لماذا لم تثمر نعم الكويت الإلهية تقدما مدنياً؟.. خديجة المحميد متسائلة

زاوية الكتاب

كتب 637 مشاهدات 0


الأنباء

لكي تدوم النعم

د. خديجة المحميد

 

النعم من مواهب الرحمن سبحانه، يفيضها بفضله وحكمته على الأفراد وعلى الأمم. وهي إفاضة محكومة بقانونية دقيقة تترابط فيها أجزاء الوجود بفاعلية خلابة وتناغم إبداعي عجيب، وقد شاءت الإرادة الإلهية أن يكون مجتمعنا من المجتمعات الغنية بالخيرات الربانية المادية والبشرية.

تعيش بلادنا بارتفاع سعر برميل النفط وفرة مالية غير مسبوقة، فرص التعليم موفرة للجميع، لم يكن لدينا من يتصفون بالعاطلين عن العمل من أبنائنا الشباب، السكن اللائق كان موفرا للأسر جديدة التكوين، العقول المبدعة من تلاميذنا مازالت تحصد جوائز براءة الاختراعات عالميا. نعم متواترة، تقابلها مشاكل متفاقمة في مجال الخدمات الطبية ومخرجات التعليم، وضيق فرص في سوق العمل أوجد لنا ألوفا من الشباب الذين يعانون البطالة، هذا وقد علا الأنين من الفساد الإداري والفساد المالي والمطالبة بقوانين مكافحتهما.

لماذا لم تثمر النعم الإلهية تقدما مدنيا كما ينبغي في مجتمع الرفاهية كمجتمعنا، لابد وأننا قد عاكسنا قانونية الطبيعة التي لا تثمر إلا مزيدا من النعم والرفاه لمن يسير في مسارها الرباني المرسوم لقوله تعالى (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي شديد) إبراهيم:7، والكفر هنا كفران النعم في مقابل شكرها.

الشكر الفعلي للنعم يتحقق باستثمارها بشكل يضاعف خيرها ونماءها، وذلك يتطلب في مجال الخيرات الجماعية عقول وقلوب تفكر وتستطيب خدمة الآخرين ونفعهم، فتبدع في مجال إدارة الثروات المادية والبشرية وتنميتها. فماذا ينقصنا في هذا المجال لنديم ما بين أيدينا من نعم ونستمتع بها ونضاعفها أكثر فأكثر؟

الذي ينقصنا هو روح العطاء لهذا الوطن الغالي، إذ أصبح الكثير منا يفكر بحدود مصالحه الشخصية فيسعى إلى مضاعفة رصيده الخاص وتحقيق مطالبه الفردية والفئوية، والذي بطبيعة الحال المحكومة بالقوانين الإلهية في نهاية المطاف سيفقد ما كان قد جمعه منها على حساب مصالح الوطن والمواطنين. من قوانين النماء التي تبقي النعم وتضاعفها قانون الإفراغ الذي يقضي الله به الزيادة في عطائه السخي لمن يحدث إفراغا هادفا لموجوداته الذهنية والمادية في سد حاجات الآخرين أفرادا وبلدا. وهذا القانون يقضي بأنه كلما ازداد الفراغ سعة في عملية العطاء وكبر حيزه ازدادت قابلية اجتذاب النعم لصالح الشخص المعطي في مقابل تحقق الشكر الفعلي العملي في بناء الحياة من حولنا على مستوى إحياء الأفراد والوطن.

فمتى ننتبه للتعاطي الذكي مع نعمة الوطن المعطاء، لمضاعفة رصيد المواطنين ورصيدنا وفق القوانين الربانية الجاذبة للنعم المباركة في الدنيا والآخرة؟

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك