'الأغلبية' فشلت لأسباب يعددها عمر الطبطبائي في مقاله
زاوية الكتابكتب يوليو 28, 2012, 6:18 ص 1757 مشاهدات 0
فصل الحكاية الذي لا يود قراءته الكثير... (3)!
الآن وبعدما ترك الشباب الساحة السياسية خالية من أي ضغط حقيقي على النواب الذين تبنوا مطالب الأمة تحت مسمى «الأولويات» ليعيش نشوة الانتصار وكأن الأمر قد انتهى، لم يجد النائب ما يردعه لعدم تحقيق تلك المطالبات أو على الأقل إظهار الرغبة الحقيقية في المحاولة لإقرارها، وبدأ معظم النواب التعامل مع المرحلة بطريقة انتخابية بحتة وكنا نلتمس هذا الشعور المحزن من خلال لقاءاتنا الشخصية مع بعضهم ومن خلال بعض التصاريح المخيبة للآمال.
لم يكن الأمر سوى تناحر بعضهم البعض وتقديم حزمة من الإحراجات التي ضعفت من قيمة كتلة الغالبية، ناهيك عمن استغل عدد الكتلة لتقديم أولوياته الخاصة التي لم تكن من ضمن مطالب الشعب وبعيدة كل البعد عن مستوى طموح أولويات الأمة دون أن نرى استنكارا حقيقيا أو موقفا حازما من نواب كتلة الغالبية على تلك التصرفات.
لقد انحنت كتلة الغالبية لكل من غرد خارج سرب الأولويات فقط للحفاظ على عددهم الذي يجعلهم الغالبية دون رعاية أي شعور لكل من نزف وطنا، ولكل من ضحى بانتمائه وتوجهه من أجل إقرار تلك الأولويات التي اذا تحققت وأقرت ستصب منافعها لصالح الجميع، لكن يبدو أن هناك من يتمنى أن يبقى الحال على ما هو عليه لأن لو صُلح الحال لن يجد البعض منهم ما يتحدث به!، ناهيك عن المهادنات الغريبة التي تمت مع حكومة الشيخ جابر المبارك الصباح التي لم تأت بجديد ولا بخطة زمنية بل طبقت استراتيجية «Al-Barraka Strategy» بدعم نوابنا سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
كل ما سبق أدى إلى تفكك كتلة الغالبية داخليا، فضغط الشباب كان اليد التي ربطت هذه الكتلة بحبل الأولويات ولكن ما ان ترك الشباب ذلك الحبل دون الضغط عليه لإحكامه حتى تفككت معهم الغالبية، فروح الشباب الضاغطة كانت الوقود لاستمرارية نواب الغالبية في طريق تحقيق الأولويات.
وحتى لا نقسو على نواب الأولويات... ندرك أن هناك عوامل ثانوية منعتهم من تحقيق مطالب الأمة كعمر المجلس القصير وكقدرة السلطة على خلق العثرات واتقانها فن اللعب من خلال القوانين، «Playing by the Book» ولكن هذا لا يمنعهم من إدارة طريقة تقديم أولويات الشعب والتمسك بها والسهر الليل كله في مكاتب المجلس لصياغة المشاريع والقوانين بدلا من الذهاب للدواوين لأغراض انتخابية بحتة، فكانت بيد الغالبية الفرصة الذهبية لتغيير ثقافة مجتمع برمته عن صورة عضو مجلس الامة ومهامه من خلال العمل السياسي والإنجازات لا العمل الانتخابي والتكسب!
لقد فشلت كتلة الغالبية في قراءة الشارع بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بإبطال مرسوم حل مجلس 2009، وحاولت أن تستغل هذا الحكم ليكون حديث الساعة حتى يلفتوا الأنظار عن خيبة تفككهم ورمي كل ما يمكن رمية على السلطة، ونحن هنا لا ندافع عن السلطة لأنها بالأساس لا تستحق من يدافع عنها لكنا نقول الحق حتى ولو كان علينا، فإخفاق نواب الغالبية لا يقل سوءا عن إخفاقات الحكومات واستغلال حماس الجماهير بالطريقة التي تفيدهم انتخابيا فقط تعتبر جريمة تعادل بعض جرائم الفاسدين في حق الوطن.
ما كان على الغالبية فعله هو إحكام إدارة طريقة ترتيب الأولويات بجدول زمني محدد حتى تنصب كل الجهود في بناء سلم الأولويات، كما كان عليهم ترك روح الانتقام جانبا واستبدالها بروح العطاء والبناء، كذلك كان الأجدر بهم التمسك بالمبادئ العامة وتعرية كل من تسول له نفسه من نواب الغالبية بتقديم قوانين تشتت وتفرق اللحمة الوطنية كتعديل بعض المواد الخلافية في الدستور، والالتزام بحضور الجلسات واللجان وعدم الالتفات لبعض أدوات الفساد لتسجيل بطولات زائفة بدلا من تسجيلها من خلال تحقيق الأولويات، وأيضا عدم التعامل مع مجلس الأمة كديوانية خاصة فاحترام قاعة عبدالله السالم تعتبر احتراما لإرادة الأمة، كما كان عليهم التركيز على مصائب الوطن أكثر فلا نستطيع إصلاح ما هو في الخارج من مشاكل الدول الصديقة ونحن نعاني من الداخل، وأخيرا كان على الغالبية الخروج من القالب الانتخابي واستبداله بقالب وخطاب سياسي يحدد ملامح المرحلة وطريقة التعامل معها والأهم من كل ما سبق هو احترام النفس من خلال لغة الحوار المستخدمة!
نعم ثقافة لغة الحوار والتي تعني الكثير في كل المجالات لا سيما المجال السياسي فإن أسيء استخدامها كما حصل من بعض النواب حتما سيؤثر ذلك سلبا على أولوياتنا، كيف لا ونواب الغالبية سفراء لمطالبنا لذلك عليهم عدم تخطي حدود الأدب في خطاباتهم فلا قيمة لأولويات إذا لم تقدها الأخلاق!
ليعلم الجميع وعلى رأسهم نواب الغالبية ان عندما كنا ندافع فكنا ندافع عن قضايانا وعندما ننتقدكم فإننا ندافع عن قضايانا أيضا، فلا تتوقعوا أن نكون في يوم من الأيام أداة تحاربون بها السلطة وقت ما شئتم إنما العكس تماما أنتم الادوات التي من خلالها نرسم مستقبل وطن.
ما جعلني أكتب هذا الفصل من حكايتنا هو حال الوطن الذي يستدرجه «الجميع» الى حتفه، فالجميع دون استثناء يظن بأنه استثنائي كما توقعنا بأن نوابنا الذين تبنوا أولوياتنا سيكونون استثنائيين لكن الواقع أثبت بأنه لا استثنائي في هذا الوطن إلا المصالح الخاصة، لذلك باتت أولوياتنا جسدا عاريا تنهشها المصالح من كل جهة، ولنوضح أيضا لبعض شباب الحراك وبعض نواب الغالبية بأننا جزء رئيس من مشاكل هذا الوطن ولا يمكننا وضع الحلول إلا اذا قومنا أنفسنا!
هل انتهى الفصل؟!... لا أظن!!...
د ا ئ ر ة م ر ب ع ة:
لغة الحوار الهابطة ما هي إلا وجه آخر من وجوه الفساد!
عمر الطبطبائي
تعليقات