'معدومة'.. النيباري واصفاً احتمالات التدخل العسكري الخارجي في سوريا

زاوية الكتاب

كتب 770 مشاهدات 0


القبس

بشار الأسد يراوغ والقتل مستمر  /  خطة عنان تذروها الرياح والرهان على صمود الشعب السوري

عبد الله محمد النيباري

 

مر أكثر من عام على ثورات الربيع العربي، ومازالت أقطار الربيع بعيدة عن جني ثمار الديموقراطية والاستقرار، وإذا استثنينا تونس، فإن الصراع مازال قائما في مصر وليبيا واليمن، وإن كان بأشكال مختلفة.
وحدها سوريا والقوى الشعبية فيها تعاني سفك الدماء بغزارة، وتتصاعد فيها وتيرة العنف بأقصى صورها، فنظام بشار الأسد بعد أن فشلت قوى الأمن والشبيحة في القضاء على التظاهرات الشعبية التي اجتاحت المدن السورية، من درعا في الجنوب إلى إدلب في أقصى الشمال، ومن حمص في الغرب إلى دير الزور، لجأ منذ أشهر إلى إنزال قوى الجيش والأسلحة الثقيلة، من الدبابات وراجمات الصواريخ والمدافع المضادة للطيران والهليوكبتر، لتدمير المدن والقرى بأحيائها السكنية ومن عليها ومن فيها من أسر، برجالها ونسائها وأطفالها، في حملات ما يُسمى بالأرض المحروقة، مستهدفاً القضاء على قوى الثورة، وتهجير السكان، لكي يبسط سيطرته على المدن وأريافها.
كانت أعداد القتلى في الأشهر الثمانية الأولى للثورة تتراوح بين الثلاثين والخمسين يوميا، وبعد استخدام قوى الجيش ارتفع العدد إلى ما بين الخمسين والمائة.. كل ذلك تحت ذرائع وادعاءات بأنه يواجه عناصر وقوى إرهابية تنفذ خططاً وأجندات خارجية لإسقاط وإخضاع نظام الممانعة أو المقاومة لإسرائيل التي تنعم باستقرار جبهتها الشمالية، وتتمدد في بناء المستعمرات في الجولان منذ 31 عاما من دون أن تطلق عليها رصاصة واحدة، وتتجوَّل طائراتها في سماء دمشق من دون أن تواجه طلقة واحدة من مدفع مضاد للطيران.

مراوغة النظام
استغاث الشعب السوري، طالبا التدخل من العرب أولا، ومن المجتمع الدولي، لردع نظام الأسد، لكن هذا التدخل لم ينفع في إيقاف مسلسل القتل، واستخدم أسلوب المراوغة والتسويف والاستفادة من المهل، لكسب الوقت، والمضي في استخدام مزيد من العنف، للقضاء على قوى الثورة.
وافق بعد مفاوضات مطوَّلة مع وفد الجامعة العربية في نوفمبر على السماح لقوة مراقبة لإيقاف العنف ومسلسل القتل، لكنه أفشل عملها بتحديد أين تذهب وأين تراقب، وكان عدد قوة المراقبة قليلا لا يمكنها من نشر مراقبتها، وفي النهاية اعترفت الجامعة العربية بفشل مهمتها وقررت سحبها. ثم نقلت القضية إلى مجلس الأمن، إلا أن الحماية التي وفرها الفيتو الروسي والفيتو الصيني، حالت دون اتخاذ قرار حازم لحماية المواطنين السوريين، وبعد مروره عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتمرير قرار بإدانة أعمال العنف ضد المواطنين، عاد الموضوع إلى مجلس الأمن.
أخيرا، اتخذ قرار بالإجماع بتاريخ 2012/3/12، على اعتماد كوفي عنان سكرتير الأمم المتحدة السابق كمندوب للأمم المتحدة والجامعة العربية للتفاوض مع سوريا، للتوصل لإيقاف العنف، ولم تعترض روسيا والصين على هذا القرار، بل رحبتا به.
وبعد زيارة عنان لدمشق ومفاوضاته مع الأسد وضغوط من روسيا، وافق الأسد بتاريخ 2012/3/27 على مشروع عنان ذي النقاط الست، لإيقاف القتال وسحب الأسلحة والمعدات الثقيلة من المدن والسماح للجان الهلال والصليب الأحمر والإغاثة الإنسانية بالوصول إلى المناطق المنكوبة، كما وافقت سوريا على الالتزام بإطلاق سراح المعتقلين وحرية تحرك الصحافيين، وتعهدت بأن تحترم الحريات وحق التجمُّع والتظاهر السلمي، وتحدد يوم أمس (الثلاثاء) 2012/4/10، لتنفيذ سحب القوات والأسلحة الثقيلة من المدن، وها قد وصلنا إلى هذا التاريخ لإيقاف القتال في تمام الساعة السادسة صباحا، إلا أن القتال لم يتوقف حتى كتابة هذه السطور، بل العكس، فقد اشتد العنف وسفك الدماء، ووفقا لما حملته الأخبار، فقد فاق القتلى يوم الإثنين المائة، وبعض الأخبار تقول إنه وصل إلى 150 شخصاً.

الاستقواء بالخارج
لكن القتال مازال مستمرا، في انتظار نتائج زيارة وزير الخارجية السورية إلى موسكو، والشكوك في التزام النظام السوري بما وافق عليه مع عنان كثيرة، والثقة بتعهداته معدومة، وانه سيحاول المراوغة والالتفاف على ما وافق عليه لكسب الوقت، فالخطة التي يتبعها هي السيطرة التامة على المدن وقراها وأريافها وإسكات أي صوت للمقاومة والاحتجاج السلمي.
النظام يعلم ويدرك أن العودة إلى الجو السلمي واحترام الحريات، بما فيها التجمُّع والتظاهر والاحتجاج، قد تؤدي إلى نهايته وسقوطه، وهو ما لا يمكن أن يسلم به.
نظام الأسد يعتمد على الدعم والسند الروسيين والاستقواء بإيران، ونفوذ إيران في العراق وحكومة المالكي، الذي صرَّح رئيسها اخيرا بأنه لا يؤيد إسقاط النظام، ولا التخلص من بشار الأسد أو إزاحته.
ولا يواجه الأسد احتمالات التدخل العسكري الخارجي على نحو ما حدث في ليبيا، واحتمالات التدخل تكاد تكون معدومة.

الرهان الأخير
والآن، ماذا سيحدث في الساعات والأيام المقبلة؟
لا تشير التوقعات ولا قراءات سلوك النظام السوري إلى أنه سينصاع للالتزام بما وافق عليه مع كوفي عنان مندوب الجامعة العربية والأمم المتحدة.
ويبقى الرهان على صمود ومقاومة الشعب السوري، والاستعداد لتحمُّل المزيد من التضحيات وسفك الدماء والدعم المعنوي الذي تلقاه من الخارج، والضغوط السياسية والاقتصادية على النظام.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك