هل الكويتيون كشعب متنوع الاصول مجمعون على رؤية واحدة لاحداث تاريخهم؟

زاوية الكتاب

كتب 1113 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  القبائل.. ومراكز الأبحاث

خليل علي حيدر

 

في الكويت ورش ومصانع كثيرة.. ولكنها ليست دولة صناعية. وفيها اشجار ومزارع من كل نوع وحجم.. ولكنها ليست دولة زراعية كذلك. ولها تاريخ.. ولكن اين المؤرخون؟
للكويت تاريخ ربما بدأ قبل اربعة قرون.. ولكن كتب التاريخ المتداولة اليوم، قد تحتاج الى اعادة نظر وكتابة. ولو طالعنا مثلا كتاب د.خليفة الوقيان «الثقافة في الكويت»، وكتاب عبدالله الحاتم «من هنا بدزت الكويت» وكتاب «الحرف والمهن والانشطة التجارية القديمة في الكويت» لمحمد عبدالهادي جمال، وعشرات الكتب والكتيبات الاخرى التي صدرت خلال نصف قرن، واضفناها الى الكتب الاساسية كتاريخ عبدالعزيز الرشيد وسيف مرزوق الشملان، لاكتشفنا حاجتنا الماسة الى وضع كتاب جديد شامل عن تاريخ الكويت السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، القانوني، في ضوء الكم الهائل من المعلومات الجديدة في هذه الكتب، والتي تفيض بها الصحف والمجلات، وترد في المقابلات الاذاعية والتلفزيونية.
نحن بحاجة الى كتاب مرجعي، قد يقع في عدة مجلدات، يبحث كل جوانب الحياة، ويشمل كذلك محاضر مجلس الامة وتاريخ الفنون والآداب والرياضة والتيارات السياسية. ولا بد من اصدار كتاب مختصر، يلخص هذا التاريخ أو ابرز ما فيه، ضمن كتاب خفيف الحمل، سهل التصفح، مشجع على القراءة؟!
ولكن هل الكويتيون اليوم كشعب متنوع الاصول، ومع بروز مختلف انواع المشاعر الانطوائية والحساسيات القبلية والطائفية والعائلية، مجمعون على رؤية واحدة لاحداث هذا التاريخ؟ هل ترى فئات المجتمع تطور تاريخ الكويت واحداثه وشخصياته من زاوية وطنية كويتية واحدة متماسكة، أم ان تاريخ الكويت هو فقط ما روته بعض الكتب التي كتبها المؤرخون الرواد؟ والى أي مدى نتقبل تاريخ الشريحة القبلية أو الطائفية، مهما كانت تفاصيلها وايجابياتها وسلبياتها، كمادة مكونة لتاريخ مجتمعنا سياسيا واجتماعيا وثقافيا؟ والى أي حد نتقبل النقد التاريخي والرأي الصريح؟ نحن بحاجة الى عطاء وفكر اساتذة التاريخ عندنا، والى دعم «المجلس الوطني للثقافة» و«مركز البحوث والدراسات الكويتية» و«مؤسسة الكويت للتقدم العلمي» وغيرها، لبلورة هذه الرؤية التعددية المشتركة بعد ان تغيرت تركيبة مجتمعنا وازدادت الضغوط على مؤسساته وتبدلت مفاهيمه.
امتلأت المكتبة الكويتية اليوم بكتب الدراسات من كل نوع، وبكتب تاريخ القبائل والعائلات، وكتب المعارضة والموالاة، ومذكرات رجال الدولة وكبار الاداريين، وتاريخ جماعات السنة والشيعة وسير رجال الدين والدعاة، وقدر هائل من المقابلات التلفزيونية والاذاعية، بل وشخصيات اخرى ما زلنا بحاجة الى مقابلتها وتسجيل ذكرياتها من الحاضرة والبادية والتجار والموظفين والنساء!
