الديوانية أغلبية بلا حكومة.. وحكومة بلا أغلبية..هكذا يراها د.المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 487 مشاهدات 0



القبس


الديوانية أغلبية بلا حكومة.. وحكومة بلا أغلبية!
كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :

تداولت الأوساط السياسية والبرلمانية مفهوما دخيلا على الاصطلاح الدستوري وأصول النظام البرلماني، ألا وهو الأغلبية المعارضة، وهو إشارة إلى حصول مجموعة من الكتل السياسية وبعض المستقلين والمتحالفين ضمن كتلة المعارضة في المجلس السابق، أي مجلس 2009، على عدد من المقاعد يتراوح عددها ما بين 31 و33 نائبا، وهكذا ظهر ما يطلق عليه الأغلبية المعارضة، وهذا تصوير خطأ لما يجب أن يطلق، وهو الأغلبية البرلمانية، مع ما يستهدفه ذلك من نتائج منطقية سياسية بعد توافرها، وهو ما يستلزم أن يصبح لها دور مباشر في تولي مسؤولية العمل التنفيذي، أي الحكومة، لكن التركيب غير المتجانس لهذه الأغلبية وضعف تحالفها جعلا كلا منها يبحث عن سبل تعزيز شعبيته والخشية من أن يصبح هدفا سهلا للاستهداف السياسي، وهو سبب فشل مشروع المشاركة في الحكومة بمقاعد معقولة ما بين 6 و8 مقاعد، بدلا من اشتراط 9 مقاعد.
وكأنما كان ذلك سببا للتخلص من عبء المشاركة المحرجة وتبعاتها اللاشعبية، فتكونت حكومة بلا أغلبية برلمانية تعمل ضمن تحالف هش ومؤقت لأغلبية انشطارية قد تنقلب عليها في أي لحظة من اللحظات، وصار في قاعة البرلمان أغلبية بلا حكومة، وهو وضع مقلوب وشاذ، في ظل نظام برلماني حقيقي، وهو ما يفضي الى ممارسة برلمانية عرجاء. ان تلمس الأغلبية دروب التفاهم مع الحكومة ليس مدخله التوافق على أولويات بعيدة عنها، ولا تمهد الدرب لأداء تنفيذي عملي مطلوب من خلال تخير الأغلبية أن تسلك مسارا آخر مغايرا، فيتزاحم لديها كم من المشروعات السياسية للإصلاح والقوانين المتزامنة من دون أن تقترن بتنسيق لتنفيذها بدلا من الاكتفاء بإقرارها.
فحينما تكون الحصيلة قوانين متراكمة من دون أثر او ثمرة تلمس على أرض الواقع التنفيذي يصبح التشريع هوسا سياسيا، أو ترفا ديموقراطيا، تستعرض من خلالها الأغلبية عضلاتها من دون جدوى، والأسلم والأفضل هو حث الحكومة وتشجيعها على أن تتبنى برنامجها السياسي المقرر في المادة 98 فورا، وتعلنه ويكون هو بوصلة عملها ومرجعيتها للسنوات الأربع المقبلة، وأن تشجع تقاليد برلمانية عريقة بالتقاء الحكومة والأغلبية على محاور مشتركة للبرنامج الحكومي المناقش والمنقح والمقر من البرلمان في جلسة خاصة ينبغي ألا تتجاوز الأسابيع الأربعة الأولى من عمر الحكومة.
وأرى أن يصدر مجلس الأمة قرارين مهمين، أولهما إقرار برنامج عمل الحكومة بعد التنقيح والتدعيم، وثانيهما منح البرلمان ثقته للحكومة على أساس البرنامج المقر والالتزام به وتسخير كل الجهود لتنفيذه وتعجيل خطواته وتقديم تقرير دوري ربع سنوي عن إنجازاته وإخفاقاته وتصويبه أو المحاسبة على أساسه، وبذلك نحقق جوهر النظام البرلماني ويكون للأغلبية البرلمانية نكهتها الصحيحة وانحيازها لدعم حكومة البرنامج السياسي، وهذا هو المسار الصحيح لاستثمار الأغلبية البرلمانية والتوجهات الحكومية الإصلاحية، وذلك كله ربما يقود إلى تعزيز التحام الأغلبية مع الحكومة وما سيتولد عنه من إفساح مجال حقيقي لبلورة المشاركة بالحكومة بثلاثة أو خمسة وزراء من هذه الأغلبية،’ ضمانا لاستمرار الحكومة واستقرارها وتعزيزا للإصلاح السياسي والإنجاز
والتنمية، التي تجعل من التعاون بين السلطتين واقعا منتجا لا شعارا خاويا يلحق الويلات والأذى بالوطن والمواطنين، كما هو في تجاربنا السابقة، فهلموا جميعا لتحقيق واقع جديد طال انتظاره.
اللهم إني بلَّغت!

أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع

تعليقات

اكتب تعليقك