لماذا لا ينبغي أن يدير المسؤولون التنفيذيون العالم؟بقلم سيمون كوبر
الاقتصاد الآنإبريل 23, 2012, 2:17 ص 934 مشاهدات 0
قبل قيام الولايات المتحدة الأمريكية بغزو العراق عام 2003، كنت أتناقش مع صديق، وهو رجل مليونير، حول هذا الأمر. وقال لي ''بالطبع ينبغي أن نغزو العراق. إن الشرق الأوسط لن يزداد سوءًا أكثر مما هو فيه، ولذا فإن أمكنك التغيير، فهذا من شأنه أن يجعل الأمور تتحول إلى الأفضل''. ولكني لم أعرف حينها ما فأجاني أكثر غرابة منطقة، أو تأكيده في التعبير عن رأيه. ولكنه كان يعني مما أسميه أنا الآن ''مغالطة الرئيس التنفيذي للشركة''، وهي الاعتقاد أنك إذا قمت بتشغيل أي شركة بنجاح فإنه يمكنك إدارة البلد كذلك.
وترتكز حملة روميني للترشح لرئاسة أمريكا على ''مغالطة الرئيس التنفيذي للشركة''. ووفقًا لما يقول رومني: ''يتكلم الآخرون في هذا السباق عن الاقتصاد.. ولكنني لا أتكلم عنه بل أنا جزء منه''. وعلى الرغم من أن مغالطة الرئيس التنفيذي للشركة هي زيف. ونستشهد بمقولة كينيدي سكول مستشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما السابق، والأستاذ الحالي في كلية هارفارد ''إن الفكرة التي يمكن استنتاجها من مستوى الأعمال التجارية المتعلقة بفرد واحد، إلى الاقتصاد القومي يبدو بالنسبة لي خلطا عميقا في الأمور''.
وتشبه مغالطة الرئيس التنفيذي ذلك: رجال الأعمال الناجحين يمكنهم إدارة سفن ضيقة وتحقيق أموال. ونحن، على نطاق أوسع في الدولة، نريد إدارة سفن ضيقة وتحقيق أموال. وتعرف أنماط الأعمال التجارية كيف ولماذا ينبغي أن يحكموا. وهذا ما جعل المعجبين بإدارة جورج دبليو بوش يطلقون عليها ''رئاسة الرئيس التنفيذي لشركة''. فالحكومة البريطانية لم تكن لتسمح لأستاذ أدب في العصور الوسطى بمراجعة قطاع النفط، ولكن ذلك حدث عندما سمحت لجون براونن رئيس شركة بي بي (بريتش بيتروليم) بمراجعة التعليم العالي البريطاني.
وفي فكرة مغالطات الرئيس التنفيذي، فإن الرؤساء التنفيذيين غالبًا ما يقدمون سيرة ذاتية منتقاة، يعتمد فيها على النجاح بمجهوده الخاص دون أي مساعدة من أحد، في سوق حرة تمامًا وهو الشيء نفسه الذي قد يفعله كثير من الناس إذا خرجت الحكومة عن الطريق الصواب. ونادرًا ما تشمل السيرة الذاتية السياق: وتقول الحقيقة أن والد الرئيس التنفيذي الذي كان يدير أمريكان موتورز كوربوريشن، أو الذي نفذت له الحكومة تعاقداته، قد بنى الطرق، وبنى دراسات موظفيه.
إن فكرة مغالطة الرئيس التنفيذي جديدة نسبيًا لعدة قرون، وكان رجال الجيش ورجال الدين هم من يتولون إدارة البلاد. وربما بدأ هذا بالتحول في عام 1974، عندما تجمع عدد من رجال الأعمال في دافوس ''منتدى الإدارة الأوروبية''، الذي دعا إليه بعض السياسيين. وبالتدريج، وفي عهد الرئيس الأمريكي ريجان ورئيسة وزارء بريطانيا آنذاك مارجريت تاتشر، تمت إعادة تعريف رجال الأعمال على أنهم ''العالم الحقيقي''. واليوم، في دافوس يُخبر كبار المديرين التنفيذيين السياسيين بكيفية إدارة العالم. ولكن يجب على السياسيين توخي الحذر. فالشركة ليست مثل أي اقتصاد. ويقول ستيفان زيمانسكي، خبير في علم الاقتصاد في جامعة ميشيغان: ''إن معظم الاقتصاديين قد سيطروا'' مع أن هذه مقارنة ضعيفة.
