القبس تنصح الناخبين بتجاوزِ الانتماءَ الطائفيَّ والقبليَّ والعشائريَّ والعائليَّ والمصلحيَّ الضيقَ

زاوية الكتاب

كتب 628 مشاهدات 0


القبس قضية اليوم نوعيةُ المجلسِ والنوابِ.. خيارُك هذه ليست محاولةً للتأثير.. بل دعوةٌ للمشاركةِ في التفكيرِ، وانعاشِ الأملِ بالتغييرِ. الكويتيون مقبلون، الخميس، على انتخاباتٍ، يمكن وصفها بأنها تاريخيةٌ، بعدما اعتمد سموُّ الأميرِ حلاً مزدوجاًَ لما أصبح يعرف بأزمةِ الإيداعاتِ المليونيةِ: استقالةُ الحكومةِ وتعيينُ رئيسِ وزراءٍ جديدٍ، وحلُّ مجلسِ الأمةِ دستورياً. ومن المنطقي أن يكونَ الهدفُ الأساسيُ للانتخاباتِ بعد غدٍ، تنظيفَ الحياةِ السياسيةِ ومؤسساتِنا الدستوريةِ من طاعونِ الفسادِ، وفرضَ ارادةِ الأمةِ بالتغييرِ نحو الأحسنِ. ومن نافلةِ القولِ انَّ حسنَ اختيارِ السلطةِ التشريعيةِ هو المدخلُ الحقيقيُّ، وربما الوحيدُ، والفاعلُ، لمكافحةِ الفسادِ، وعلى مختلفِ المستوياتِ. وهنا تحديداً، تكمن مسؤوليتكَ كناخبٍ وناخبةٍ، فمفتاحُ نوعية المجلسِ بيدِكَ. فأنتَ المسؤولُ عن اختيارِكَ، وانت من يقرِّر أيَّ مجلسٍ سنرى غداً. ومهما كانت الحقيقةُ قاسيةً، فلا بدّ من المصارحةِ بأنكَ أنتَ الذي اخترتَ المجلسَ السابقَ، ثم ناضلتَ ضدَّهُ حتى رحلَ من دونِ أسفٍ، بعدما سقطَ أخلاقياً وسياسياً، إثرَ تلوثِ أكثرِ من ربعِ أعضاِئهِ بالرشى السياسيةِ، وباعوا ثقتكَ التي منحتهَمْ إياها، بإيداعاتٍ مشبوهةٍ أوصلتهُم إلى القضاء. إذنْ، أنتَ أمامَ اختبارِ الاختيارِ.. والكرةُ في ملعبِكَ. هل تُريدُ نسخةً من المجلسِ الذي مضى، أم تُريدُ سلطةً تشريعيةً قادرةً على التعبيرِ عن آمالِكَ وطموحاتِكَ، ونواباً يؤدونَ المهمةَ التي انتدبتَهُمْ إليها بالأمانةِ والشرفِ، فيساهمون - عبر التشريعِ والرقابةِ - في بلورةِ العلاجِ لمشاكلِنا، ووضعِ بلدِنا على سكةِ التنميةِ والازدهارِ؟ قد يرى البعضُ أننا نحلمُ، ويعتبرُ آخرون أننا نعيشُ وهماً، بعدما «رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصحفُ»، لأنَّ الاختيار قدْ تمَّ، والمعركةَ حُسمتْ، والصورةَ اكتملتْ، بفرعياتٍ، وخياراتٍ طائفيةٍ، أو فئويةٍ، أو صناديقَ ترشو، ولم يبقَ إلا القليل من الرتوشُ، بحيثُ لمْ يعدْ ينفعُ كلامٌ ولا تحذيرٌ أو تنبيهٌ، في تحديدِ مَنْ سيصلُ الى قاعةِ عبدالله السالمِ، أو في نوعيةِ المجلسِ الجديدِ. ندركُ انَّ الوضعَ ضبابيٌ، وأن القوى المُدَمِّرة لا تزالُ قويةً، وتَبذلُ جهوداً حثيثةً حتى اللحظةِ الأخيرةِ، ظهر جزءٌ منها، وبقيَ معظمُها في الظلامِ، لإعادةِ إنتاجِ مجلسٍ مشوهٍ، وايصالِ أعضاءٍ معروفين بسوابقِهمِ الضارةِ بالوحدةِ الوطنيةِ، وإثارةِ النعراتِ، ونبشِ التبايناتِ، ويشجعونَ الاصطفافَ القبليَّ، والحشدَ الطائفيَّ، ويصنفونَ مجتمَعنا ويعبثونَ بنسيجِنا الوطنيّ. المكشوفُ من عملِ قوى التدميرِ، على قلتهِ، كافٍ لمعرفةِ خطتهم الجديدةِ. وهي الدفع نحو ترجيح الخيار الاكثر تطرفا في كل فئة، لـ «تخزيم» الديموقراطيةِ من داخلِ مجلسِ الأمةِ، بعدما عجزوا عن تحجيمها بأدواتٍ أخرى، وايصالِ من يحرفُ المجلسَ عن مهمةِ التشريعِ والرقابةِ، ليحوِّلهُ الى ساحةِ إثارةٍ وسبابٍ و«مطاقق»، فيهوي به إلى أسفلِ سافلين حتى يعافهُ الناسُ ويصدوا عنه. رغم كل هذه المخاطر التي ندركُها، فلن نتشاءمَ أو نيأسَ، لأن ثقتنا بشعبنا لا حدودَ لها. فالناخبون زادتهمُ التجربةُ معرفةً، وصقلتْ خبرةُ الأشهرِ القليلةِ الماضيةِ، منذ تفَّجرت الأزمةُ العنيفةُ، آراءهمْ، فصاروا أقدرَ على التمييزِ بينَ منْ يمنحونه ثقتَهمْ، وبينَ مَنْ يجبُ انْ تحجبَ عنهُ. ونحنُ على ثقةٍ، بأنَّ الناخبَ أكثرَ وعياً لخطورةِ خيارِهِ، وانهُ يدركُ انهُ المسؤولُ بالاستجابةِ لخيار حرٍّ، أو عندما يرضخُ لضغوطٍ قبليةٍ أو طائفيةٍ أو فئويةٍ، أو عندما يسقطُ في مستنقعِ بيعِ الصوتِ والخضوعِ للرشوةِ والفسادِ. لتكن مصلحةُ الكويت خيارَنا الأول، ولنتجاوزِ الانتماءَ الطائفيَّ والقبليَّ والعشائريَّ والعائليَّ والمصلحيَّ الضيقَ، وليكنْ رائدُنا أمامَ صندوقِ الاقتراعِ: تكريس الانتماءِ للوطنِ. القبس

تعليقات

اكتب تعليقك