رغم توبته، كفّروه
زاوية الكتابخليل حيدر يدعو للتسامح مع كشغري والتفهم والعفو
كتب فبراير 17, 2012, 12:13 ص 5319 مشاهدات 0
الوطن
مطاردة «حمزة كشغري»
خليل علي حيدر
أتمنى أن نتعامل في كل العالم الإسلامي في مستقبل الأيام مع القضايا المماثلة بمرونة وسعة صدر
تفاعلت قضية «حمزة كشغري»، الكاتب السعودي الشاب بسرعة بالغة بعد اتهامه بالمروق من الدين والكفر، حيث كتب في جريدة البلاد ما اعتبر مسيئاً للشخصية النبوية، وأثارت كتاباته ضجة كبيرة تسببت في فراره من المملكة العربية السعودية ولجوئه الى ماليزيا ثم تسليمه الى بلده.
وتقول «الويكيبيديا» العربية: في 4 فبراير 2012 الموافق للمولد النبوي، نشر حمزة كشغري سلسلة من التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، واثارت رسائلة، التي تورد الويكيبيديا نماذج منها، ردود فعل اجتماعية كبيرة جداً، اذ نشرت حوالي ثلاثين الف تغريدة عن هذا الموضوع، وأنشئت صفحة على موقع فيسبوك بعنوان «الشعب يريد القصاص من حمزة كشغري، شارك في تأييدها بحلول العاشر من فبراير، اكثر من 12 الف مستخدم!
وفي 5 فبراير، طالب الشيخ ناصر العمر، احد شيوخ السلف المعروفين، في درسه الذي نشر على موقع «يوتيوب»، بمحاكمته بتهمة التعدي على الله ورسوله، كما تم نشر مقطع يحتوي عنوان منزله! وفي اليوم التالي نشر حمزة رسالة اعتذار اعلن فيها التوبة. وذكر احد اقربائه ان الداعية الاسلامي «علي العمري» ناقشه فتراجع. واعلن وزير الاعلام السعودي عبدالعزيز خوجه انه امر بمنع حمزة من الكتابة في اي صحيفة او مجلة سعودية. وفي السابع من فبراير، اي بعد يوم واحد من اعلان توبته، نشر موقع قناة العربية ان حمزة كشغري غادر السعودية بعد أمرٍ بالقبض عليه.
وفي نفس اليوم اعلنت «مؤسسة البلاد للصحافة والنشر» عدم علاقتها به، وانها اوقفت التعامل معه منذ اسابيع، وفي اليوم التالي اصدرت «اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء»، برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، مفتي عام السعودية، بياناً طالبت فيه بمحاكمة حمزة. وفي يوم التاسع من فبراير اعتقل عند وصوله إلى ماليزيا.
وقال المتحدث باسم الشرطة الماليزية، كما ورد في «الجريدة» الكويتية يوم 2012/2/11، ان الشرطة الماليزية قد اعتقلته بعد وصوله الى المطار الدولي في كوالامبور «بموجب مذكرة توقيف صدرت عن الانتربول، بناء على طلب السلطات السعودية».
واوردت وكالة الانباء المحلية ان «كشغري» اوقف «للاشتباه في اساءته للاسلام وللنبي». واضاف خبر الجريدة ان ماليزيا والسعودية لم توقعا معاهدة رسمية لتبادل الموقوفين «الا ان مسؤولاً في وزارة الداخلية الماليزية اعلن انه سيتم تسليم كشغري بموجب اتفاقات امنية ثنائية اخرى بين البلدين».
واعتبرت اللجنة الدائمة للافتاء ان كشغري «كافر» و «مرتد» تجب محاكمته. غير ان منظمة العفو الدولية طالبت السلطات الماليزية باطلاق سراحه وعدم اجباره على العودة الى السعودية، وهذا ماطالبت به كذلك منظمة «هيومن راتيس ووتش».
وجاء في الجريدة ان كشغري الشاب، وعمره لا يزيد عن 23 سنة، قد قدم اعتذاراً قبل هربه إلى ماليزيا جاء فيه: «يزعمون أنني تطاولت عليك، وانا الذي استحضرك دائماً كقدوة. والله لم اكتب ماكتبت الا بدافع الحب للنبي الاكرم، لكنني اخطأت واتمنى ان يغفر الله خطئي، وان يسامحني كل من شعر بالاساءة».
احد الزملاء في صحيفة «الوطن» كتب عن احتمال اصابة حمزة بمرض انفصام الشخصية، «وانه لو عرض على الطب النفسي، وتمت معالجته، فسيعود ويتوب عن مقولته. ومادام كذلك، فاعتقد انه يجب عرضه على الطب النفسي قبل استتابته، وتطبيق الحد الشرعي عليه والمتمثل بقتله.. مع الشكر للسلطات الماليزية». (2012/2/13).
ولكن كيف تدخلت «الانتربول» في قضية من هذا القبيل، حيث المعروف انها تطارد «المجرمين» لا المتهمين بالكفر والردة او المواقف السياسية؟
ولماذا تعجلت الجهات المسؤولة، في دولة لها اهمية اسلامية ودولية فائقة، وتراقبها عيون ناقدة كثيرة، باصدار حكم «التكفير»، رغم ان الشاب حمزة قدم اعتذاراً وتاب عن كلامه؟
ثم لماذا اكتفى الآلاف من المتعاملين مع القضية بالشجب والاستنكار، ولم يبرهنوا على قدرة الدين في الدفاع عن نفسه بالحجة والمنطق، وبخاصة وان الاسلام دين «لكم دينكم ولي دين»؟ اتمنى ان نتعامل في كل العالم الاسلامي في مستقبل الايام مع القضايا المماثلة ونحن نتذكر دائماً ان الاسلام موجود في كل دول العالم، وان عدد المسلمين في خمسين دولة، اكثر من مليار ونصف، وان شاباً بسيطاً وشاعراً مثل «حمزة كشغري» لن يمثل كل هذه الخطورة عليه!
خليل علي حيدر
تعليقات