د.الذورة ينتقد حالة السخف والسوقية التى تعج بها مقرات بعض المرشحين
زاوية الكتابكتب يناير 25, 2012, 1:09 ص 874 مشاهدات 0
الراى
د. مبارك الذروه / رواق الفكر / مرشحون في فراغ...
سئل احد المرشحين عن برنامجه الانتخابي فقال ان أوجد للشباب مكانا يمارسون فيه هواياتهم في سباق واستعراض السيارات!
وقال مرشح آخر ان اقف أمام التأزيميين وأخرس ألسنتهم داخل البرلمان!
وقال ثالث تلبية احتياجات الأخوة المسيحيين واليهود!
الفراغ المنهجي الذي يعيشه كثير من مرشحي اليوم يظهر حالة الإفلاس والتوهان الفكري والثقافي الذي يعيشون في كنفه. فنحن لم نسمع إلى الآن - إلا ما ندر - من يقدم لنا برامج وأفكار ورؤى وحلول تنتشلنا من المستنقع الآسن الذي وضعنا فيه مجلسي الأمة والوزراء!
مرت البلاد بهزات سياسية وانحرافات قيمية في الممارسة الدستورية، عطلت معها أدوات الرقابة، وزورت فيها إرادة الأمة، فنهبت الثروات... وكسرت القوانين... وشوهت الحقائق... وتحدث الرويبضة باسم الناس... وبدلت القيم حتى رأينا المعروف منكرا والمنكر معروفا...!!
واليوم نشاهد السباق المحموم لمرشحي الأمة، سعي غير مسبوق للكرسي الأخضر، فمن هو مرشح الأمة الحقيقي ومن هو المدعي زورا وبهتاناً؟
الهم الأكبر للمرشح المدعي اليوم هو كيفية الوصول إلى اكبر عدد من الناخبين وضمان الدخول لقبة عبدالله السالم!! مهما كان خطابه وطرحه ومهما كانت التكاليف والنتائج. وقد يصرح هذا المدعي بغير ما يؤمن به ويعتقد!
فلا جودة ولا امتياز.
هنا يحدث الصراع بين ما يؤمن به هذا المرشح الدعي وبين ما يؤمن به ويريده الناخب والشارع.
فما الذي سيصنعه المرشح؟
إما ان يلهب حماس الشارع العاطفي بأطروحات لا تنسجم وقناعاته كمرشح، أو يقنع الشارع بأفكاره الإصلاحية المدفونة في أعماقه إن وجدت حتى لو اصطدمت مع احتياجات وتطلعات الشارع!
والشارع هنا ليس واحداً،بل يختلف من دائرة إلى أخرى! فالدائرة الخامسة مثلا لها احتياجاتها ومشكلاتها التي تختلف عن الثانية والأولى! فبينما تبحث الخامسة عن قضايا خدمية مثل مستشفيات جديدة وكليات ومعاهد ومناطق سكنية تنادي الثانية بالسوق المالي وتعديل الدستور والمشاركة السياسية وقوانين تخص المرأة!! ولكل منهما قيم ومكونات واحتياجات تحرك ناخبيه بلا شك! ناهيك عن رصيد التجارب التي مرت بها مكونات تلك الدوائر مع نوابها السابقين...
فلا تزال أزمة الإيداعات حديث المقرات الانتخابية، ولا تزال قصص الراشي والمرتشي والمال السياسي حاضرة في كل الدوائر بلا استثناء! ولذا قيل ان نتائج الانتخابات الحالية ستكون انعكاسا للسخط الشعبي على الأداء النيابي المنصرم!
إذا الإرادة الشعبية هي الضمان المحرك لتشكيل المجلس القادم وهو ما يجعل بعض المرشحين يتجه إلى دغدغة هذه الإرادة المتمثلة بالحراك الشبابي، لذلك لا تجد مرشحا إلا ويشيد بهذا الحراك ويجعله محرك التغيير والسبب الرئيسي وراء حل المجلسين... فلابد إذا من مغازلته وكسب أنصاره والتنازل عن الطرح العقلاني للمرشح والتغاضي عن أخطاء هذا الحراك أو تجاوزاته!
ما البديل إذا، إذا كان المرشح غير قادر على طرح ما يؤمن به، ولا يستطيع تجاوز أو إهمال الشارع الشبابي واحتياجاته؟ فما المنهاج البديل للمرشح الخالي من مشروع أو رؤية أو حل للازمات المتراكمة...؟
هنا في تصوري يلبس المرشح الفارغ لباسا يواري سوأته لكنه لباس شفاف غير ساتر...! يقدم فيه رأيا لا رؤية، ولجاجًا لا منهاجًا، انطباعات وانفعالات لا تصورات وتفاعلات، لذلك يمتطي هذا الفراغ انطباعات وردود أفعال فحسب عن الحالة الراهنة!
ويسعى هذا البعض إلى خطاب الشتم والطعن والتشهير والتجريح بمن حوله ليكسب آخرين غيرهم، دون أن يقدم برنامجا مقنعا يتسم بالواقعية والوضوح... فهم لا فكر يحملهم ولا منهج يسيرون وفق أطره سوى التدليس والتزوير ومخالفة الآخر وكشف مثالب المنافسين وهذا في الحقيقة لا يستحق أن يكون ممثلا للأمة ووكيلا عنها. وأكثر ما يمكن أن يطلق عليه انه يسير خلف ركاب أصحاب المصالح والأهواء وأجندات الآخرين، واستمالة ما تبقى من غوغائية الرأي العام المغيب أصلا عن حقيقة المشهد السياسي لصالح غثائه وما يحمله من سموم ضررها أكثر من نفعها.
فكيف يمكن لمن لا رؤية له أن يتقدم للترشيح والدخول لمراقبة حكومة معتبرة أو يسعى للتشريع للأمة وهو فاقد الأهلية!! هؤلاء الذين يأكلون على كل الموائد!! كيف يتقدمون الركب ونضع أماناتنا بين أيديهم!!
وما عليك سوى تحليل مضامين خطابات مرشحي الدوائر حتى تدرك حالة التردي التي تنضح بها مقرات البعض بكل سخيف وسوقي لا منهج له أو فكر سوى منهج الطعن والشتم بأقذع الألفاظ و،شنعها...
وانَّ ترفعِ الوضعاء يوما
على احد الرفعاء من الرزايا
إذا استوت الأسافل والأعالي
فقد طابت منادمة المنايا
والمقصود ان مرشحا لا يملك رؤية إصلاح ولا منهج تغيير هو مرشح زائف لا يبحث عن مصلحة مجتمع أو نهضة وطن.
فهل يعي الناخب حجم الأمانة الموكلة على عاتقه في فرز المرشحين واختيار الأصلح والأتقى والأقوى...
د. مبارك عبدالله الذروة
تعليقات