الحكومة فقدت مصداقيتها، ولم يعد المواطن يعرف ماذا يفعل ولمن يأمن ، بلقيس النجار تنتقد من يقول بأن إزالة الدواوين تهديدا للتراث والتقاليد

زاوية الكتاب

كتب 492 مشاهدات 0


 

 

دولة مؤسسات أم دولة فزعات؟ 

 
  نحن نفخر على الدوام بأننا نعيش في دولة مؤسسات، حيث يمارس الفرد منا حياته الطبيعية مطمئنا الى سيادة القانون، مدركا لحقوقه وواجباته. بل ان هذا هو الامر الذي يميز مجتمعنا الصغير عن المجتمعات المجاورة. فأنت تؤدي عملك بأمانة واخلاص وتنتظر من الحكومة ايضا ان تقوم بعملها، كما هو مفترض، فالمعروف ان الدولة تسن القوانين لتنظيم العلاقة بين الافراد بعضهم ببعض وبين الافراد والمجتمع.
لكن، وللأسف الشديد لقد فقدت الحكومة مصداقيتها، ولم يعد المواطن يعرف ماذا يفعل ولمن يأمن. وأحد اهم اسباب الحالة التي وصلنا اليها هم نواب مجلس الامة الافاضل، فبعض هؤلاء النواب لا يضع مصلحة الوطن ضمن اولوياته، بل تأتي اصوات الناخبين في الدرجة الاولى، ولو كان ذلك على مصلحة الوطن والمصلحة العامة، فنحن كمواطنين اصبحنا نرى اهتمامات النواب المرة تلو المرة تنصب على كسر القوانين او الالتفاف عليها، فتارة المطالبة بإسقاط فواتير الكهرباء، وتارة بإسقاط القروض ومرات عديدة للتوسط لمن لا يملك مؤهلات او لمن خالف القانون او حتى لمن ارتكب جريمة! كل هذا ونحن نرى الحكومة تقف موقفاً غير حاسم ومتردداً تجاه هذه النوعية من النواب، بل وتستجيب لهم احيانا كثيرة.
والآن يأتي القرار بتأجيل ازالة الدواوين المخالفة، ليكافئ الافراد الذين تعدوا على اراضي الدولة، وليسخر من المواطن العادي المخلص الذي احترم القانون، ان هذه هي الرسالة التي ارستها الحكومة، كل ما تحتاجه لكسر القانون هو فزعة نيابية للتوسل والترجي لوقف او كسر او الغاء اي قانون مهما كانت اهميته. والملاحظ طبعا من اسماء النواب اهل الفزعة ان معظمهم من اصحاب الديوانيات المقامة على املاك الدولة، وكانت مهددة بالازالة، لقد كان الاحرى بهؤلاء النواب ان يكونوا القدوة للمواطنين بعدم انشاء دواوينهم على ارض الدولة، حيث بمقدور كل منهم شراء او تأجير اراض ومنازل كاملة واستعمالها دواوين، كما فعل غيرهم من النواب. كم تمنيت ان تكون فزعة النواب دعوة للمواطنين لازالة تعدياتهم على اراضي الدولة وحثهم على اتباع القانون بدلا من تشجيعهم على كسره.
والغريب ايضا ان البعض، وفي معرض دفاعهم عن هذه الدواوين المخالفة، اعتبر ازالتها تهديدا للتراث والتقاليد! أي تراث وأي تقاليد؟! ان التراث الكويتي والتقاليد والعادات الكويتية هي في احترام القانون والحرص على المصلحة العامة. ثم من قال ان الديوانية جزء اساسي من البيت الكويتي؟ انها اساسية لمن لديه القدرة على اقامتها داخل بيته والتكفل بتزويدها بكل ما تتطلبه من التزامات. لقد كانت الديوانية في الماضي موجودة فقط في بيوت بعض التجار، اما الآن، فقد اصبح بإمكان كل من لديه رصيف ارتداده متران او ثلاثة ان يقيم ديوانية ليجتمع بها الابناء واصدقاؤهم للتسلية او لتكون غرفة لسائق او عامل.
كل ما ارجوه ان تطبق القوانين وتتم ازالة المخالفات والتعديات بجميع اشكالها، وذلك حفاظا على هيبة الدولة ومصداقيتها، فالمطلوب هو زرع الثقة من جديد في قرارات الدولة لدى المواطن والمقيم وتطبيقها على الجميع، وذلك لتشجيع الناشئة على اتباع القانون واحترامه.

د. بلقيس النجار

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك