سوق العقارات الفخمة تتأثر بمتاعب المصرفيين ..بقلم جيليان تيت
الاقتصاد الآنإبريل 23, 2012, 2:34 ص 959 مشاهدات 0
تشعر آسبن برعشة هذا الربيع بسبب ما يعرف بمشكلة 'حزام المكافآت'، المتمثلة في تطور أنموذج مثير للدهشة في سوق العقارات في هذا المنتجع المترف في كولورادو الذي يؤمه المتزلجون. فالعقارات التي تبلغ قيمتها أكثر من عشرة ملايين دولار احتفظت بكثير من قيمتها في الغالب، والشقق التي تبلغ قيمتها أقل من مليون دولار استمرت في البيع لصالح شركات العطلات، وإن كان ذلك لفترة تقل عن خمس سنوات.
وعلى الرغم من تراوح أسعار العقارات بين مليون دولار وعشرة ملايين دولار كانت هناك قلة من مقدمي العطاءات، فما السبب؟ يلقي السكان باللوم على مشكلة 'حزام المكافآت'. فالمصرفيون الذين كانوا يبعثرون الأموال يمنة ويسرة قبل عام 2007 - والذين كانوا عادة هم من يشترون تلك العقارات – ما عادوا يشعرون بأنهم من طبقة الأثرياء.
فلا تتوقع من بقية ولايات أمريكا أن تذرف الدمع على ذلك. وعلى النقيض، فإن دعوة الرئيس باراك أوباما وغيره من الديموقراطين بفرض ضرائب أكبر على الأغنياء تثير عاطفة أقوى واستقطابا أكبر. ولذا يقول الجمهوريون إن الاقتراح بمثابة حرب طبقية.
لكن على الرغم من كل تلك العواطف - أو بالأحرى بسببها – فإن ما يحدث في آسبن أمر يشحذ الفكر. ففي السنوات الأخيرة كانت هناك أدلة متزايدة على أن عدم المساواة في الدخل آخذ في الارتفاع في الولايات المتحدة. فقد قال اقتصاديون، مثلا، إن 23 في المائة من مجموع الدخل القومي يذهب الآن إلى الطبقة الغنية التي تمثل 1 في المائة من الأمريكيين، وهو ضعف معدل الذي كان موجودًا قبل 25 عاما. ويحتفظ 1 في المائة من الطبقة العليا أيضا بنحو 40 في المائة من مجموع الثروة. لكن على الرغم من أن هذه الإحصاءات سببت مناقشات طويلة حول هذا الموقف، فإن الشيء الأقل وضوحًا هو ما الذي تسبب في نمو هذا الاتجاه، وعلى وجه التحديد من الذي يتلقى هذه الأموال.
جيمس كيه جالبريث، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة تكساس، يطرح في هذا الشأن أمورا تستدعي التفكير. فخلال السنوات القليلة الماضية، أنشأ البروفيسور جالبريث ومعه فريق من الاقتصاديين مركزا مخصصا لفهم الأنماط الحديثة من التباين في الثروات. وهم الآن يقدمون تحليلهم حول هذا الأمر بواسطة كتاب جديد يحمل اسم 'عدم المساواة وعدم الاستقرار'.
في البداية يكتب البروفيسور جالبريث، من المهم أن ندرك أن معظم الإحصاءات الحالية عن عدم المساواة هي إحصاءات معيبة. ففي الغالب يعتمد الاقتصاديون على بيانات الدخل أو بعض القياسات، مثل معامل جيني Gini، وهي بيانات بدائية تميل إلى التركيز على أفكار عفا عليها الزمن حول عمل الاقتصادات. وثانيا، إذا حسبت الأرقام بصورة أكثر دقة وبطريقة حديثة، فهذا سيتحدى بعض المعتقدات التقليدية. ويشمل ذلك المزاعم التي انتشرت في السنوات الأخيرة التي تعزو انتشار عدم المساواة في أمريكا إلى التغيرات الصناعية، مثل فقدان العديد من وظائف التصنيع لصالح الصين.
ويرى البروفيسور جالبريث القليل من الأدلة على ذلك، معتبرا أن البيانات لا تشير إلى 'أن التغيرات في عدم المساواة تستند إلى عوامل حقيقية مثل السباق بين التكنولوجيا والتعليم. وعلى النقيض، فإن العوامل المالية تفسر جانبا كبيرا للغاية من ذلك'. وبشكل أكثر تحديدا، كان التوسع الهائل في حجم عالم المال في جميع انحاء الغرب سببا في ثراء المصرفيين وزيادة قيمة أصولهم، مثل الأسهم والسندات وعقارات آسبن.
وهذا يقودنا إلى النقطة الرئيسية الثالثة، وهي أن الزيادة الأخيرة في عدم المساواة في أمريكا في الواقع ليست بسبب كل ما حدث للسواد الأعظم من السكان. ولكن بدلا من ذلك، فإن التغير الإحصائي تقوده الثروة المتنامية لدى صفوة النخبة. وبدلاً من مراقبة 1 في المائة من السكان، ينبغي لحركة 'احتلوا وول ستريت' أن توجه أنظارها إلى 0.1 في المائة، أو حتى 0.01 في المائة.
وإذا كان هناك من شيء آخر، فإن البروفيسور جالبريث يثير تساؤلاً مهما: إذا انكمش القطاع المالي في السنوات المقبلة، هل يمكن أن يتقلص تيار عدم المساواة؟ وبالتأكيد من الصعب أن نتخيل ذلك في الوقت الحالي، بالنظر إلى مدى الرسوخ الذي يبدو عليه نفوذ وول ستريت. لكن كما يلاحظ جالبريث 'الفارق بين القطاع المالي وغيره من مصادر الدخل يعد مصدرا كبيرا للتغير في عدم المساواة. وفي أعقاب الأزمات المالية، كما نلاحظ مباشرة في تاريخ الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية، فإن القطاع المالي ينكمش، وتيار عدم المساواة يتقلص بصورة متواضعة'.
ويمكن أن يواجه وكلاء العقارات في آسبن برودة في مناخ الأعمال لبعض الوقت، حتى ـ وهنا المفارقة ـ وإن أدت احتجاجات 'احتلوا وول ستريت' إلى سماع أصواتهم بصورة أفضل.
تعليقات