النيباري يكتب في ذكرى مرور 45 عاما على تزوير انتخابات عام 1967
زاوية الكتابكتب يناير 25, 2012, 1:03 ص 4866 مشاهدات 0
القبس
تزوير انتخابات 1967 أعاق التنمية وعطّل الديموقراطية
المال السياسي يمارس في الانتخابات
عبدالله النيباري
25 يناير، هو ذكرى مرور سنة على ثورة مصر من أجل الكرامة والديموقراطية وضد الفساد. في الكويت 25 يناير هو ذكرى مرور 45 عاما على تزوير انتخابات عام 1967، وهو علامة فارقة في تاريخ الكويت السياسي، ويمكن القول إنه من أسباب إعاقة التنمية وتعطيل التطور الديموقراطي الذي أسس له دستور عام 1962.
دستور الكويت هو عقد اجتماعي بين الكويتيين كشعب مُمثل بمجلس تأسيسي منتخب، والأسرة الحاكمة بقيادة الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح، وهو ما يمكن اعتباره ثورة في محيط الجزيرة العربية والخليج التي تحكم وتتحكم في كياناتها أسر حاكمة من دون أن يكون لشعوبها حق المشاركة في إدارة شؤون بلادها، أو الاشتراك في صنع القرار، ولو بحدوده الدنيا.
عقد سياسي اجتماعي
وإلى جانب كونه عقداً سياسياً واجتماعياً، فإن هذا الدستور كان بمنزلة خارطة طريق لو قدر لنا الالتزام به لحصدت الكويت توافقا واستقرارا وتطورا سياسيا ديموقراطيا وبيئة صديقة لتسريع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن عدم الالتزام به ومحاولات اختراقه أو إجهاضه أو تعديله لتقليص صلاحيات المجلس المنتخب أدى إلى إعاقة التنمية وتعثر التطور الديموقراطي. والتزوير الذي جرى لانتخابات 1967 يمكن اعتباره سبباً رئيساً وراء ذلك.
ولو لم يحدث لسارت عملية التطور الديموقراطي بشكل طبيعي، ووفر لنا تفادي كل الهزات والعثرات والاضطرابات التي تبعت ذلك، ومنها حل مجلس الأمة عام 1976 وتشكيل لجنة تنقيح الدستور في ما بعد، ثم تعديل تقسيم الدوائر، ثم حل مجلس الأمة عام 1986 والمجيء بالمجلس الوطني عام 1990، ثم الأزمات السياسية التي تعرضنا لها منذ إعادة العمل بالدستور بعد تحرير الكويت حتى وصلنا إلى الأزمات الأخيرة التي تفاقم فيها انتشار الفساد وشيوعه، إلى الدرجة التي صار فيها مجلس الأمة بورصة لشراء ذمم وولاء نواب الأمة، وهو ما كشفته فضيحة الإيداعات المليونية النقدية في حسابات حوالي 15 نائباً.
عبر ودروس
نعود الى انتخابات عام 1967، التي مرَّ عليها 45 عاما، وليس المقصود هنا التشفي أو فتح الجروح، وإنما لنستخلص منها الدروس والعبر. فماذا حدث حينها؟ ولماذا؟
بعد إقرار الدستور في نوفمبر 1962 أجريت الانتخابات العامة الأولى في يناير عام 1963وحققت فيها قائمة نواب الشعب (حركة القوميين العرب بقيادة د. أحمد الخطيب وجاسم القطامي وحلفائهما) نجاحاً بارزاً وكانوا محركي ذلك المجلس الذي ما كاد يصل إلى منتصف عمره حتى حدثت أزمة استقالة 8 أعضاء من هذا التحالف، احتجاجاً على تعديل القوانين المتعلقة بالحريات العامة، وهي: قانون الصحافة وقانون الموظفين وقانون الأندية والجمعيات، وجاءت التعديلات لتقييد حريات الصحافة وإبداء الرأي والحظر على الأندية وجمعيات النفع العام من ممارسة أي نشاط سياسي أو التدخل في السياسة والحظر على موظفي الدولة من المشاركة في أي نشاط سياسي، بما في ذلك إبداء الرأي، والأكثر من ذلك هو استخدام الحكومة للأغلبية الموالية لها للتضييق على المعارضة في ممارسة حقها في النقاش داخل المجلس، وذلك بإقفال باب النقاش لأي أمر مطروح على المجلس، من دون إعطاء الفرصة للأعضاء بإبداء آرائهم، وتبع ذلك استقالة رئيس المجلس آنذاك المغفور له عبدالعزيز حمد الصقر.
انتخابات 67
على أبواب انتخابات عام 1967 استعدت المعارضة بقيادة الخطيب والقطامي وبالتنسيق مع كتلة التجار الإصلاحيين وعدد من المستقلين لخوض المعركة بقوائم شملت معظم الدوائر العشر وفق التقسيم الانتخابي آنذاك بلغ عدد المرشحين 35 مرشحاً، منهم 6 من التجار الإصلاحيين، و8 من المستقلين، وقائمة نواب الشعب بقيادة الخطيب والقطامي التي ضمت 21 مرشحاً، وكانت مخاوف السلطة أن يفوز عدد من هذه الكتل لتشكل غالبية أعضاء المجلس، أو أقلية كبيرة فيه.
فج ومفضوح
ولما لم تنفع الأساليب والوسائل الأخرى في التأثير في المواطنين، سواء بالترغيب، أو بالضغط، عمدت السلطة إلى أسلوب فج ومفضوح، وذلك باستخدام القوة واقتحام مراكز الانتخاب، وتهديد اللجان الانتخابية، وعلى الأخص مندوبي المرشحين، وتم الاستيلاء على صناديق الانتخاب في اللجان الفرعية، ونقلها إلى أماكن مجهولة، وتم استبدال الصناديق التي وضع الناخبون أوراق تصويتهم فيها بصناديق مملوءة بأوراق مزورة، ومنعت مندوبي المرشحين من مراقبة الفرز.
وطبعا كانت النتيجة سقوط معظم مرشحي التحالف الواسع، ولم ينجح إلا اثنان من قائمة التجار، هما عبدالعزيز الصقر ومحمد الخرافي، وثلاثة من قائمة نواب الشعب، وثلاثة من المستقلين، وهو عدد أقل من عددهم في مجلس 1963.
وعلى إثر ذلك، عقد أعضاء هذه القوائم اجتماعا، وأصدروا فيه البيان المشهور المعروف ببيان المعارضة، بشأن تزوير انتخابات 67/1/25، ووقع عليه 38 مرشحا، دانوا فيه عملية التزوير وطالبوا بإلغاء الانتخابات، وبعد إعلان البيان، أعلن سبعة مرشحين آخرين تأييدهم للبيان، كما أصدرت جمعيات النفع العام بيانات، وهي احتجاج جمعية المهندسين الكويتية، وجمعية المحامين، ورابطة الأدباء، والجمعية الثقافة النسائية واتحاد المقاولين، واتحاد عمال البترول، والاتحاد الوطني لطلبة الكويت في القاهرة، وطلاب ثانوية كيفان والاتحاد الوطني لطلبة الكويت في بيروت وطلاب جامعة الكويت.
موقف السلطة
تزوير انتخابات عام 1967 كشف عن موقف السلطة - بعد وفاة المغفور له الشيخ عبدالله السالم - الرافض للدستور، وعدم القبول بالعيش في إطاره والالتزام بنصوصه وأحكامه. هذا الموقف هو الأساس فيما عانته الكويت من عدم الاستقرار الذي عشناه، خصوصاً في السنوات الأخيرة.
يقول السفير البريطاني آنذاك في تقريره عن تزوير الانتخابات «لو كان لدى الأسرة الحاكمة قناعة بولاء المعارضة لآل الصباح، فلربما قبلوا بمعارضة 15 عضوا كضرورة، وكسمة مميزة للتجربة البرلمانية، ولكن الشيوخ ليست لديهم الثقة الكافية بقدرتهم على الجدل، أو القيادة البرلمانية لمواجهة الدكتور الخطيب وجماعته، واختاروا بدلاً من ذلك إحباط الانتخابات بطريقة متقنة».
تنوعت أساليب التدخل للتأثير في الانتخابات، منها استخدام الواسطات والخدمات والمنافع، إلى أن وصلت إلى استخدام المال السياسي الذي يمارس الآن في هذه الانتخابات، ومنها أيضا وفي قمتها رشوة النواب، لضمان ولائهم التي انفضحت بالإيداعات المليونية.
تعليقات