'سلبية'.. إيمان شمس الدين واصفة نظرة السلفيين إلى الديموقراطية

زاوية الكتاب

كتب 974 مشاهدات 0


القبس

بقعة ضوء  /  العقل السلفي والدولة المدنية

إيمان شمس الدين

 

لا بد لي بداية أن أشير إلى أن العقل السلفي لا يرمز لطائفة أو مذهب بعينه، بل هو منهج وطريقة تفكير في التعاطي مع الوحي، كون الوحي والعقل من مصادر المعرفة البشرية وفق نظرية المعرفة الاسلامية.

وهذه المنهجية توظف العقل في مساحات ضيقة في النص، تكون وظيفته التأكد من المتن والسند وتحديد دلالات الالفاظ واستعمالاتها وانصرافات الذهن إليها، وغير ذلك لا يكون للعقل أي دور سوى التعبد بالنص، كما هو أو التعبد بقول السلف من العلماء وفهمهم له من دون التركيز على البعدين الزماني والمكاني، أو إعادة نقد الموروث طالما هو أفهام بشرية للنص.

وسبب تسليطنا الضوء على هذه المدرسة هو ما تمر به المنطقة، أو الكويت من تموجات وفتن تعود أسبابها الرئيسية لتصدي مصداق لهذه المدرسة للشأن السياسي، وخوضها للفعل السياسي، وما تمخض عنه من إشكاليات وتصادمات بين منهجيتها السلفية والدولة المدنية، مع تحفظنا على كون الكويت مصداقا حقيقيا للدولة المدنية وفق التعريف لها.

ومعرفة ذلك يفيد في تشخيص الخلل الحقيقي، ووضع معالجات جذرية لكيفية التعاطي مع هذه العقلية، ومواجهتها بطريقة تستخدم أدوات العصر، وتعيد للعقل موقعيته الحقيقية في كيفية كسب المعارف والحقائق.

الدولة المدنية مصطلح له منشأ كانت له ظروفه، ولضيق المساحة نحيل القارئ للبحث عن مناشئ هذا المصطلح الفلسفية والفكرية وكيفية صيرورته التاريخية.

وباختصار تتكون الدولة المدنية من سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية وأخرى قضائية، وتقوم على نظام مؤسساتي تديره قوانين تم وضعها بناء على دستور الدولة التي يكون فيها الشعب مصدر السلطات. أهم مبادئها هي العدالة والمساواة والمواطنة التي تقوم على الحقوق والواجبات وفاعلية مؤسسات المجتمع المدني التي تمثل شريكا للدولة في عملية التنمية.

وهي توفر العيش بكرامة للإنسان بطريقة تفجر طاقاته وإبداعاته بما ينعكس إيجابا على تطور الدولة وتقدمها، إذن هي الديموقراطية ومقوماتها باختصار.

وحيث إن العقل السلفي وفق مبانيه لا يؤمن بأي نظرية سياسية للدولة خارجة عن إطار النص ولا مدخلية للعقل البشري فيها، بالتالي تكون نظرته إلى الديموقراطية نظرة سلبية، بل تطورت قليلا لتتحول لأداة يتم من خلالها تقويض هذه النظرية، وإعادة بناء مفهوم العقل السلفي للدولة وفق النصوص الدينية، أي كما مارسها الخلفاء الراشدون نصا وفعلا وتقريرا من دون أدنى تغيير أو إعمال للعقل في اختلاف الزمان والمكان.

بالتالي هو ينظر إلى الدستور والقانون على أنه وضع بشري يجب أسلمته، ولكن وفق فهمهم للأسلمة الذي يلغي كل دور للعقل، ويعيد قيام دولة راشدة على النسق الخلافي.

وكشاهد على علاقة هذه المدرسة بالدولة المدنية ما حدث أخيرا من قبل أحد النواب، حيث لم يقف لتحية العلم، بناء على نص فتوى أحد العلماء البارزين في تحريم ذلك، وآخر يصف العلم بخرقة أيضا، بناء على عقلية النص والفتوى في التعاطي مع مفهوم الدولة بالعصر الحديث.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك