'قاصرة ناقصة'.. خليفة الخرافي واصفاً الديمقراطية في الكويت
زاوية الكتابكتب سبتمبر 14, 2012, 12:15 ص 914 مشاهدات 0
القبس
اللهم أدمها من نعمة واحفظها من الزوال
خليفة مساعد الخرافي
في شاليههِ في بنيدر، وبعد أن صلى تاجرنا البحار صلاة الفجر مع ابنه البكر حسين، الذي يلازمه دائماً، فهو الاقرب اليه من جميع ابنائه، وكان يصب له فنجان القهوة وامامه صحن فيه تمر من نوع «الاخلاص»، الذي يعشقه تاجرنا البحار وبقربه طاسة فيها لبن طازج تطفو عليه زبدة صفراء، فبادره ابنه مبتسماً وليجعله يشعر بالسعادة: ما أجمل موقع شاليهنا! البحر في بنيدر جميل، نتمتع بالسباحة في كل وقت. أجابه تاجرنا البحار: لقد وفقت في شرائها أرضا خالية من ابن صديقي بوسالم، وهو من قبيلة العوازم المعروفين بطيب خصالهم وحسن أخلاقهم ومعشرهم، وجيرتهم حلوة، وكان جدهم جاراً لأخوالي في منطقة الدمنة (السالمية حالياً)، وكانت لديهم حظرة لصيد السمك في بنيدر، ويملك هذه الأرض بوضع اليد وبعدها اشتريت منه مزرعة في الوفرة زرعت فيها نخلاً من نوع «خلاص»، وهو أفضل للكبس تمراً من البرحي، الذي أحضرنا منه ما نقدع فيه هذا الصباح، كما اشتريت منه جاخوراً في كبد وضعت فيه أبقارا وطليات، وهو ما نشرب من لبن الأبقار في هذه الطاسة، وما أكلناه البارحة من هرفي على الغداء، وسالم العازمي صديقي طيب ونشمي ويفزع يساعدني كثيرا لتخليص بعض الأمور في وزارات الدولة ومؤسساتها التي أعجز عن إنجازها، وهو لعلاقاته الطيبة أقدر مني على ذلك، وهو كابن لي نحرص على التزاور في الوفرة. ورد الابن: وألف النعم في أخينا سالم العازمي، رايته بيضة دايماً معانا ما يقصّر.
وبعد أن بدأت أشعة الشمس في الظهور، طلب من ابنه أن يرافقه لسوق السمك في الفحيحيل لشراء أسماك للغداء. وحين وصلوا إلى أم الهيمان التفت إلى ابنه البكر، الذي يقود السيارة وقال له: يا بني، كنا قبل حقبة النفط نعاني من الفقر والعطش لشح المياه العذبة، وتكونت قرى الكويت في أماكن تواجد آبار المياه العذبة، وكانت في أم الهيمان وصباحية وشعيبة وعريفجان وفحيحيل وأبوحليفة والمنقف والفنطاس والفنيطيس والعدان والقصور والدمنة (السالمية) وحولي والنقرة وعقيلة والمقوع وجليب الشيوخ وخيطان والدوغة (الفروانية) وفيلكا والعديلية والدسمة، أما الشامية فكان فيها في عام 1933 ما يقارب 700 بير ماء، وأصبحت هذه المواقع واحات يلجأ إليها أهل البادية وأهل الحاضرة.
كما تذكر أن أمتع شي في شبابه حين يذهب في الشتاء الى قرية الفنطاس، التي اشتهر أهلها الذين يمتهنون الزراعة وصيد السمك، بروحهم الطيبة وطباعهم الحميدة وحبهم للطرب. والفنطاس جميلة بساحلها وزهور الربيع التي تنتشر فيها، ومزارع أهلها ونمضي فيها وقتاً جميلاً بترفيه بريء، وتذكر أغنية «يا ساحل الفنطاس يا ملعب الغزلان»، كلمات الشاعر المرحوم أحمد العدواني.
ذكر المؤرخ عبدالعزيز الرشيد أن عدد من يسكن قرية الفنطاس لا يتجاوز 300 نسمة، وكان عدد تلاميذ مدرسة الفنطاس عام 1951 لا يتجاوز 45 تلميذاً، وقرية الجهراء الزراعية التي يتوسطها القصر الأحمر رمز صمود اهل الكويت ضد الغزاة، وكان يسكنها عدد محدود من اهل الكويت، اذ كان يبلغ عدد طلبة مدرستها عام 1956، 120 تلميذا وعدد طالباتها 50 تلميذة.