تزايد نسبة ابناء القبائل في التركيبة السكانية مثلا، لم يوجد سوقا مزدهرة لكتب تاريخ المنطقة وادب القبائل فحسب، بل وفتح المجال للنظر في تاريخ الكويت كذلك من زاوية جديدة، وربما اعادة النظر في بعض التفاصيل. كيف يمكن كتابة تاريخ المجتمع الكويتي في القرن العشرين؟
«حرب الجهراء» مثلا سنة 1920، ذات المكانة المتميزة، ومحور المشاعر الوطنية، وتقييم جماعة «الاخوان» النجديين بقيادة «فيصل الدويش»، و«موقعة حمض» قبل ذلك حيث قتل الكثيرون.. كيف نفهمها اليوم؟ بعض السلفيين الكويتيين قد لا ينظر الى «الاخوان» كغزاة بل كدعاة وهداة! بينما نرى حمد محمد السعيدان في «الموسوعة الكويتية المختصرة»، ومؤرخين آخرين ينظرون للاخوان كقوة غازية مهاجمة ومعتدية!
يقول السعيدان مثلا عن زعيم الاخوان بأنه «كان قائدا من قواد عبدالعزيز آل السعود، قام واتباعه بغزو الاراضي المجاورة بدعوى نشر المذهب الوهابي، وهاجم الكويت في اكتوبر 1920، وتسبب في وقوع معركة الجهراء، وخسر الحرب». ويقول عن «الاخوان» انفسهم، بأنهم «ليسوا وهابيين بالمعنى الصحيح»، بل هم كما وصفهم، «جماعة ارهابية من محترفي الغزو والسلب والنهب». (الجزء الاول، ص50). وكان فقهاء اهل السنة في الحجاز ومصر واسطنبول قد عارضوا بشدة التعاليم الوهابية، وفي الكويت نفسها كان ثمة صراع بين التيارين، كما ان موقف الوهابيين من الشيعة وتدميرهم لكربلاء عام 1802، عمقا مخاوف ونفور الشيعة. ولا شك ان المرجع الذي قرأ اكثرنا فيه تفاصيل «حرب الجهراء» وهجوم الاخوان هو كتاب «تاريخ الكويت» للمؤرخ الكويتي عبدالعزيز الرشيد، الذي كان ينتقد الاخوان بشدة على الرغم من انه كان يصف نفسه بأنه «حنبلي نجدي».
لم يكتب الاسلاميون تاريخا متداولا للكويت، ولكن الكتب والبحوث التي تصدر بين فترة واخرى عن بعض الحوادث والشخصيات تظهر بوضوح وجود رأي آخر في الاخوان وحرب الجهراء والعلاقات الكويتية – النجدية. ومن المستجدات في هذا المجال كذلك ظهور مواقع الكترونية ومراكز ابحاث للقبائل تعبر عن وجهة نظرها التاريخية والسياسية.
ومن هذه المساهمات اصدار «مركز قبيلة مطير للدراسات والبحوث التاريخية»، الجزء الاول من كتاب بعنوان «زعيم الاخوان فيصل الدويش»، من تأليف «نايف بن حمدان الديحاني». وجاء في موقع جريدة «سبر» الالكترونية ان الكتاب «دراسة موضوعية شاملة لجوانب مهمة وغامضة من حياة الزعيم الدويش، من خلال الوثائق والارشيف والتحليلات». واضافت «سبر» ان المؤلف يتأمل من خلال هذا الكتاب، «دحض اغاليط المؤرخين العرب والاجانب، وما قيل وكتب عن الدويش من افتراءات لا يقبل بها عقل». (2012/7/15).
هل يمكن اجراء حوار بين «الحاضرة» و«البادية» حول تفاصيل تاريخ الكويت وطبيعة مجتمعها ومستقبل العلاقة بين مكونات هذا المجتمع؟ هل يمكن لهذه المواقع الالكترونية ومراكز الدراسات القبلية، في الكويت أو بقية دول مجلس التعاون، ان تهتم كذلك بالقضايا التي تمس الجوانب الاجتماعية والقانونية والثقافية والشبابية والنسائية والخدماتية من حياة القبائل؟

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك