مخاوف من ضربة إسبانية لأسواق الأسهم بقلم جون أوثرز
الاقتصاد الآنإبريل 23, 2012, 2:16 ص 764 مشاهدات 0
يقول فيديريكو غارسيا لوركا: 'في إسبانيا الموتى أكثر حياة من الموتى في أي بلد آخر في العالم'.
خلال هذا الشهر، توقف الارتفاع القوي في أسعار الأسهم والسلع، الذي بدأ في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، في الوقت، الذي رأى فيه المتداولون أن البنك المركزي الأوروبي تجنب انهيارا مصرفيا محتملا في منطقة اليورو. ومن السابق لأوانه القول ما إذا كان هذا يشير إلى نهاية الارتفاع، أو أنها مجرد وقفة صحية للتنفس. لكن من الواضح إلى أين ينصرف الاهتمام وفي أي مكان سيتم الرد على هذا السؤال: إسبانيا. فما زالت إسبانيا تعاني كل المشكلات التي أدت في المقام الأول إلى أن يقع العالم في أزمة مالية.
ولا تتعلق قضية إسبانيا بسياستها المالية، ولا بدولة الرفاهية المفرطة في الاتساع، كما لا يتعلق الأمر بالإسراف خلال السنوات، التي سبقت أزمة الائتمان، حيث وصل الدين الحكومي غير المسدد إلى 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين بلغت قيمة الدين في المملكة المتحدة 94 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ولكن خلافا لذلك، المشكلة في إسبانيا تكمن في فقاعة المضاربة، مدفوعة إلى حد كبير بنسخة من 'الاختلالات الأوروبية'، وهي فقاعة لم يتم تنفيسها بطريقة منتظمة حتى الآن، بنوك وسلطات البلاد بطيئة في إدراك الحقائق.
فقد كانت إسبانيا تنفق بسخاء على البناء في منتصف العقد الماضي، جراء انخفاض أسعار الفائدة الذي كان ملائما للاقتصاد الألماني (المتباطئ في ذلك الوقت)، ولكن هذا الأمر ليس ملائما بالنسبة لبلد يرتفع معدل نمو الائتمان فيه بوتيرة سريعة. وعلى غرار فقاعة الائتمان الأمريكية التي جاءت إثر انخفاض المعدلات المدفوعة بالطلب الصيني على سندات الخزانة الأمريكية، لذلك فإن فقاعة العقارات المحلية في إسبانيا كانت لها جذور ممتدة للخارج.
ولكن لماذا تعاني إسبانيا الآن من أزمة، على عكس الولايات المتحدة؟ لأن بنوكها لم تعترف حتى الآن بحجم عمليات الشطب، التي يجب إجراؤها في أعقاب أزمة الفقاعة. ومن حيث القيمة الدفترية (قيمة الأصول مطروح منها قيمة الحسوم في الميزانية العامة)، فقد تضاعفت البنوك في إسبانيا ثمانية أضعاف منذ عام 1998، وفقا لتحليل عن بيانات مؤشر مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال أجراه ديفيد موريس من وكالة تخصيص الثروة العالمية في لندن. ويعادل هذا المقدار ضعف النمو الاقتصادي في بقية أنحاء أوروبا، كما يعادل أكثر من 80 في المائة في الولايات المتحدة.
في الوقت ذاته، تبلغ أرباح البنوك الإسبانية نحو نصف أعلى مستوياتها، أي مثلما هو الحال في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة. والفرق هو أن في تلك البلدان تتماثل الأرباح للشفاء بعد عمليات شطب ضخمة، وفقا لظروف انفجار فقاعة الائتمان. لكن البنوك الإسبانية لم تقم بهذه العملية حتى الآن، ومن الواضح أن السوق تترقب مزيدا من عمليات الشطب.
وأظهرت الأنباء، التي تم الإعلان عنها في الأسابيع القليلة الماضية أن الإجراء لا يحتمل التأجيل. وما زالت أسعار الإسكان آخذة في الانخفاض، وأعلنت السلطات الرقابية المصرفية في إسبانيا أيضا أن القروض المتعثرة ارتفعت إلى 8.16 في المائة من المحافظ الاستثمارية للبنوك، وهي أسوأ نسبة وصلت إليها خلال 18 عاما. وعند بداية الأزمة، كانت نسبة القروض المتعثرة أقل من 1 في المائة.
وفي الوقت نفسه، ستكون الإجراءات التقشفية التي تطالب بها الأسواق وغيرها من البلدان الأوروبية أكثر صرامة. ويشعر الإسبان بالألم بالفعل مع وصول نسبة البطالة إلى أكثر من 20 في المائة. وتستفيد دول أخرى اتبعت سياسة التخفيضات، مثل البرتغال وإيرلندا، من شعور قوي بالتماسك. وهذا لا ينطبق على إسبانيا التي تخول سلطات إلى الأقاليم التي يتملكها شعور قوي بأنها منفصلة عن بعضها بعضا، وغالبا ما تتحدث لغات مختلفة.
ويفسر كل هذا لماذا عاد الاهتمام يتركز مرة أخرى على إسبانيا. فمن الواضح أن هناك سببا وجيها يدعو للقلق بشأن هذا البلد، لكن هل قدرت الأسواق سعر هذا الأمر بشكل كاف؟
بالتأكيد سوق الأسهم تسعِّر الأشياء على نحو سيئ جدا بالنسبة لإسبانيا، حتى إن كانت حالات الانتعاش في أسعار الأصول تتواصل في مكان آخر مع مجرد توقف معتدل. ففي أسوأ حالاته الأسبوعٍ الماضي، بالكاد تجاوز مؤشر البورصة الإسبانية 'إيبيكس 35' مستوى يزيد 3 في المائة عن أدنى مستوى له منذ الأزمة، المسجل في آذار (مارس) 2009. (مؤشر ستاندر آند بور 500 في الولايات المتحدة عند مستوى أقل بواقع الضعف عن مستواه بعد الأزمة تقريبا). وبالنسبة لمؤشر إيبيكس فهو لا يزيد كثيرا على مستواه في مطلع عام 1998.
وبالتالي، من الواضح أن السوق تعير اهتماما للمخاطر، التي تواجهها إسبانيا، ولأن الأزمة لم تكن مصحوبة بعملية بيع واسعة (على عكس عمليات البيع العالمية، التي تسببت في الأزمات لاقتصاد دولة ليست بالكبيرة مثل اليونان)، هناك رهان واع على عدم حدوث أي عدوى إسبانية للدول الأخرى، بل على العكس يعتقد المتداولون أن رهاناتهم ضد إسبانيا كافية لأخذ الاحتياط ضد المخاطر، التي تتعرض لها منطقة اليورو بأسرها.
والسؤال هنا، هل هذا الرهان أمر جيد؟ بلا شك أنه رهان يظهر الثقة بالبنك المركزي الأوروبي وقدرته على معالجة البنوك الإسبانية ومساعدتها على الخروج من متاعبها، كما أنها تظهر الثقة بالساسة الأوروبيين خارج إسبانيا.
ومن الصعب أن ترى كيف يمكن إنقاذ إسبانيا بعمليات التمويل المتاحة من الاتحاد الأوروبي للقيام بهذه المهمة. ولهذا السبب يحاول صندوق النقد الحصول على مزيد من الدعم. ويقبل العديد في باقي أنحاء أوروبا هذ الرهان بطريقة أو بأخرى كوسيلة مناسبة لوقف الأزمة المصرفية الإسبانية من أن تتحول إلى انهيار أوسع نطاقا، لكن هناك مجال واسع، لأن تشعر الأسواق بحالة من التوتر والعصبية بسبب هذا الحكم، وأن تدفع بأسعار الأسهم نحو الانخفاض في الأشهر المقبلة.
تعليقات