الهابط، بل السباب والتراشق بأكواب الماء في قاعة عبد الله السالم، بل والتعدي بالضرب على كبار موظفي الدولة، واللجوء للقضاء، وزاد الأمر إلى التعدي بالاهانة على الوزراء في أروقة مجلس الأمة.

هذا ما انتجه لنا تقليص الأصوات من خمسة لكل ناخب في نظام العشر دوائر إلى صوتين بعشرين دائرة.

ظاهرة وقتية

الأغلبية أو الأقلية التي تنتهجها الانتخابات هي ظاهرة وقتية تظهر وتتلاشى، وقد عاصرنا ذلك وعاصرته الدول الأخرى، الثابت هو نظامنا الدستوري والقانوني، ونظام الانتخابات لا يجوز العبث به كلما ضجرنا من تصرفات النواب أيا كان عددهم.

قانون الانتخابات ذو أهمية كبيرة تعادل أهمية الدستور اذ انه الآلية، أو لنشبهه بالمصنع الذي يصنع أو ينتج السلطة التشريعية التي أول واجباتها مراقبتها.

عودة إلى الوراء

قال النيباري إن الاصلاح لا يكون بالعودة إلى الوراء، بل بالتقدم إلى الامام.

صحيح أن القانون الحالي فيه عيوب وهو استحواذ أقلية لا يزيد عددها عن 40 في المائة من الناخبين على 80 في المائة أو اكثر من المقاعد في الدائرة الرابعة والخامسة، وفي الأولى أيضا حصول فئة عددها 43 في المائة من الناخبين على 60 أو 70 في المائة من المقاعد، ولكن ذلك يحتاج إلى إصلاح بتشريع عادي، يسمح ويساعد على تطوير الحياة السياسية، ويصب في توحيد الوطنية.

وهنالك أنظمة في العالم المتقدم ندرسها ونختار منها ما يناسبنا، أما العودة إلى ثلاثين سنة لنعيش أزمات ومجلسا ضعيفا بنواب الواسطات والقرارات والقوانين غير المسؤولة التي تحمّل المال العام أعباء باهظة، يتقدم بها أفراد للارضاء أو للكسب في الانتخابات، فهو أمر غير منطقي، فهل هذا ما نريده للكويت؟

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك