إسقاط فوائد القروض لا يلائم المعايير الاقتصادية السليمة، برأى د.التميمي

زاوية الكتاب

كتب 789 مشاهدات 0



القبس

وجهة نظر
إسقاط فوائد القروض لا يلائم المعايير الاقتصادية السليمة
كتب عامر ذياب التميمي :

بعد الإعلان عن ارتفاع أسعار الخام النفطي الكويتي إلى مستوى يلامس الـ 120 دولاراً، كيف يمكن أن نتوقع التعامل السياسي مع زيادة الإيرادات النفطيـة؟ نعلم الآن أن هناك توجهات بين عدد كبير من أعضاء مجلس الأمة لإسقاط فوائد القروض الاستهلاكية والمقسطة، من خلال إلزام الحكومة بدفعها للبنوك، وربما تكون هناك توجهات لزيادة الرواتب والإجور للعاملين في الحكومة، أو تحمل أعباء استخدام المرافق، مثل الكهرباء والماء وغير ذلك من منافع وتحملات اجتماعية. هذه التوجهات لا بد أن تزيد من مخصصات الإنفاق الجاري في الميزانية القادمة، لكن ماذا عن الإنفاق الاستثماري والإنفاق على التنمية البشرية؟
قد تكون هناك مبررات وجيهة ومشروعة لتعديل رواتب العاملين الذين لم يحظوا بأي زيادات أو كوادر أو منافع مثل غيرهم من فئات العاملين الآخرين في الدولة، وربما يتعين النظر في أوضاع المتقاعدين، وهذه التعديلات يجب أن تتم من خلال منظور العدالة الاجتماعية المستحقة لكل المواطنين. بيد أن التوسع في مثل هذه الزيادات أو إعادة طرح مسألة إسقاط الفوائد تتطلب التيقن من ضرورتها ومدى ملائمتها للمعايير الاقتصادية السليمة، والالتزامات تجاه التعاقدات بين البنوك والمقترضين. إن توفر الأموال لدى الدولة لا يعني إنه يجب أن تنفق على أشكال صرف غير متوازنة أو سوية، يجب التأكد من مواءمة الصرف مع منظومة القيم المعتمدة في الأنظمة الاقتصادية الرشيدة.
إن توفر هذه الأموال، وتحقيق الفوائض، يجب أن يدفعنا إلى ابتكار خطط تنموية حقيقية لنقل البلاد إلى واقع اقتصادي متنوع مصادر الدخل، ويعتمد على قوة عمل وطنية. ولذلك فإن مجلس الأمة إذا أراد أن يشهد له التاريخ فعليه أن يساعد على وضع خطة للتنمية البشرية، تعمد إلى رفع مستوى مخرجات النظام التعليمي، وبحيث ترتكز على مؤسسات تعليمية متمكنة بهيئاتها التدريسية، وبإدارة تعليمية كفؤة لتعزيز القدرة على تخريج كفاءات وطنية في مختلف المهن والأعمال. كذلك يجب أن توظف الأموال للارتقاء بالمستويات الأكاديمية للجامعات ومعاهد التعليم العالي، وتوفير معاهد تدريب مهني حقيقية في البلاد. أيضا، فإن التنمية المستدامة تتطلب، بالإضافة إلى توفير كوادر وطنية، تعزيز القدرة على الاستفادة من إمكانات القطاع الخاص في مختلف الأنشطة، بما يعني تحويل العديد من الأعمال التي تتملكها وتديرها الدولة إلى ملكية وإدارة القطاع الخاص، بما في ذلك المرافق والخدمات الحيوية، بشرط أن يعمل القطاع الخاص على الاستعانة بالعمالة الوطنية لتشغيل هذه الأنشطة بعد تملكها، وبموجب معايير توظيف مناسبة.
وكما هو معلوم أن توفر الأموال لدى الدولة في الوقت الراهن يمكن من إنجاز عمليات التحول من دون آلام اجتماعية، حيث يمكن تغطية التكاليف المستحقة من دون عقبات، هذا إلى جانب التأكيد على دفع القطاع الخاص لإنجاز مشاريع الخطة بشكل منفرد أو بالشراكة مع الحكومة أو المستثمرين الأجانب، والتوفير على الدولة قدر الإمكان. ما هو مطلوب هو البحث عن بدائل للسياسات المالية الراهنة باتجاه الكفاءة والتحول الهيكلي في الحياة الاقتصادية.

عامر ذياب التميمي
باحث اقتصادي كويتي

تعليقات

اكتب تعليقك