الحكم بالكويت مشغول بالصراعات الداخلية

زاوية الكتاب

الطراح عن الحالة السياسية: شبكات الفساد تحكم صنع القرار

كتب 2095 مشاهدات 0


الخلافات الكويتية

الدكتور/ علي الطراح
 
تاريخ النشر: الأربعاء 30 مايو 2012
 
تعيش الكويت حالة فوضى غير مسبوقة تهدد ركائز الدولة فيها. ومن يقارن وضع الكويت بقريناتها في دول الخليج العربية، يشعر بالمرارة لما أصاب دولة الكويت من حالة وهن. والأسباب مختلفة في المشهد الكويتي، إلا أن غياب الإجماع والافتقار إلى الرؤية يشكلان السبب الرئيسي لهذه الأزمة. وفي لقاء مع بعض النخبة اللبنانية جرت محاولة لتحليل أزمة الكويت، وهل ما يحدث نتيجة لديمقراطية مشوهة أم هو تعثر نتيجة لصراع مصالح اعتدنا عليها في الدول العربية التي لايزال البعض فيها يراهن على 'الربيع العربي' لأحداث نقلة في أحوالها السياسية والاقتصادية. في المشهد العربي عامة، لا خلاف على قوة شبكات الفساد ونمو فئة طفيلية تعيش على المال العام وعلى التحكم في صنع القرار وفرض السياسات العامة. وما زالت الحالة المصرية ماثلة أمامنا، ولعل فوز شفيق بالمرتبة الثانية يؤكد ضخامة شبكات النظام السابق ومدى تمكنها من التحكم في توجهات الرأي العام. فقد تحول الفساد إلى غول يهدد الدول، وهو العامل المحرك للثورات العربية.
 
ورغم قتامة الصورة، فإن المنطقة العربية ستشهد تحولات ضخمة لأن حاجز الخوف لم يعد قادراً على منع الناس من التحرك للمطالبة بالحقوق واستعادة الكرامة المهدورة. ما نشهده من شد وجذب هو حالة طبيعية في حياة المجتمعات البشرية، أما المساومة والمراهنة على استمرار هيمنة قوى الفساد والاستبداد فلم تعد مجدية، حيث تبين الشواهد الحية أن التغير يشق طريقه وإن كان طريقاً غير معبد.

تحليلنا للحالة الكويتية يتمحور حول نموذجها الديمقراطي الذي يسعى البعض لإجهاضه بأي ثمن، وهو نموذج يمر بحالة تحول عسيرة لأن الديمقراطية الكويتية أفرزت ولاءات تقليدية ترسخت في ظل غياب رؤية للدولة الحديثة القائمة على فكرة المواطنة المسؤولة. فالتقسيمات الاجتماعية التقليدية تؤدي وظيفة سياسية، وهو نمط مرت به كثير من الدول العربية، حتى أن بعض أحزابها السياسية، التقدمية والوطنية، تأسست على النسيج الاجتماعي التقليدي. لكن حركة 'الربيع العربي' لم تكن حركة مناهضة للسلطة متمثلة في الدولة بقدر ما هي معادية للسلطة المطلقة التي أصابت المجتمع وشكلت علاقته، بمعنى أن الحراك الشعبي العربي يستهدف حتى الأحزاب التقليدية التي فشلت في تحقيق طموحات البشر. فالكويت تراجعت، ليس بسبب نهجها الديمقراطي، لأن الديمقراطية نجحت في بلاد مشابهة في تكوينها وعمرها السياسي مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة، وإنما التعثر في الحالة الكويتية يعود لغياب الرؤية وتنامي شبكات الفساد التي باتت تحكم مفاصل صنع القرار. وهنا ينبغي ألا تغيب عن الذهن الطبيعة الاجتماعية لتركيب المجتمع في مرحلة ما قبل النفط حيث كان لطبقة التجار دور في تأسيس الديمقراطية. وفي الوقت نفسه كانت هناك حركة مناهضة لخلق العثرات سواء المحلية أو الإقليمية، لكنها باءت بالفشل. واليوم تشهد الكويت تنازعاً بين قوى الغالبية البرلمانية المشكلة من خليط اجتماعي يغلب عليه الشكل القبلي، سواء الديني المسيس مثل 'الإخوان' والسلف أو القبلي غير المسيس دينياً... بمعنى أن هناك تغيراً في البناء الاجتماعي، وهذا ما يثير خشية القوى الاجتماعية التقليدية القابضة على صنع القرار وصنع السياسات مما أدخل المجتمع في صراع فئوي يهدد الأمن الاجتماعي في ظل استمرار انشغال الحكم بصراعات داخلية لها تبعاتها على ركائز الدولة.


 

الإتحاد الإماراتية- مقال يفرض نفسه

تعليقات

اكتب تعليقك