القبس تأسف لغياب موقف حكومى أو خطابات المرشحين عن التصعيد المبرمج بين ايران والغرب

زاوية الكتاب

كتب 831 مشاهدات 0


 

القبس

ماذا إذا اندلعت النيران حولنا؟!

إيران تلعب بالنار، وربما الغرب يلاعبها ويستدرجها إلى الأتون ليضربها.

وبين هذا وذاك، تشعر الكويت، كما بقية دول الخليج، بحماوة التصعيد، وستكتوي، حتماً، بالنار اذا نشبت، لا سمح الله، في محيطها، وعلى أبوابها.

طهران تهدد باغلاق هرمز، فترد واشنطن بأن لديها خططاً لمنع اغلاق ممر الحياة للكويت والخليج، وتكثف حشد اساطيلها في المنطقة.

يقاطع الغرب النفط الايراني، فتحذر طهران دول الخليج من زيادة انتاجها لتعويض نفطها الغائب عن الأسواق.

وبدلاً من أن يكون الوضع المتلبد، بل الخطر، مناسبة لتعزيز الروابط والعلاقات مع الجيران، وتغليب التقارب على التنافر، يزداد الحكم في ايران عصبية فيعمد، بموازاة الوعيد والتصعيد، الى اثارة نعرات كريهة وخطرة تعتمد التهديد بــ‍ {مواجهة عنيفة» بين مكونات المنطقة، وكأن المعركة الآتية بينها، وليست بين ايران والغرب!

للأسف، فإن الحراك الانتخابي في الكويت بتداعياته، والتلهي بأمور داخلية على أهميتها الكبرى، يلقيان بظلالهما على تطورات خطرة تجري قربنا، وفي محيطنا، وعلى حدودنا، وتغيب الأسئلة والاستعدادات لخطط طوارئ تُبنى على أساس الاحتمال الأسوأ.

التطورات الأمنية، والمتغيرات المتسارعة في المنطقة باتجاه المواجهة، لايمكن ان تكون قضايا هامشية للحكومة والمواطن، لكنهما، للأسف الشديد، يتصرفان وكأنها كذلك، على الرغم من خطورتها، وفي هذا أزمة حقيقية، وقصور غير مبرر أو مفهوم في تقدير المخاطر، وتُرحّل خطط الطوارئ إلى درجات متأخرة جدا من الاهتمام!

ما يجري من تصعيد مبرمج بين ايران والغرب ينذر بأن المنطقة قد تكون مقبلة على سيناريوهات سيئة، وحتى أسوأها. وبمعزل عن الموقف السياسي الذي تتخذه الكويت وبقية دول مجلس التعاون من هذه الأزمة، فإن تداعياتها ستطالنا بشكل أو بآخر، وهو تحديدا ما يفرض علينا أن ننقل خطط الطوارئ إلى مقدمة أولوياتنا.

فالخليج بحيرة شبه مغلقة، وأي انفجار ذي طابع عسكري يستهدف ايران، يعني كارثة حقيقية للكويت، تؤثر في نفطها، مصدر رزقها، والمياه وتوليد الطاقة الكهربائية، أساس حياتها، فكيف إذا طال العمل العسكري مفاعل بو شهر الذي لا يبعد اكثر من 300 كيلومتر عنا؟!

السؤال الملح، الغائب للأسف عن الحكومة، كما عن المخيمات الانتخابية، وخطابات المرشحين الكثيرة، هو: هل استعدت حكومتنا وتهيأت البلاد لهذه السيناريوهات؟ ام ان خطط الطوارئ اخذت طريقها نحو «المخازن» كما جرت العادة؟!

المعطيات ترجح «الصدام»، وليس بالضرورة ان يكون الصدام عسكرياً مباشراً، بل قد يفاجئنا بأشكال مختلفة. فإيران تستمر في سياسة التصعيد والتحدي. والغرب يستفزها ويُسّخف تحدياتها. والاسابيع الماضية، أظهرت ان ايران خرجت من دائرة التهديد الاعلامي الى ميدان «التحدي العملي»، فأعلنت عن تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل الى %20. كذلك عمد الغرب الى نشر المزيد من حاملات الطائرات والبوارج، بينها احدث ما في الترسانة الحربية البريطانية، فضلاً عن الاميركية.

كما بعثت طهران برسالتي تهديد واضحتين الى الولايات المتحدة ودول المنطقة، أشرنا إليهما أعلاه: الأولى تتعلق باغلاق مضيق هرمز وقطع شريان الملاحة النفطية، والثانية تحذير دول الخليج من تعويض حصة ايران النفطية في حال فرض المجتمع الدولي عقوبات عليها!

وهنا، فإن الكويت ودول الخليج امام مأزق حقيقي يتمثل في كيفية التعامل مع المسائل الناجمة عن أي انفجار عسكري، أو فرض المقاطعة الغربية على إيران:

اولها، ماذا ستفعل الكويت إذا فُرِضَت العقوبات النفطية على ايران؟ وكيف ستتعامل دول الخليج مع طلبات الاتحاد الاوروبي لتعويض النقص في امدادات النفط الايراني؟ وحينها ستكون دول المجلس بين مطرقة اثبات المصداقية في الالتزام بالقرارات الدولية وسندان التهديد الايراني.

وقبل هذا وذاك، كيف سنضمن أمننا وسلامة بلدنا، ووفق أي خطة طوارئ قابلة للتنفيذ اعتمدناها؟

وماذا سنفعل إذا أغلق مضيق هرمز وأصبحت الملاحة فيه مستحيلة، أو غير آمنة؟!

وما الاحتياطات والاجراءات التي اتخذناها لتأمين المياه، والكهرباء، والمواد الغذائية، إذا نشبت الأعمال العسكرية؟!

وأي اجراءات نحتمي بها، إذا أصيب مفاعل بوشهر وحدث التسرب النووي؟

لم يعد خافياً ان ايران، وهي تقترب اكثر فأكثر من فقدان النظام السوري، حليفها الاستراتيجي الاهم في المنطقة، قد تتهور، فلا تتردد وفقاً لمعطيات سياسية، في نقل المعركة الى ميدان الخليج ككل، لتخفيف الاحتقان والضغط على نظام الرئيس السوري بشار الاسد، على وهم ان في الإمكان إنقاذه أو إطالة عمره، اذ لم يعد الجنوب اللبناني متنفساً كافياً لأزمة بحجم تهديد بقاء النظام السوري.

في ظل هذا المشهد المضطرب، والمفتوح على كل الاحتمالات، هل تدرك حكومتنا وقوانا السياسية ومرشحونا على مختلف انتماءاتهم، ان هناك قضايا اخرى أكثر اهمية مما يثار انتخابياً، ام ان الايام المقبلة ستكشف لنا الخلل غير المستور، وتؤكد مخاوفنا ان خطط الطوارئ محفوظة في الادراج أو موضوعة في المخازن؟!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك