كويت الماضي، يُذكرنا بها خليل علي حيدر عبر كتاب «لقاء مع التاريخ»

زاوية الكتاب

كتب 854 مشاهدات 0



الوطن

خليل علي حيدر : مذكرات.. عن كويت الماضي

خليل علي حيدر


هذه ليست مجرد رحلة في اعماق تاريخ الكويت منذ بداية القرن العشرين حتى نهايته، بوفاة جد المؤلف الحاج اسماعيل علي اسماعيل جمال، المتوفي عام 1994، بل هي كذلك مذكرات شخصية واجتماعية وثقافية ثرية مكتظة، وتفاصيل يومية اقتصادية وسياسية متزاحمة، ربما لم يدون اي مثيل لها في تاريخ الكويت!.
كتاب «لقاء مع التاريخ» للمؤرخ والموثق الاجتماعي المعروف، صاحب المؤلفات والمصنفات الزاخرة دوماً بـ «المعلومات المجهولة» في تاريخ المجتمع الكويتي، الاستاذ محمد عبدالهادي جمال.. كتاب جمال الجديد، توثيق رائع لمسيرة المجتمع الكويتي منذ مفتتح القرن العشرين، حيث ولد الحاج اسماعيل جمال عام 1891، في عهد الشيخ عبدالله الثاني بن صباح، ليتوفى في زمن الشيخ جابر الأحمد، متجاوزاً في عمره قرناً كاملاً.
اشتهر الحاج اسماعيل جمال بمصنع السمسم ومشتقاته من الحلويات والهردة – او الطحينة، وكان المصنع من ميراث العائلة حيث بذل جهداً كبيراً لاعادة تشغيله، وقد استمر الحاج اسماعيل وعدد من افراد العائلة في العمل في هذا المصنع، او «الكاركة» كما كانت تسمى في الكويت، لفترة استمرت حوالي اثنين وثلاثين عاماً الى عام 1961، عندما قامت ادارة املاك الدولة بازالة الكاركة.. بعد تثمينها، ولو بقيت لكانت من ابرز منشآت التراث!.
لا يدور الكتاب حول مصنع السمسم، الذي كان محور حياة الجد اسماعيل جمال ووالده المتوفى عام 1982، بل يتناول ذكريات الجد، الحاج اسماعيل، كما يدون تفاصيلها حفيده، مؤلف الكتاب، والذي كان موضع حب وحنان هذا الجد. وقد جمع الاستاذ هذه المعلومات خلال مقابلات متكررة ممتدة شملت الشأن العائلي والقضايا العامة وذكريات الجد خلال قرن كامل، عن احداث الكويت.
يتحدث الكتاب عن اول رحلة للحاج وكان عمره ست سنوات، ورحلة اخرى عام 1902 الى العراق وايران في زمن العثمانين، حيث استغرقت الرحلة النهرية بين البصرة وبغداد عدة ايام، ويتذكر الحاج موقفاً جرى عام 1900، وكان عمره 8 سنوات، اثناء دراسته لدى المطوعة لطيفة الشمالي، حيث «كان وزملاؤه في ذلك اليوم منهمكين في الدرس وهو قراءة القرآن، فاذا بشخص يطرق الباب فتتوجه اليه المطوعة لطيفة ليخبرها بعودة الشيخ مبارك الصباح من حرب الصريف وحيداً وقد قتل جميع من معه، فعم الحزن الجميع، وخاصة ان شقيق المطوعة لطيفة راشد الشمالي كان من بين القتلى وكذلك احد عبيد عائلة الشمالي» (ص41).
ويمضي الكتاب متحدثاً عن الكتاتيب وذكريات الطفولة والبيت والفريج والمدينة القديمة قبل الحرب العالمية الأولى والامن في المدينة وبناء قصر السيف وزواج الشيخ حمد المبارك والكاركة واليهود في الكويت، ويتحدث الفصل الثاني عن مجالات العمل التي دخلها الحاج اسماعيل في شبابه، والاوضاع المعيشية في الكويت اثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها، والسفر للتجارة مع والده، والذهاب الى الحج مع قوافل الجمال عام 1934، «وقد استغرقت الرحلة مائة يوم، وتوجهوا من الكويت الى المدينة المنورة اولاً، ضمن حملة الحاج علي المؤمن، الذي دفعوا له 120 ريالاً نمساوياً للشخص الواحد، وكانت الرحلة في اثناء الشتاء الذي تميز باعتدال الجو ووفرة الامطار، وكانت الحملة تتكون من حوالي 50 جملاً، وكان الطريق يستغرق شهراً من السير ذهاباً وشهراً اخر للعودة، ويقضون حوالي اربعين يوماً ما بين زيارة المدينة المنورة والقيام بمناسك الحج في مكة المكرمة، ومن الذين رافقوه الحاج مكي حسين الجمعة وحسن بن الشيخ موسى المزيدي وعباس الحمر وعائلاتهم»، (ص 201).
في الكتاب معلومات تفصيلية عن بداية الحسينيات والحياة الدينية للشيعة الكويتيين وزيارة المدن والمزارات في العراق مثل كربلاء والنجف، اما مفاجأة الكتاب الكبرى، فهي الخارطة الكبيرة المطوية في نهاية الكتاب وهي عبارة عن مخطط شامل لبيوت الكويت في المنطقة الوسطى ودروازة العبدالرزاق واسماء اصحاب هذه البيوت ولا ادري ان كان الاستاذ الفاضل قد رسم خرائط بمثل هذا التفصيل لمنطقتي الشرق وقبلة، والخريطة عبارة عن رسم دقيق لترجمة صورة جوية شاملة التقطت لمدينة الكويت عام 1951، انه انجاز مبتكر فعلاً!.
لا يمكن انجاز كتاب «لقاء مع التاريخ» في مقال قصير فكتب الاستاذ محمد عبدالهادي جمال ثرية جداً بالمعلومات، وهو يقول في مقدمة الكتاب «ارجو ممن لديه اي اضافة او تعديل الا يتردد في الاتصال بنا على الرقم 55900309، او البريد الالكتروني [email protected] .. والأمر لكم!

خليل علي حيدر

تعليقات

اكتب تعليقك