'لم تعد لغة النصح مجدية ولا المناشدات نافعة'
محليات وبرلمانجبهة حماية الدستور: النهج السلطوي لن يتغيّر إلا بإرادة شعبية موحدة تفرض نفسها
أكتوبر 1, 2012, 12:49 ص 982 مشاهدات 0
أصدرت الجمعية العمومية للجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الإصلاحات السياسية بياناً حول تحديات المرحلة المقبلة وفيما يلي نص البيان:-
تعاني الكويت منذ أكثر من ثلاث سنوات أزمة سياسية خانقة جراء نهج السلطة المعادي للديمقراطية والراعي الحاني على قوى الإفساد والفساد، الذي يمتد إلى السنوات الأولى من بدء الحياة الدستورية، حيث اتخذت هذه الأزمة أشكالاً متعددة ومظاهر مختلفة عبر أطوارها المتلاحقة ومراحلها المتتابعة، التي أرهقت البلاد وأضرّت بمصالح العباد وأشاعت اليأس والقنوط في النفوس.
فمن افتضاح أمر مصاريف ضخمة غير مبررة لديوان رئيس مجلس الوزراء السابق، إلى انكشاف صور شيكات وصكوك مشبوهة يتم صرفها سراً وعلانية لأعضاء في مجالس الأمة المتعاقبة خلال توليهم مسؤولياتهم، وصولاً إلى حملات مسعورة من الملاحقات الأمنية للمتصدين لهذا الإفساد والمعارضين لهذا النهج، أُهدِر معها مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية المطلقة، وأُهين فيها نواب الأمة واعتُدِيَ عليهم وعلى المواطنين المسالمين في اجتماعاتهم بالقمع المنفلت من عقاله، وتزامن ذلك مع سعي محموم للمبالغة في تحصين رئيس مجلس الوزراء تجاه المساءلة الدستورية. ثم عندما شاءت إرادة الحقّ أن يُفتضح أمر ما هو أفدح من تلك المصاريف المتضخمة والشيكات المشبوهة انزاح الستار عن جرائم الإيداعات المليونية الخفيّة والتحويلات الخارجية المريبة، فكان لابد من أن تحترق أوراق البعض ويضيق هامش المناورة فتمت استجابة جزئية وقتية قاصرة مخادعة اكتفت بتبديل جزئي للوجوه وتدوير في المناصب فيما استمر النهج الفاسد على ما هو عليه من دون إصلاح أو تغيير، ومعه جرى تلغيم إجراءات حلّ المجلس الذي رفضته الإرادة الشعبية واستجابت لها الإرادة الأميرية، فيما انطلق مسلسل جديد لا يقل عن سابقه سوءاً وخبثاً من محاولات التآمر الساعية إلى كسر إرادة الأمة وذلك منذ الأيام الأولى التي أعقبت انتخابات مجلس 2012، بعد أن جاءت نتائجها على خلاف هوى السلطة وبالتعارض مع رغبات مراكز النفوذ وأصحاب المصالح، وكان في مقدمة حلقات هذا المسلسل التآمري الجديد تغيير النظام الانتخابي القائم وتعديل آلية التصويت على نحو يسهل معه التحكّم مستقبلاً في مخرجات الانتخابات وتزوير إرادة الناخبين وتحويل مجلس الأمة إلى مجلس صوري لا يملك من أمره شيئاً، وهذا ما حاولت السلطة أن توفر له الغطاء الدستوري المناسب عبر الزجّ مجدداً بالقضاء في أزمة مفتعلة وعبر تقديم طعن متهافت، إلى أن جاء حكم المحكمة الدستورية ليقطع الطريق على هذه المحاولة من محاولات مخطط التآمر، من دون أن يعني هذا أنّ السلطة ومراكز النفوذ وقوى المصالح قد تراجعت عن غيّها أو استفادت من دروس فشلها المتكرر، فهاهم بعض وزرائها وعدد من مستشاريها والمقربين إليها من أصحاب النفوذ والمصالح غير المشروعة يتداولون هذه الأيام في كيفية الالتفاف على حكم المحكمة الدستورية لتنفيذ ما سبق أن جرى التخطيط له من تفصيل للنظام الانتخابي على مقاس السلطة والمحسوبين عليها، وذلك إما بإعادة بعث الحياة مجدداً في المجلس المقبور ليقرّ للسلطة ما تريد؛ أو في حال حلّه فيكون ذلك عبر إصدار مرسوم بقانون لا يتوافر له شرط الضرورة الملزم وفقاً للمادة 71 من الدستور وهذا ما يجب التصدي له شعبياً والعمل على منع تحققه عبر اللجوء إلى مختلف أساليب العمل الميداني السلمي الممكنة والمتاحة، حيث لم تعد لغة النصح مجدية ولا المناشدات نافعة في مواجهة التعنت والعناد والتآمر.
وقد حان الوقت لأن ندرك بوضوح أنّ العلّة الحقيقية لما تعانيه الكويت من أطوار متلاحقة من الأزمة السياسية المرهقة، إنما تكمن في نهج سلطوي لم يتغيّر؛ وهو لن يتغيّر إلا بإرادة شعبية موحدة تفرض نفسها فرضاً لإحداث هذا التغيير المستحق، الذي طال انتظاره ولم يعد مقبولاً تأجيله.
كما آن الأوان لأن نعيّ جميعاً أنّ الخلل لا ينحصر في هذا الشخص أو ذاك من كبار المسؤولين، وإنما هو خلل عام يمتد إلى ما هو أبعد من الأشخاص، ويتطلّب ما هو أكثر من مجرد استبدالهم، مثلما لن يجدي نفعاً التعامل مع الأزمة التي تعيشها البلاد على أنّها أزمة عابرة، ذلك أنها أزمة بنيوية راسخة لا يمكن تجاوزها بالمسكنات أو العلاجات الوقتية، بل يتطلب الأمر توافقاً شعبياً على رزمة من الإصلاحات السياسية الديمقراطية الشاملة والجذرية التي تضع الأسس البديلة لقيام نظام برلماني مكتمل الأركان تكون فيه السيادة حقاً للأمة وليس لسواها، وذلك في ظل تعددية حزبية وتداول ديمقراطي للسلطة التنفيذية، شأننا في هذا شأن أي دولة ديمقراطية حديثة، مع التزام تام بالحفاظ على النظام الأميري وتوارثه في إطاره الدستوري، بما يحفظ للأمة حقوقها وممارسة سيادتها ويحفظ للإمارة رمزيتها ومكانتها.
الجمعية العمومية
للجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الإصلاحات السياسية
الكويت في 30 سبتمبر 2012
تعليقات