كما تذكر أنهم في الربيع يكشتون في قرية جليب الشيوخ، ومازال يذكر تاجرنا البحار جمال الربيع في جليب الشيوخ، وكانت الزهور بمختلف أشكالها وألوانها وشجرة العرفج كبيرة ضخمة، ويضيع الطفل بين الأعشاب لارتفاع العشب.
كانت أيام بركة وطيبة وراحة بال، وعندي أنها كانت أحلى من سويسرا. الربيع في جليب الشيوخ له طعم خاص وجمال لا مثيل له، وحين وصل الى سوق السمك في الفحيحيل في مجمع الكوت التجاري بادره ابنه: تصدق يبا أن هذا المبنى الجميل بكامل منشآته ومبانيه، سيتحول بعد سنوات معدودة الى الدولة؟ ولم تخسر عليه الدولة ولا فلسا، لأنه نظام B.O.T يعني الشركة تبنيه وتديره وبعد فترة زمنية محددة يتحول للدولة، تصدق يبا في بريطانيا عملوا ألف مشروع بالطريقة هذي؟
فردّ عليه تاجرنا البحار: يا حسين، يا ابني، بلدنا فيه خير كثير، يحتاج فقط إلى حُسن إدارة وتطبيق القانون على الكبير قبل الصغير، وتطبيق ما تعطّل من مشاريع وقوانين وتنفيذ دراسات ومقترحات.
أذكر يا ولدي، فرجان أهل الكويت قبل النفط عوازمها ومطرانها ورشايدتها وعجمانها وعنزتها وشمامرتها وعوضيتها وكنادرتها وفوادرتها وشيعتها - حضراً وبدواً - الكل «لاهي» يجري للحصول على لقمة العيش، واليوم مع الخير الكثير زاد اختلافهم وقلة بركتهم، الله يحفظنا من شرور الفتن! قد رفع الله - عز وجل - عن أهل الكويت الشقاء والحرمان في أرض غبراء جرداء، كانت الحياة فيها صعبة مريرة، بؤس وشقاء ومعاناة، بينما نعيش اليوم في بحبوحة من سعة العيش ورغد حياة كريمة، فنحن محشومون مخدومون، صعب أن نعد ونُحصي نِعم الله على أهل الكويت!
* * *
• أعتذر لعدم التمكّن من حصر جميع الدواوين في المقالة السابقة داخل مدينة الكويت، وقد عتب علينا من لهم معزّة كبيرة وتقدير ويمونون علينا، حيث غفلت عن ذكر ديوانيات: العثمان النواخذة، والعثمان الراشد الحميدي والعتيقي والفهد والمشاري والرميح والنصار والعريفان والراشد والساير، أما النقع فوجدت في النت أن عدد نقع شرق 25 نقعة، يماثلها العدد نفسه في منطقة جبلة، كما فاتنا أن نذكر أهم الأسواق وهو سوق الغربللي.
* * *
• لعدم الدخول في المحظور والإحراج، آثرت عدم ذكر أسماء سكان القرى، حتى لا يعتب ولا يزعل ولا يأخذ بخاطره علينا من نحبه ونحترمه ونجلّه، علماً بأن الأسماء موجودة في النت، أتمنى تشوفون أسماء قاطني القرى، حيث نجد في هذه القرى من يترك مدينة الكويت ويسكن في هذه القرى، مثل خيطان والدوغة (الفروانية) وجليب الشيوخ والشعيبة من حضرها وقبايلها.
* * *
• هناك خطأ ما يجعل ما تطالب به من ادعت انها تمثل تكتل المعارضة ومعهم مجاميع من الشباب المتحمس المندفع من مطالبات محقة وواجبة لتطوير ديموقراطيتنا القاصرة الناقصة، لا تتحمّس لها تجمعات سياسية ورموز سياسية معروفة، قد يكون بسبب أسلوبهم بالتحدي والتهديد والوعيد، نتمنى على المعارضة تغيير أسلوبها المنفِّر الفجّ! ولا أظن أنها قادرة على ذلك، وهو دليل على عدم نضجها.
تعليقات