الكويت كما يراها عبد اللطيف العتيقي دولة دينية مدنية!
زاوية الكتابكتب يونيو 13, 2012, 12:01 ص 1025 مشاهدات 0
القبس
الكويت مدنية.. دينية
عبد اللطيف سيف العتيقي
الكويت دولة دينية ومدنية في آن واحد، ومن يحاول أن يجعلها مدنية على طراز جون لوك وهويز وروسو، أو من خلال تعاليم محددة قد يقال تعاليم عامة أو ضوابط عامة، هنا يأتي دور العقل في إطار المصلحة العامة أو الخير العام، وقد يختلف المنطلق في تحديد المصلحة العامة، هل هو إلهي، أم مادي من صنع البشر؟ النظام العام يختلف من دولة إلى أخرى، وبين مجتمع وآخر، لكن الدين يحدد الضوابط من خلال الشريعة الإسلامية.
من يحاول أن يطغي فكرة الدولة المدنية لا بد أن يكون على قدر المسؤولية أو لا يكتب هكذا جزافاً، لأن طغيان فكرة الدولة المدنية لا بد أن تتبعها فكرة علمنة الدولة المدنية، وبالتالي لا بد أن يتغير النظام العام وهو المكون الرئيسي للدولة المدنية. والعلمانية ترى أن النظام المدني يسمو فوق النظام التشريعي، وفي ذلك سوف يلزم تطبيق مبادئ أخرى بين الحاكم والمحكوم بما يتوافق مع النظام الطبيعي الذي يستمد قوانينه وخلفياته من التشريعات الدولية. والدولة المدنية التي يراها جون لوك تعتبر أن سلطة الحاكم برضا الأفراد، وأن الدستور بالمفهوم المدني حسب تعاليم جون لوك لا بد أن يتأسس من جديد، بحيث يحد من سوء استخدام القوة والتسلط والدكتاتورية، وأن يكون هناك قبول بمبدأ الإلزام السياسي بين الحاكم والمحكوم، وأن الحاكم المدني يلتزم بموجب قوانين وعقوبات تحد من شهوته العارمة في ابتلاع حقوق المحكومين، بحيث لا تتحول غرائز متفلتة، وليس هناك حل وسط، إما أن تؤسس دولة مدنية على هوى جون لوك وهوبز وغيرهما من جوقة وسدنة المعبد المدني، وإما أن تكون الكويت دولة دينية - مدنية وراثية الحكم. راجع «الدولة الأموية والعباسية والعثمانية».
الإسلام ثبت فكرة التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، ويحدد الضوابط من خلال الشريعة الإسلامية، وتالياً الاجتهاد لضمان بقاء التوازن.
يعتبر جون لوك أن الإنسان حر منذ ولادته، وقد سبقه الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عندما قال قولته التاريخية منذ 1430 سنة «كيف تستعبدون الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً». إن التيار العقلاني الذي يقوم عليه النظام العام في القانون الكويتي هو الذي أطلقته المدرسة المعتزلة، حيث لا يتنكر للدين، ولا يرفض أحكام الشريعة الإسلامية، هو ينظر إلى العقل على أنه دليل الحكم لا على أنه منشئ الحكم، المراد بالحكم العقلي ما يدركه العقل من حسن الشيء وقبحه. هذا هو تفسير المعتزلة (من كتاب «فكرة القانون الطبيعي عند المسلمين» محمد شريف أحمد ص 45 - 46).
أما «الأشعرية»، فيرون أن القانون هو الشرع، وهم لا يعترفون بقانون غير القانون الذي وضعه الله تبارك وتعالى في القرآن، وتنكروا للقانون الطبيعي وهو النظام العام المستورد من القانون الوضعي الفرنسي. وعبارة انتصر الحكم المدني في الكويت عندما رد قانون تغليظ العقوبة على سب الله ورسوله والعياذ بالله، إنما هي عبارة تدل على جهل في التعبير، وسرعة في الأحكام، لأن تأسيس الإمارة الكويتية منذ 1760م بدأت دينية، وقامت على مصطلحات إسلامية (الأمير - الإمارة - الشورى في اختيار بن صباح أميراً على الكويت)، والأحكام القضائية على مذهب مالك وهو مذهب آل صباح. هذا هو أساس الدولة الدينية المدنية الكويتية.
* * *
• المصدر: «تطور الفكر السياسي»
د. عدنان السيد حسين.
تعليقات