نتائج الانتخابات فرزت الكويت إلى مدرستين، إحداهما عنيفة والأخرى إصلاحية، برأى عبدالهادى الصالح

زاوية الكتاب

كتب 694 مشاهدات 0


 

الأنباء



بارود مجلس الأمة الجديد!

إذا كان الهدف من حل مجلس الأمة السابق هو العودة الى المواطنين لاستفتائهم حول رأيهم في العلاقة المتأزمة بين الحكومة والمجلس، فقد جاء الجواب واضحا ومباشرا!
أولا: أسفرت انتخابات الخميس الماضي لمجلس الأمة عن انقسام الناخبين وفرز الكويت الى مدرستين – إن صح التعبير:

٭ مدرسة تتبنى المواجهة العنيفة ضد الحكومة ورموزها داخل مجلس الأمة وخارجه بالشوارع تحت قيادة نواب، وترى ان نمط هذه المواجهة قد نجح وحقق أهدافه بامتياز، وثبت ان «هيك سلطة تحتاج الى هيك مواجهة!»، باستخدام كافة الوسائل الضاغطة لدرجة الخنق! حيث لا تكفي الأدوات البرلمانية بذاتها لمحاربة ومعالجة الفساد ورموزه، ويبدو ان هذه المدرسة لها «بلوكها» المتمركز في الدائرتين الانتخابيتين الرابعة والخامسة مع تداخل في الدوائر الأخرى خاصة الثالثة ونجاح رموز هذه المدرسة بهذا الكم الهائل من الأصوات سوف يكون دافعا أكثر نحو المزيد من اللجوء الى الشارع واستخدام مزيد من القوة لمواجهة أي تردد حكومي تجاه أي عمل إصلاحي يرونه مناسبا وبحسب مقاييس نواب هذه المدرسة، أو تراخ حكومي وتباطؤ في تحقيق مكاسب وامتيازات شعبوية يريدونها.

٭ مدرسة تتبنى العملية الإصلاحية ولكن بروح ديموقراطية هادئة دون ان تتجاوز أروقة مجلس الأمة وعندها استعداد لمهادنة الحكومة بإعطائها مزيدا من المهل، لكنها عنيفة في مواجهة رموز المدرسة الأولى حيث تراهم أقرب للفوضى وانتهاك الأمن الوطني، لكن مع سقوط بعض رموز هذه المدرسة في الانتخابات الأخيرة، أو انسحابهم من حلبة الترشيح، من المتوقع ان تغير هذه المدرسة نهجها خاصة ان الحكومة متراخية جدا مع مطالب مواطنيها المنسجمة مع الدستور والقانون، مستجيبة للمطالب التي تأتيها عبر الضغوطات العنيفة للشارع، ولعل هناك ثارات لهم عندما التفتت السلطة عنهم وكأنهم أداة استخدام مؤقتة ترمى في سلة المهملات بعد المهمة! واتجهت الى المدرسة الأولى مستسلمة طائعة مستجيبة لكافة مطالبهم المكلفة سياسيا وماليا! وقد صرح أكثر من نائب أثناء الترشيح عن النية لإعادة النظر في العلاقة مع الحكومة.

هذا الفرز الواضح أوجد كذلك عناصر متطرفة في كلتا المدرستين من المتوقع ان يكونوا قنابل مدمرة تجاه بعضهم «والله هو الساتر!».

ثانيا: مبدأ «خذ حقك بيدك» تمثل جليا في هذه الانتخابات عندما تمترست كل فئة خلف رموزها الواعدة الى البرلمان، لأنه ثبت ان الحكومة لا تعطي إلا عبر حسابات سياسية تضمن لها دعما وحصنا وحماية وبسبب ذلك تطبق القانون حينا وتغض النظر عنه أحيانا كثيرة. وبسبب ذلك فقد مجلس الأمة الجديد عناصر برلمانية وطنية عندما عزلت أصوات هذه الفئة ورموزها عن مرشح هويته الفئة الأخرى وأصبح ضحية لهذا الموقف الحكومي المعيب. بل ان مبدأ «خذ حقك بيدك» استخدم بشراسة شديدة عندما غضت الحكومة النظر عن تجاوزات قانونية أو شبهات قانونية وصلت الى حد إحراق المقرات والهجوم على القنوات الفضائية والتهديد «بتزكية» المرشح المنافس بيد الجماعة الغاضبة مباشرة كبديل لمؤسسات العدالة!، ومن المؤكد ان ذلك شجع على مزيد من التحالفات الفئوية المعلنة والخفية لضمان وصول الناصرين!

ثالثا: غياب المرأة عن المجلس لا ينبغي تقييمه على انه نتاج حرب الرجال ضد «المرأة النائب» فنسبة الناخبات النساء أكثر من الناخبين الرجال. ولكن يمكن تقييمه على أساس أنهن ضحية ذلك الفرز وهذا المبدأ الفئوي اضافة الى ان أداءهن يماثل أداء النواب الرجال قوة وضعفا وكذلك مواقفهن السياسية والرقابية.

ان هذه القراءة السريعة بخطوطها العريضة تفرض ما يلي:

٭ تفرض على الحكومة استحقاقات لا مناص من تبنيها والثبات عليها وهي تطبيق مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وتطبيق القانون على الجميع من تلقاء نفسها وفورا! وان تمارس دورها كأم لجميع الكويتيين وتقنعهم بانها مصدر الأمن الاجتماعي وليس فئتهم أيا كان وصفها أو حجمها او قيمتها السياسية، وبذلك تساعد على تخفيف حدة التطرف الفئوي عمليا من خلال مؤسساتها وليس عبر الشعارات والأناشيد والأغاني الوطنية!

٭ على المعنيين بالعملية الوطنية الإصلاحية وخاصة نواب مجلس الأمة الجديد أن يسارعوا بعقد حوارات مغلقة الآن وقبل افتتاح الفصل التشريعي الجديد ومنفردة مع من يتوقع ان يكونوا بارود قنابل مواجهة برلمانية وإقناعهم بان «السكرة راحت وجات الفكرة» وان البرلمان ليس شاشة تلفزيون، ولابد من الحوار الهادئ البناء فعمل المجلس قائم على العدد المؤثر وألا يستهلكوا أنفسهم في قضية واحدة مكررة والتعامل بواقعية والتعامل مع مرجعية القانون. وأن نقبل جميعا بنسيجنا الاجتماعي ولا يمكن إلغاء الآخر!

وأخيرا نبارك لجميع نواب مجلس أمة 2012 وفرصة أفضل لمن لم ينجحوا فيه.

تعليقات

اكتب تعليقك