إن هذه المقارنة فاشلة لعدة أسباب، ولكن، وقبل كل شيء، فإن إدارة اقتصاد - ناهيك عن إدارة الدولة - هي نوع مختلف من التعقيد عن إدارة شركة. فالرئيس التنفيذي عادة ما يكون له هدف واحد فقط، وهو تحقيق الربح. ولكن الرئيس له أهداف عديدة.
ويضيف الباحث الاقتصادي فينس دارلي: ''عندما تدير شركة، فإنك تحاول أن تفعل شيئا واحدًا جيدًا. حيث يكون لديك منتج واحد رئيسي، أو قاعدة لأحد العملاء الرئيسين. ولكن الاقتصاد أكثر تعقيدًا من ذلك. لأنك تريد أن تفعل مئات الأشياء، وقد يكون بعضها متضارب''. ويلاحظ دارلي أنه عندما تحاول الشركات عمل أشياء متعددة، فإنها غالبًا ما تفشل. وهذا ما جعل عديدا من التكتلات قد عفى عليها الزمن. فكثير من الشركات لا تستطيع أن تبقى على التغييرات الصغيرة في تخصص واحد.
وعندما أدار روميني الشركات، قام بتخفيض التكاليف. ولكن كما يشير سامرز، أن ذلك لا يصلح لجميع أنواع الاقتصاديات. فإذا ما تم تخفيض التكاليف من شركة، فإن هذه الشركة قد تستفيد، أما إذا قمت بتخفيض التكاليف في جميع أنواع الشركات، فإن الاقتصاد سينكمش، ولن يستفيد أحد.
ولكن هل يجعل المديرون التنفيذيون الحكومات تعمل بصورة أكثر كفاءة؟ ويجيب دارلي عن هذا السؤال: ''تحاول الشركات أن تحصل على أفضل الصفقات، وأفضل تحفيز، ولكن هذا ليس في الواقع ما يبحث عنه الرئيس. إنه لا بد أن يمتلك قوة استراتيجية. أما مهارات الكفاءة فيمكن أن يكون من الأفضل امتلاكها في الإدارة الوسطى من البيروقراطية الفيدرالية''. وبالفعل، فعندما استخدم الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وهو مزارع الفستق الناجح، مهاراته في الرئاسة، انتهى به المطاف إلى أن يخاف حتى من الإشراف على جدول ملعب التنس في البيت الأبيض.
وترتبط فكرة مغالطة الرئيس التنفيذي بفكرة ''زيف الأموال''، وهي فكرة أن الحياة سوق من المال، وأن الرجال الأغنياء يمتلكون مزيدا من الحكمة. وهذا تم التعبير عنه بلطف في احتجاجات اوكيوباي في وول ستريت: فالأشخاص الذين لديهم وقت للاحتجاج يجب أن يكونوا خاسرين، لأن آراءهم لن تجدي شيئًا. وقد دفعت مغالطة الأموال عديدا من خريجي جولدمان ساكس إلى المناصب العليا، بداية من ماريو مونتي، رئيس وزراء إيطاليا، وصولاً إلى ماريو دراجي في البنك المركزي الأوروبي، وجون كوزين، عمدة ولاية نيوجيرسي السابق.
ويمكن أن لا يبدد انهيار صندوق جلوبال كورزاين مغالطة الأموال، تماما مثل مغالطة المدير التنفيذي التي استفاد منها سيلفيو برلسكوني في إيطاليا خلال فترة حكمه. وفي الواقع، أصبحت كل من المغالطات أكثر شعبية، لأن الناخبين بدأوا يشعرون بالملل من السياسيين المحترفين.
ولكن الغريب، أن رومني لديه خبرة ذات صلة لرئاسة الجمهورية، فقد كان حاكمًا مميزًا في ولاية ماساتشوستس. ولكنه لا يستطيع أن يذكر ذلك لأنه قدم الرعاية الصحية الشاملة هناك. ولكن ورغم كل ما سبق قد تُساعده فكرة مغالطة الرئيس التنفيذي للمضي قدمًا في طريقه.
تعليقات