الجويهل إن نجح، أو لم ينجح، فقد نجح في كشف جهلنا، برأى د. حامد الحمود
زاوية الكتابكتب فبراير 1, 2012, 12:14 ص 1613 مشاهدات 0
القبس
المُرشَّح الجويهل يكشف جهلنا!
د. حامد الحمود
لم أستطع الخروج من منزلي في العديلية في ساعة متأخرة من مساء الإثنين 2012/1/30. فقد كان المنظر غريبا علينا، خاصة أننا نسكن في القطعة 2، وليست 3، التي تعوّد أهلها على الازدحامات المرورية حين تكون هناك مباراة كرة قدم على ملعب نادي كاظمة. ازدحمت السيارات إلى أن أغلقت الشوارع، ولاحظت كثرة سيارات النجدة. قررت العودة إلى المنزل وقضاء بقية المساء في خيمتنا الصغيرة التي نصبناها داخل حديقتنا الصغيرة، لتخبرني زوجتي أنه قد وصلها اتصال بأن مقر المرشح محمد الجويهل قد حُرق. بعدها عرفنا أن القبيلة قد شنت غارة على مرابض الجويهل، بعد أن جرح مشاعر أفراد القبيلة ضمن خطابه إلى جماهيره، الذين وجدوا فيه مدافعا عن مراعيهم.
وتعمّدت في صباح اليوم التالي أن أغيّر من مساري اليومي في المشي. فقد أخذت شارع عبدالله النوري شرقا ثم شمالا إلى شارع سلطان الكليب، ويمينا عند دوَّار الجمعية ثم عبرت الشارع إلى مقر المرشح الجويهل، الذي وجدته قد احترق عن بكرة أبيه. توجّهت نحو الشرطي الذي كان يحرس الموقع وسألته: «أرجو ألا يكون الحريق قد سبب ضررا لأي من الناس، فأجابني بالنفي وبطريقة غير مشجعة لأن أسأل سؤالا آخر»، فاتجهت عائدا إلى منزلي. هذا ولاحظت أن مقر أو خيمة المرشح الجويهل قد نصبت مقابل رابطة الأدباء الكويتيين. ولعلها مفارقة كبيرة أن يكون مقر هذا المرشح الذي كتب إعلانا كبيرا على مقره معلنا «الكويت للكويتيين فقط» أن يكون ذلك في وطن يشكل فيه غير الكويتيين حوالي %70 من السكان. هؤلاء هم الذين قاموا بالفعل ببناء هذا المقر، وبأجر، طبعا. وأكثر الاحتمالات أنه حتى هذا الإعلان الاستفزازي كان قد خط من قبل غير كويتيين. كما أنها مفارقة، أن يكون مقر المرشح الجويهل أمام رابطة الأدباء! هذه الرابطة التي يرتادها يوميا نخبة من الأدباء والمهتمين بالأدب من كويتيين وغير كويتيين. وأكثر الاحتمالات أن الكويتيين المترددين على الرابطة، لم تطأ أقدامهم هذه الخيمة الحديثة التي أصبحت مقرا لهذا المرشح المثير للجدل.
المرشح الجويهل إن نجح، أو لم ينجح، فقد نجح في كشف جهلنا. فهذه الجموع التي وجدت فيه ناطقا بما تخفيه صدورها تحتاج إلى مراجعة نفسها. فالوطنية لا تكون باستفزاز مشاعر مواطنين آخرين. ومن المخزي أن يكون ذلك في حضور ممثلين سابقين للأمة. ومن المحزن ألا تجد هذه الجماهير غير المرشح الجويهل ناطقا أو معبرا عن تطلعاتها. هذا، وقد يستغرب البعض ان وجدت في المرشح الجويهل شخصية تستحق العطف أكثر من أنها شخصية يحنق عليها أو يعجب بها! ولو راجع نفسه لوجد أنه مستغل أكثر من مقرر لمصيره. فقد أصبح مستغلا من تيارات وقوى اجتماعية واقتصادية وسياسية تريد زج البلد في صراع اثني ومناطقي وطائفي. ومن الغريب كذلك، أن ترى الطائفة الشيعية ممثلة بكثير من قياداتها السياسية في هذا المرشح حليفا، وهي الطائفة التي يتوقع أن يكون بعدها التاريخي في دفاعها عن الضعفاء سندا لسموها الأخلاقي! أما لأفراد، قبيلة مطير الذين هاجموا خيمة الجويهل التي نصبها في مرابضنا في العديلية، فنرجو منهم إنذارنا في المرات المقبلة، فنحن لسنا بجويهليين. وإن كانت مشاعركم حساسة لهذه الدرجة، فنقترح عليكم الهرولة في نادي كاظمة المقابل ـ كذلك ـ لمقر الجويهل، قبل حضوركم التجمعات السياسية. فعسى أن يهديكم ذلك إلى ردود أفعال غير إضرام النيران.
لكن يبدو أن مجتمعنا كله في ورطة، ويمر بتدهور في السلوك الأخلاقي ويعاني عسر هضم للديموقراطية. وهناك حاجة إلى أن نتعلم من الآخرين الأكثر تطورا في أنظمتهم الديموقراطية، أن نقارن بيننا وبينهم. وقد حدث أنه أثناء كتابتي هذه السطور، اطلعت على بريدي الإلكتروني لأجد رسالة من الصديق د. طارق الدويسان ـ أستاذ الهندسة الصناعية بجامعة الكويت، تضمنت مقالا نُشر على موقعه في الشبكة للمهندسة بسمة عادل، وجدت أنه من المناسب أن أختتم به موضوعي هذا. فقد كتبت المهندسة بسمة تعريفا ووصفا للمقارنة المرجعية الهادفة بالاستفادة من تجارب الآخرين، قائلة: «المقارنة المرجعية هي أن تكون متواضعا لتعترف بأن شخصا أو مؤسسة أو مجتمعا، أفضل منك في شيء ما. وأن تكون حكيما بدرجة كافية لتتعرف على كيفية الوصول إلى مستواهم، بل وتتخطاهم جميعا».
لكن، كيف نتعلم أن نكون متواضعين؟!
د. حامد الحمود
تعليقات