'لم تكن مألوفة سابقاً'.. د. هلال الحربي متحدثاً عن المباني العالية بالكويت

زاوية الكتاب

كتب 529 مشاهدات 0


الوطن

ديمة قلم  /  رعب المباني

د. هلال سعود الحربي

 

عندما تتجه الى مدينة الكويت وتمر بشوارعها وأسواقها القديمة حتما ستتنبه لمنظر المباني العالية التي بدأت تتمدد على تلك البقعة، شيء لم يكن مألوفا في السابق لاسيما أنك تشعر بروح وصدى الماضي من حولك، تشعر بالحياة ونبضها وأنين وأمل وألم وضحك من مر بهذا أو وطئ هذا المكان، حيث عالم الكويت القديمة وكيف لازالت أنفاسه العطرة تغطي الوجود لأنه كان هناك انسان بكل ما تعنيه الكلمة، انسان عمل وتعب وصارع كل شيء من أجل بقاء الدولة أو ذاته أو مجتمعه فالتفاني.. مبدأ وخصلة وقيمة.. كان من أسرار تطور الكويت بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، فرحم الله كل من ساهم في بناء الكويت ورعاها في قلبه وعقله بل كل جوارحه.
من طبعي حب الواقعية حتى وان كان للخيال مساحة في الذهن، وأعلم تماما ان بقاء الانسان ومصالحه وتطوره وتنميته أهم من كل شيء، لذلك لا أحب التباكي على الأطلال وان كانت تحمل شجنا، ولا أحب تقديس وتمجيد الأحجار والأشجار والمباني مهما كانت قيمتها اللهم ما خصه ديننا الحنيف وارتبط بعبادة، لذلك عندما أرى المباني العالية تصيبني هزة نفسية مؤلمة، وتشعرني بالرعب لأنها تحجب الفضاء وتحد من تدفق الهواء وتشعر الانسان بضغط لا شعوري، مما يولد عنده حالة من الارتباك، نعم قد تكون وأنت فوق تلك المباني تشاهد كل شيء وتتأمل ولكنك تصاب بالدوار وتحس بأنك محمول دون ارادة منك.
ان رعب المباني جزء من رعب المكان والكل يعلم تأثير ذلك على مزاج ونفسية الانسان، عدا ان كبرها يمده باحساس غريب بين التضاؤل والانبهار أو حتى الضيق أو انها جاثمة على أنفاس المكان، وهذا مقارب لما وصفه بدر بن عبدالمحسن عندما قال:
الشارع عتمه ونور
زحمه واشارات المرور
تاقف على أنفاس الطريق
مشيت أنا وهمي العتيق 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك