'المشهد الكويتي' بهدوء

زاوية الكتاب

أصحاب المصالح الوقتية يعنيهم الدينار وليس تراب الوطن

كتب 1976 مشاهدات 0

من الأرشيف

غيبة العقل

الدكتور/ على الطراح

في التاريخ عبر ، وانا اتابع حال الكويت تذكرت مقولة مصطفى كامل : ' لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس '  ولكن مات مصطفى كامل من القهر وهو في عز شبابه لم يكمل عامه ال34 . وقفزت في ذهني مقولة  الزعيم سعد زغلول وهو على فراش الموت وهو يقول لصفية ام المصريين : ' مفيش فايدة ' . وبقيت افكر بحيرة بين مقولتي مصطفى كامل وزغلول ومن كان فيهم على حق ؟.

يقول الكثير من الكويتين : مللنا الحال ولا نعرف الى اين نتجه ؟ وتعتصر القلوب لحال الكويت لكوننا قادرين على حل مشاكلنا فهي ليست بعصية ، الا ان الشد والجذب من كل حدب ، جعلنا نضيع ونشعر بالخوف على وطننا الغالي الذي يبكي على حاله دون ان ترق القلوب لدموعه واحزانه . فيا ترى هل نحن كلنا شركاء بما يحدث للكويت ؟ واين تكمن ازمتنا ؟

اننا للأسف دخلنا بمواجهات طائفية وكلنا ابناء وطن واحد يفترض اننا نخاف عليه من عاتيات الزمن ، بل المرارة لاتزال عالقة في نفوسنا لما حدث لوطننا في التسعينات ، فلم يكن يخطر على بالنا ان نفقد ترابه ، وخدمتنا الظروف وعاد الوطن لنا  وعدنا اليه ، وعادت شرعيتنا وفرحنا بالوطن وبشرعية الحكم لاسرة الصباح ، فهي من تجسد لنا تراب الوطن وتتجلى فيها روح الامن والامان . وظل السؤال يجول في عقلي لحالنا ، فنحن نجتر الازمات منذ تحرير الكويت ومازلنا نتجاذب ، وكل طرف يلوم الاخر ،  وتغيب الدولة في خضم هذا الصراع ، ونرجع مرة اخرى لنلعب في مستقبل الوطن دون ان نكترث بما هو قادم . كنت دائما من انصار مقولة : ' المحمل يطبع بمن فيه ' ، ولكن تتعثر الرسائل و ' العناد ' يحكم مشهدنا .

تارة ندخل في مواجهات مذهبية ، وتارة اخرى نواجه بشحن يخرج عن العقل ، فننقسم بين الداخل والخارج ، او كما يقولون بين البدو والحضر ، وننسى اصولنا وتشابكنا الاجتماعي ،فكلنا نتغنى بروح الاسرة الواحدة ولكن ننسى ان الاختلاف في الاسرة الواحدة لا يعيب ، وما يعيب هو تجاهل الخلاف او الاستخفاف بالحدث ،فهل ما نواجهه من فلتان يدخل في دائرة  الاستخفاف ؟!

الغالبية البرلمانية غير متجانسة بتكوينها وهذا لا يضعفها اذا ما توافقت على الحدود الدنيا ، والتخلي عن الاستفراد بالرأي ، وكل منا بحاجة الى دعم الاخر طالما مطالبنا لا تخرج عن العقل والمنطق. الاقلية البرلمانية ترى انها ظلمت بعدما كانت غالبية في حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد ، وهكذا نجد لغة التفاهم غائبة ، والاقصاء تحول الى ممارسة تهدد امننا جميعا ،فنحن مع الاقلية والغالبية طالما مصلحة الوطن تبوأت سلم اولوياتنا .

القوى الشبابية تشعر بالحسره فهي القوى الفاعلة التي حركت الربيع العربي ، فهي في مصر أوصلت مرسي الى الحكم ، وهي مازالت فاعلة ولا يمكن الاستهانة بها ، وهذا ما يجعلنا نراهن على هذه القوى الشبابية ، قالها محمد عواد التونسي : ' هرمنا ،هرمنا  ونحن ننتظر هذه اللحظة التاريخية ' وكان يقصد رحيل بن على ،فكان بمقولته يشيد بالشباب الذي حرك المياة الراكدة واعاد لتونس روحها ورائحة الياسمين ، التي افرحتنا كلنا وشعرنا بأن كرامتنا عادت لنا بعد عقود من الاستبداد. في الكويت ، القوى الشبابية لها خطاب واضح ولها فعل أوضح ، ورغم كل محاولات تشويه سعيها لبناء كويت جميلة ، فإنه لايصح بالنهاية إلا الصحيح ، فالشباب مثابر بشكل عفوي نحو اعادة توحيد اللحمة الوطنية رغم مااصابها من عبث العابثين وتمزيق الممزقين ، ومن يمر سريعاً على أسماء الشابات و الشباب الذين وقعوا على وثيقة ال ( 27 ) يدرك انها تمثل كل الوان الطيف الكويتي ، ولأكن صريحا معكم فان غلبة الاسماء المنتمية لمجتمع الحضر - ان جازت التسمية - على ماسواها من اسماء ، يثبت كذب وزيف المفتتين الذين يريدون ان يحصروا الحراك الشعبي الذي تشهده الكويت بالمجتمع القبلي وهذا افتراء مابعده افتراء .

اذا ما عدنا لمشهدنا الكويتي ،فنشعر بالمرارة لما يحدث لنا ، ويدخلنا الخوف على مستقبل وطننا ونقول اننا كلنا ابناء هذا الوطن ، وما على الدولة الا ان تنزع عنها ' غيبة العقل ' وتمارس دورها الحاضن لنا جميعا ، وهذا لن يحدث الا بقوة الدستور واحترام القانون  الذي ساوى بيننا جميعا ولا طريق امامنا سوى طريق الحكمة ، واما الاستماع لاصحاب المصالح الوقتية فهؤلاء لا يعني لهم تراب الوطن بقدر ما يعنيهم دينارهم .

اللهم أهدي الجميع لصلاح الكويت وازدهارها ..

الآن - مقال اليوم-علي الطراح

تعليقات

اكتب تعليقك