قبل 22 عاماً
محليات وبرلمانما الذي حصل في بيت القرين ؟!
فبراير 24, 2012, 10:35 م 10212 مشاهدات 0
في الثاني من اغسطس عام 1990 بدأت جحافل صدام تغزو الكويت وتعيث فيها فسادا وتنكل بشعبها الامن فهب الشباب ليكونوا كل على حدة مجموعة خاصة تشكل بما يعرف بالمقاومة الشعبية.
وقد قامت مجموعة من احدى هذه المجموعات التي تشكلت من 31 شابا بتسمية نفسها بمجموعة المسيلة (قوة الكويت) واضطلعت المجموعة بمهام اهمها مقاومة القوات الغازية بكل الطرق والوسائل اضافة الى جمع السلاح فكان يجري ذلك اما من القواعد العسكرية وغيرها او عن طريق شراء السلاح من افراد الجيش العراقي نفسه الذي كان على استعداد لبيع سلاحه بأبخس الاثمان مقابل الحصول على الزاد والماء.
وهكذا اصبح لدى المجموعة كمية كبيرة من السلاح مما حدا بقائد المجموعة الشهيد سيد هادي العلوي ان يأمر مجموعته بخزن جزء من السلاح ودفنه في باطن الارض للاستعانة به وقت الحاجة واستخدام الجزء الاخر في المهمات التي يقومون بها.
تركزت علميات المجموعة على قنص افراد الجيش العراقي وضرب الاليات العسكرية المحملة بالذخيرة في بداية الامر ولم يواجه افراد المجموعة صعوبة في اداء مهماتهم لعدم اخذ الغزاة سبل الحيطة والحذر في تنقلاتهم حيث ان الوضع العام بالنسبة اليهم آمن ولكن مع مرور الوقت بدأوا بتشديد الرقابة واقامة نقاط السيطرة في كل مكان والتمركز في المزارع.
حينئذ استشار قائد المجموعة افراد مجموعته بمغادرة المكان الحالي الى مكان اخر اكثر امانا فاستقر الرأي على الانتقال الى منطقة القرين لكونها منطقة بناء حديثة غير معروفة لدى المخابرات العراقية مما وفر الجو المناسب والامان المطلوب.
استمرت المجموعة في تنفيذ اعمالها البطولية حتى اوائل شهر نوفمبر حيث صعدت القوات العراقية من تشددها في فرض الرقابة على افراد الشعب واتباع اسلوب البطش والتنكيل الجماعي حيال كل من يشتبه فيه مما دفع افراد المجموعة الى التوقف عن عملياتهم العسكرية والانخراط في الاعمال المدنية المتعلقة بخدمة الاهالي كالعمل في المخابز ونقل المياه وغير ذلك.
وفي السابع عشر من يناير حين اعلن انطلاق الهجوم الجوي ايذانا ببدء معركة التحرير اصدر القائد اوامره باخراج السلاح من مخابئه واعداده للمنازلة الكبرى ونظرا الى ان المنطقة كانت حينذاك مأهولة بالسكان خافت المجموعة عليهم من بطش قوات صدام فقرر قائدها الانتقال الى مكان اخر تكون الكثافة السكانية فيه اقل.
فاستقر الرأي على منزل في قطاع اخر من المنطقة كان صاحبه موجودا انذاك خارج الكويت فبدأت عملية نقل السلاح التي تمت بنجاح رغم المشاق التي لقيتها المجموعة في عملية النقل.
وفي العشرين من فبراير ومع اقتراب الهجوم البري والبدء في عملية تحرير الكويت بدأت القوات العراقية في اعتقال الشباب الكويتي من داخل المنازل الخاصة واخذهم كأسرى حرب وفي هذه الاثناء كان افراد المجموعة في وضع استعداد وترقب لاداء الدور الذي طالما حلموا به وتحملوا من اجله الصعاب.
ففي الرابع والعشرين من فبراير حين اعلن بدء الهجوم البري طغى الفرح على نفوسهم فها هو يوم التحرير اتى والكل يترقبون دخول القوات الكويتية وقوات التحالف لتؤدي المجموعة دورها في كشف مواقع العدو واماكن تمركزهم.
وفي الساعة الثامنة من صباح هذا اليوم طلب القائد من افراد مجموعته لبس الزي الخاص بهم الذي اعده بنفسه وهو عبارة عن قميص ابيض اللون نقش عليه اسم المجموعة وشعارها وفي غمرة تجهيزهم للسلاح وصلت سيارة استخبارات عراقية كانت تجوب المنطقة بحثا عن الشباب الكويتي يتبعها باص صغير به عدد من الجنود العراقيين المدججين بالسلاح ووقفت امام منزل القيادة.
وترجل احد الضباط العراقيين من السيارة متوجها نحو المنزل وبدأ بالطرق على الباب فلم يستجب له احد وكعادتهم في هذه المواقف امر الضابط احد الجنود بالقفز من فوق سور البيت واقتحامه لتتسنى لهم سرقة محتوياته.
كان قائد المجموعة وبصحبته احد افرادها يراقب الموقف من خلال النافذة المواجهة للشارع فأدرك القائد بان الموقف بلغ نقطة حرجة ولابد من التصرف فاما الخضوع للقوات العراقية والاستسلام للاسر فالاعدام المؤكد واما الدفاع عن النفس والوطن فكان القرار الذي اتخذ هو الشهادة على ارض الوطن في ظل العلم الأبي.
فبادر القائد الى اطلاق النار على الجندي العراقي ولكن لسوء الحظ فقد تعطل السلاح بيده ليبادر زميله الواقف الى جانبه باطلاق النار فكانت البداية لملحمة الصمود والتحدي الني اصيب على اثرها الضابط الواقف بجانب السيارة في حين لاذ بقية افراد القوات الغازية الى الفرار.
وما هي الا لحظات حتى وصلت جحافل الغزاة من كل حدب وصوب مدججين بالسلاح فحاصروا المنزل من جميع الجهات فأمر قائد المجموعة افراد مجموعته بعدم التمركز في مكان واحد والتوزع على جميع انحاء المنزل وفي المنازل المجاورة لتفريق قوة العدو.
واستمرت المعركة بين الطرفين حتى الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه حيث استخدم الطغاة كل ما لديهم من اسلحة ثقيلة (دبابات مدافع بازوكات وحتى ال ار.بي.جي) مقابل كل ذلك كان الشباب الكويتيون مجهزين بالسلاح الذاتي فقط وهو سلاح خفيف مقارنة بتجهيزات العدو الضخمة.
ومع كل ذلك ابلى الشباب الكويتيون بلاء حسنا في هذه المعركة التي انتهت باستشهاد ثلاثة من ابناء الكويت في الحال واسر تسعة من افراد المجموعة والذين تم العثور على جثثهم فيما بعد ملقاة في مكان اخر بعد ان كان جلاوزة صدام قد اذاقوهم التعذيب وقد كتب الله النجاة لسبعة من افراد المجموعة حيث تمكن اثنان من الناجين من الخروج في الساعات الاولى من المعركة الى المنازل المجاورة.
اما الخمسة الباقون فقد استمروا في المعركة حتى نهايتها بعد ان فشلت القوات العراقية من العثور عليهم وسط الانقاض والظلام الدامس نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي فقد نجى الله هؤلاء ليرووا لنا احداث ملحمة القرين ويسطروها في سجل الخلود امام الجيش الصدامي فقد مني بشر هزيمة وفقد المئات من افراده مخلفا وراءه الخزي والعار.
لقد كانت ملحمة القرين احدى ملاحم البطولة والتضحية وقوة الصمود التي سطرتها مجموعة من ابناء هذه الارض الطيبة بدمائهم وقد اظهرت هذه المجموعة بالرغم من بساطة اسلحتها استعدادها للتضحية لكل غال ونفيس في سبيل الصمود والتحدي لقوى البغي والعدوان ولو ادى ذلك الى استشهادهم جميعا.
لقد ترك هؤلاء الابطال على ارض الكويت اثارهم شاهدا للتاريخ في ارض القرين وقد تفضل الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح بزيارة هذا الصرح التاريخي وامر بتحويل المنزل الذي كان كبقية المنازل المخصصة للسكن الى متحف وطني ليكون شاهدا حيا وباقيا على صمود الكويتيين ورفضهم للخضوع للمحتل وليكون رمزا للفخر ويمثل دربا يسير عليه الابناء والاجيال ويقف شاهدا على الجريمة التي ارتكبها طغاة العراق الذين سلبوا كل غال ونفيس من المنازل ولم يخلفوا وراءهم الا الدمار.
يذكر ان عدد اعضاء مجموعة المسيلة (قوة الكويت) بلغ 31 شابا كويتيا شارك منهم في المعركة 19 شابا واستشهد منهم 12 وكتب الله النجاة لسبعة في حين وقف القدر حائلا بين باقي افراد المجموعة والمشاركة مع رفقاء دربهم اما بسبب وقوع بعضهم في الاسر واما نتيجة لانقطاع سبل المواصلات والاتصال بهم.
شهداء مجموعة المسيلة هم سيد هادي العلوي وعامر فرج العنزي ومبارك علي منصور ويوسف خضير علي وعبدالله عبدالنبي مندني ومحمد عثمان الشايع وبدر ناصر العيدان وجاسم محمد غلوم وخليل خيرالله البلوشي وابراهيم علي منصور وخالد احمد الكندري وحسين علي رضا رحمهم الله جميعا (اصدار عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب - ملحمة القرين الخالدة- 1994).
تعليقات