دور أبناء الأسرة وإحجام المعارضة..عقبات تواجه التشكيل الوزاري، برأى القبس

زاوية الكتاب

كتب 1236 مشاهدات 0


 

القبس

قضية القبس اليوم
المعارضة تتخلى عن مسؤولية المبادرة!

وصل تشكيل الحكومة الجديدة الى عنق الزجاجة. فإما اختناق يبقي البلد وسط الأزمة وفي قلب العاصفة، وإما انفراج يساهم في فكفكة عناصرها، ويبلور المخارج الضرورية للمشاكل وللأزمة المركبة التي تعصف منذ انكشاف الايداعات المليونية قبل ستة أشهر.
من الواضح أن المراوحة في التشكيل تختلف هذه المرة عمّا كانت تعاني منه الحكومات السابقة.
في الماضي كان الاعتراض، اساساً، على غياب الرؤية والبرنامج، واعتماد المحاصصة، وتغليب الولاء على الكفاءة، والأسلوب الانتقائي في التشكيل. لذا، وصلت معظم الحكومات خلال السنوات الثماني الماضية الى طريق مسدود.
اما مشكلة التشكيل الآن، فتتميز بعقبتين أساسيتين:
أولاهما العراقيل التي يضعها بعض أبناء الأسرة لأسباب ودوافع مختلفة، وفي اعتقادنا ان الأسرة هي المعنية بمعالجة هذا الجانب.
أما العقبة الثانية، فتتمثل في إحجام عدد من القوى السياسية ذات الثقل البرلماني الواضح عن المشاركة في العمل الوزاري، واختيار البقاء خارج الحكومة، ان لم نقل في مواقع المعارضة.
نعتقد ان المقاطعة موقف مفاجئ، و ليس خياراً سليماً. فالقوى السياسية والبرلمانية، والمقاطعون اليوم جزء منها، دفعت، منذ انكشاف مسألة الايداعات المليونية، باتجاه استقالة الحكومة، وحل مجلس الأمة، وتشكيل حكومة جديدة برئيس جديد تتصدى للفساد أولاً، وللمشاكل الكثيرة المتراكمة على غير صعيد.
وحتى تصبح الشعارات واقعا، لا بدّ أولاً من إحياء دور مجلس الوزراء كسلطة مهيمنة على شؤون الدولة وادارتها، وان يتّكون من فريق متجانس كفؤ، ذي رؤية وقادر على اتخاذ القرار، يضع أهدافاً عملية واضحة قابلة للتنفيذ، في مقدمتها هدفان أساسيان: مكافحة الفساد، وتطبيق القانون.
سمو الأمير الذي استجاب بحكمته وبعد نظره لمتطلبات إخراج البلاد من النفق المظلم، بمجلس وحكومة جديدين، عيَّن سمو الشيخ جابر المبارك رئيساً لمجلس وزراء المرحلة الجديدة، واضعاً فيه الثقة والأمل للنهوض بالمهمات الجسام، وقد ابدى الرئيس الجديد، على الأقل نظرياً، الاستعداد للقيام بما هو واجب من أجل الإصلاح ومعالجة الخلل.
والأهم انه قرن هذا الاستعداد بمواقف عملية ملموسة لاقت التقدير والارتياح، وبعثت الأمل في ان الاصلاح ممكن، خاصة تشكيل هيئة النزاهة، ثم الاشراف على انتخابات جميعنا شهود على نزاهتها ونظافتها، وهي التي في ضوئها تشكلت أغلبية برلمانية جديدة.
لكن قوى هذه الأغلبية لم تعكس، للأسف، طموح الأمة، واعتمدت موقفاً متردداً من الحكومة، وهي حتى الآن أقرب إلى المقاطعة، وكأنها أسيرة لدور المعارضة، مرتاحة للبقاء فيه، وتتمنع عن الاقدام والمبادرة.
إذا كان ما نسعى إليه حقاً هو نهج جديد، فإن القول لجابر المبارك اذهب وربك فقاتلا، هو أسوأ الخيارات بالتأكيد. إذ المطلوب التشمير عن السواعد، وبذل الإمكانات والجهد، من أجل حكومة قادرة، فاعلة، برئيسها وأعضائها وبرنامجها، وأدائها. وهذا لا يتحقق بالمقاطعة التي لن تجلب سوى حكومة هزيلة، ضعيفة، مكشوفة، ليست هي المنى والمبتغى.
المسؤولية تتوزع على كواهلنا جميعاً. ومن الواجب الوطني أن ننهض بها، ونؤديها بأمانة وشرف واقتدار. واذا لمست القوى المتحفظة تجاه المشاركة في الحكومة ان الرياح تسير بما لا تشتهي سفن الأمة، فلنستنفد محاولات التغيير من الداخل، وعندما تدرك، وهذا أسوأ الاحتمالات، ان الأبواب موصدة أمام الإصلاح، فالاستقالة حق لا يصادره أحد، فتكون الأمة، عندها، على بيّنة عن المعرقلين.
الظروف الاستثنائية تحتاج قرارات استثنائية. ومصلحة البلاد تفرض مغادرة دور المعارضة، وتولي مسؤولية العمل والمبادرة. ولنعط الناس الأمل بأن تغيير الأشياء للأحسن ممكن في الكويت.

تعليقات

اكتب تعليقك