العتيبي يروي تحول حلم أول مدرسة نظامية في الكويت إلى واقع

زاوية الكتاب

كتب 702 مشاهدات 0

فيحان العتيبي

كان بناء أول مدرسة نظامية في الكويت حلم يراود الكويتيين في فترة مبكرة جداً سبقت اكتشاف النفط وكان المصدر الوحيد للرزق التجارة والغوص على اللؤلؤ، ففي ليلة 12 ربيع الأول سنة 1328 الموافق 1910 وخلال اجتماع ضم عدداً من وجهاء وأهالي الكويت في ديوان الشيخ يوسف بن عيسى القناعي لسماع قصة المولد النبوي الشريف، وبعد انتهاء تلاوة القارئ السيرة الشريفة، طرح السيد ياسين الطبطبائي الفكرة على الحضور فقال: لا يمكننا الاقتداء بسنة الرسول ما لم نعرف سيرته حق المعرفة حتى نتبعها، ولا يمكننا أن نتعلم ما لم يكن لنا مدارس ومعلمون يفيدون النشء ويحفظون مستقبله، ولنتعاون على فتح المدارس لنبعد عنا الأمية وخطرها ونخلص أبناءنا من ظلم الجهالة.
كلمات قليلة لكنها خرجت مدوية لأنها من القلب الى القلب، وكان لها تأثير عميق على مسامع الحاضرين، خصوصا الشيخ يوسف القناعي الذي أراد تحقيق الحلم على أرض الواقع على الرغم من قلة الامكانات المادية، وبادر بكتابة عريضة بين فيها منافع العلم والتعلم ومضار الجهل وضلاله، ووقع في أسفلها بإمضائه متبرعاً بخمسين روبية.
ومن فكرة إلى عريضة إلى تبرع 50 روبية - يقول صاحبها انها ليست في ملكي حينئذ وانما دفعتها بعد أن يسرها الله - انطلق مشروع بناء أول مدرسة في الكويت، وعرضت الفكرة على الشيخ سالم المبارك الذي طلب عرض الأمر على والده الحاكم الشيخ مبارك الصباح.
توجه - صاحب المبادرة - الشيخ يوسف القناعي الى أصحاب الأيادي السخية والخيرة في الكويت فعرض المشروع أولاً على ابراهيم بن مضف فتبرع بمئة روبية، ثم تبرع أبناء خالد الخضير بخمسة آلاف روبية ومثلها تبرع شملان بن علي وكذلك هلال بن فجحان المطيري بخمسة آلاف روبية وزاد ابن مضف التبرع السابق بخمسمئة روبية اخرى، وجرى اكتتاب لأهالي الكويت ووصل المبلغ 12500 روبية، ثم عرض الأمر على التاجرين قاسم وعبد الرحمن آل ابراهيم فتبرع الأول بثلاثين ألف روبية والثاني بعشرين ألف روبية، فوصل مجموع رأس المال 77500 روبية.
كما تبرع أبناء خالد الخضير بأرض كبيرة للمدرسة وبيتاً آخر، ثم أشرف يوسف القناعي على بناء المشروع الذي تبلغ مساحته نحو عشرة آلاف ومئتي قدم مربع والمكون من ست غرف وثلاثة مخازن فوقها غرف صغيرة معدة لسكن المعلمين.
فتحت المدرسة أبوابها في الثاني والعشرين من ديسمبر من عام 1911 وسميت بالمباركية تيمناً باسم حاكم الكويت الشيخ مبارك الصباح وعين يوسف القناعي مديراً لها، كما شكل لها مجلس مالي مكون من: حمد الخالد الخضير - شملان بن علي بن سيف - أحمد الحميضي.
من أشهر معلمي المدرسة المباركية: يوسف القناعي - الشيخ محمد الأزهري المنفلوطي - الشيخ حافظ وهبه - عبدالعزيز الاحسائي - نجم الدين الهندي - نوري الموصلي - عبدالقادر البغدادي - عبدالملك المبيض الذبيري.
انطلق المشروع من فكرة نادى بها السيد الطبطبائي وتبناها يوسف القناعي وطرحها على أهالي الكويت، الذين تسابقوا بالتبرع وجمع الأموال، وبها تم تحقيق الحلم الذي راود الجميع فشيدت وافتتحت أول مدرسة نظامية في الكويت ليتحول نظام التعليم من الكتاتيب الى مؤسسة تعليمية أكثر تنظيماً ومنهجية تخدم أبناء الكويت.

* أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر
في جامعة الكويت

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك