التقرير السنوي للجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية 2007

محليات وبرلمان

التحول الديمقراطي يتطلب انتخاب رئيس الوزراء وقانون للاحزاب وتعميم الخصخصة وفرض ضريبة شاملة

460 مشاهدات 0

ناصر العبدلي رئيس الجمعية

اصدرت الجمعية الكويتية لتنمية لديمقراطية تقريرها السنوي حول الديمقراطية في الكويت عرجت فيه على رصد للتجربة في الكويت وتداعياتها واهم تجلياتها في العام المنصرم 2007 .

وقال التقرير ان  فكرة الديمقراطية لم تكن ترفا فكريا ذهبت إليه الشعوب دون أدنى تفكير حول ما سيعود عليها إذا اعتمدت هذا النظام بل كان حاجة ملحة جعلت تلك الشعوب قادرة على النهوض بأعبائها ومسؤولياتها التي يفرضها عليها وجودها على أرض هذا الكوكب.
واوضح التقرير إن هناك من يحاول التقليل من أهمية هذا النظام داخل بلادنا وتصويره ترفا فكرياً لسنا بحاجة إليه كل ذلك من أجل تمرير أهواء وغايات عجز البعض عن تمريرها في جو الشفافية الذي يوفره الاحتكام إلى الديمقراطية كنظام وآلية حكم.
لواضاف قد دفع الكويتيون ثمن الديمقراطية كما دفعته الشعوب الأخرى وربما أكثر من ذلك بكثير وعلينا في إطار هذا الحديث مراجعة ما تعرضت له بلادنا من غزو ومؤامرات على يد الطاغية صدام حسين لكونها نموذجا لازالا يذكره ببشاعة الحكم الفردي الذي أتخذه عنوانا لحكم العراق.
إن الأجواء التي مرت بها الديمقراطية خلال العام المنصرم تبرز بشكل واضح ان محاولات العودة الى الدستور قائمة ولم تبرد جذوتها وإنها وإن خفتت قليلاً لن تتوقف مادام هناك ثغرات تتسرب منها أفكار العودة إلى الحكم الفردي من داخل نفوس بعض الكويتيين مما يحمل الحركة المدنية عبئا ومن بينها الجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية تجاه سد مثل تلك الثغرات.
شروط الديمقراطية
وحددت الجمعية في تقريرها شروط الديمقراطية فقالت إن من أهم متطلبات الديمقراطية تحول الدولة على حارس للأنشطة سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أو حتى ثقافية بدلا من تدخلها في كل شي مما يعني إلزاما تخليها عن جميع الأنشطة التي تحتكرها فيما عدا الأمن (الجيش والشرطة) أما بقية الأنشطة فلابد من تحويلها إلى قطاع خاص يفتح مجالا أمام رأس المال لممارسة دورة في ظل الدولة الديمقراطية.
ويمكن في هذا الإطار ان نتخذ من خصخصة مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية نموذجا يحتذى به على القطاعات الخدمية مثل وزارات الكهرباء والماء والمواصلات وتكرير النفط وبيع مشتقاته إذ إن استمرار الدولة في إدارة مثل تلك الأنشطة أدى خلال السنوات الماضية إلى تدهورها وتحميل السلطة التنفيذية عبئا سياسياً بالدرجة الأولى تمثل في كثرة الاستجوابات الموجهة للوزراء فمن جانب النواب.
ويضيف التقرير : في تخلي الحكومة عن تلك القطات فائدة كبرى أبرزها توفير تكلفة إدارة تلك المنشآت سواء أكانت تلك التكلفة سياسية أم مالية بالإضافة إلى أن تحويلها إلى قطاع خاص سيؤدي في نهاية المطاف إلى خلق جو من المنافسة بين الطاقات الشابة التي تتكدس في كل بزوغ شمس وسط أروقة الحكومة دون ان يكون له مستقبلاً وضحا ترتكز عليه.
ويرى التقرير ان تحويل كل تلك القطاعات إلى ساحات قابلة للتطوير والإنتاج سيؤدي على المدى البعيد إلى تراكم خبرة فنية وإدارية لدى القوى العاملة الوطنية لتكون ثروة تضاف إلى الرصيد الوطني أما استمرار الوضع الحالي فأنه سيؤدي إلى تراجع التنمية الحقيقية التي نود ان تكون رائداً للكويت في عهدها الجديد.
الضريبة الشاملة
ويوضح التقرير إن العامل الثاني في منظومة الديمقراطية الحقيقية الضريبة الشاملة ولا يمكن ان تتقدم الدول دون ان سكون هناك ضريبة شاملة تحدد قيمتها وكذلك القطاعات والشرائح التي تجبى منها لأنه لم يعد من الممكن استمرار الوضع الحالي الذي تحولت معه البلاد إلى 'بقرة حلوب' دون أي مردود للخدمات العامة.
ومادام الدستور الكويتي يشدد على قضية الضريبة الشاملة فإن التأخر في وضع مثل هذا القانون إنما يعد مخالفة دستورية صارخة على أعضاء مجلس الأمة التصدي لها.
والجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية تشيد بدور النواب اللذين تحدثوا في وقت مبكر عن أهمية الضريبة الشاملة للديمقراطية وتطورها ومن بين أولئك النواب أحمد السعدون وأحمد المليفي وعبدالله عكاش.الذي نبه مبكراً إلى اهمية وجود مثل ذلك القانون
لقد أعلنت الحكومة أكثر من مرة أن لديها قانونا شاملاً للضريبة لكنها لم تدفع به إلى مجلس الأمة حتى الآن مع أنها تسرع الخطى في موضوع حويل الشركات العامة إلى خاصة مما يعني ان التأخر في إقرار القانون في ظل أجواء التحول الاقتصادي ستكرس عبئا اجتماعيا خطيرا ستطال تأثيراته الكثير من قطاعات المجتمع الكويتي.
المادة 48 من الدستور تقول ان أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقاً للقانون الذي ينظم إعفاء الدخول الصغيرة من الضرائب وبما يكفل عدم المساس بالحد الأدنى اللازم للمعيشة كما في المادة 24 التي نصت على ان العدالة الاجتماعية أساس الضرائب والتكاليف العامة.
رئيس الوزراء
إن استمرار احتكار الأسرة الحاكمة لمنصب رئيس الوزراء وإن كان له مبرراته الدستورية والاجتماعية يشكل عبئا كبيرا على الحياة السياسية في البلاد وهذا يتطلب التفكير جديا في التخلي عنه من أجل اكتمال عقد الديمقراطية المبنى أساسا ترك مواقع القرار لإفرازات صناديق الاقتراع وليس على التعيين في مثل تلك المناصب.
لقد تمسكت الأسرة الحاكمة في البلاد بمنصب رئيس الوزراء منذ استقلال الكويت وإقرار الدستور عام 1962 رغم ان الدستور لم يطرح في أي من مواده من يشغل هذا المنصب بل ترك لسمو أمير البلاد اختيار من تتوافق حوله الرغبة الشعبية وفي هذا الإطار فقد حرص الدستور على مشاورة سموه رؤساء الوزارات ورؤساء مجالس الأمة السابقين والجماعات السياسية قبل اختيار الشخصية التي ستشغل هذا المنصب مما يعني ان شرط التشاور هام وإن لم تكن نتائجه ملزمة.
ان ترك منصب رئيس الوزراء للشعب يعني السماح بتعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية حسبما قرر الدستور بدلا من تحول الحكومة إلى مواقع للإرضاء السياسي وكسب الولاءات كما يجري الآن وبمراجعة سريعة للفترة الماضية من عمر الدستور السياسي البرلمانية أكثر من مرة بسبب التمسك بهذا المنصب.
ويدور الحديث هذه الأيام إلى العودة إلى جمع منصبي ولي العهد ورئاسة الوزراء كما كانت سابقاً رغم ان الكثير من المراقبين السياسيين أعتبر فصلها خطوة في الطريق إلى الديمقراطية الحقيقية.
الأحزاب السياسية

يعتقد التقرير ان البلاد لم تشهد تطورا كبيرا على صعيد هذا الملف سوى بعض مؤشرات تقوم بها القوى السياسية العاملة على الساحة (حزب الأمة – الحركة الدستورية – التجمع الإسلامي السلفي – حركة العدالة والتنمية – حركة العدالة والسلام – التوافق الوطني ) بعد محاولات حركة الوفاق الوطني جمعها خلال المرحلة الماضية للتفاهم حول مستقبل الحياة السياسية في البلاد.
إن الأحزاب السياسية مشروع ديمقراطي مهم لا يمكن للحياة السياسية ان تستمر بدونه وقد صرح أكثر من مسؤول برلماني بأهمية الأحزاب وفي طليعة أولئك مجلس الأمة جاسم الخرافي الذي أعلن أكثر من مرة ان الأحزاب قادمة والأمر ليس سوى مسألة وقت.
وفي العلوم السياسية هناك عدة تعاريف للأحزاب رغم التركيز التقليدي بشأن دورها لكونها أدوات للترويح ومن بين تلك التريفات ان الحزب جماعة منظمة رسميا من أهم وظائفها تثقيف الجمهور لقبول النظام وتشجيع الأفراد لتولي المناصب العامة والتي تشمل وظيفة الربط بين الجمهور ومتخذي القرارات الحكومية.
والحياة السياسية في البلاد بحاجة للتنظيم وتركها كما هي الآن غير واضحة المعالم ربما يكون عنصر هدم للمجتمع الكويتي فكل القوى السياسية الحالية غير منظمة التنظيم الكافي كما ان مصادر تمويلها غير معروفة وهياكلها التنظيمية غير واضحة لذا كان من المهم مراجعة أوضاع تلك القوى من خلال قانون ينظم عملها.
وكان عددا من أعضاء مجلس الأمة وضعوا قانونا أولياء للأحزاب وقاموا بعرضه على مجلس الأمة لإقراره بعد دراسته الدراسة الشاملة ومن بينهم نواب في الحركة الدستورية الإسلامية ونواب في التحالف الوطني الديمقراطي بالإضافة على النائب عبدالله عكاش العبدالي كما كان لحزب الأمة الدور الريادي في تقديم مقترح تنظيم الأحزاب السياسية.
وتضمن مقترح النواب محمد الصقر وعلي الراشد وفيصل الشايع أحكام عامة والنظام السياسي وإجراءات التأسيس والحقوق والواجبات والموارد والأحكام المالية وأحكام جزائية وأخيراً أحكاما ختامية.
وأكدوا ان قانون الأحزاب السياسية المقدم يطمح إلى تمكين الأحزاب السياسية من إطار تشريعي يعيد إلى العمل السياسي اعتباره ومصداقيته ولا يعتبر غاية في حد ذاته بقدر ما هو وسيلة لتهيئة مناخ سياسي ملائم يجعل من الحزب السياسي إدارة لإشعاع قيم المواطنة.
وأشاروا إلى ان القانون يبرز مسؤولية الأحزاب السياسية في العمل على التفعيل الأمثل والسليم لإحكامه وترسيخها عن طريق الالتزام بتطبيق مضمونها والتقيد ببرامجها طرق تمويلها وتسييرها وأنظمتها الأساسية والداخلية بقواعد ومبادئ الديمقراطية والشفافية.
وأضافوا ان الهدف الأسمى من سن هذا القانون أرائد هو جعل الأحزاب السياسية باعتبارها المدرسة الحقيقية للديمقراطية هيئات جادة في العمل على تعزيز سلطة الدولة عبر توفير مناخ الثقة في المؤسسات الوطنية بما يمكن من تحرير الطاقات ونشر الأمل وفتح الآفاق والإسهام في إنتاج نخب ذات كفاءة متشبعة بقيم الفعالية الاقتصادية والتآزر الاجتماعي و 'تخليق' الحياة العامة وإشاعة التربية السياسية الصالحة والمواطنة الإيجابية وابتكار الحلول وطرح المشاريع المجتمعة الناجحة والمبادرات الميدانية الفاعلة إسهاما منها في نماء الدولة وتطويرها وتوطيد أركانها بالمؤسسات والهيئات الديمقراطية الفاعلة.
وأوردت المذكرة الإيضاحية الاقتراح بقانون الأحزاب السياسية ان قانون الأحزاب ضروري لبناء أسس الدولة العصرية الحديثة ولبناء هذه الدولة لابد من وجود قوانين حتى الآن نتحدث في بلداننا عن 'نظام حكم' وليس على أسس دولة ومن ناحية أخرى فإن بناء دولة وفق تحديات العصر المتسارعة يحتم علنيا ان تكون بينة دولتنا قانونية من كل النواحي وهذا يستدعي إصدار قانون الأحزاب السياسية.
وأشارت إلى ان قانون الأحزاب السياسية بحد ذاته أي الاعتراف بوجود أحزاب أخرى لا يتعارض مع المادة الـ 43 من الدستور وقانون الأحزاب يقوم على التكافؤ والتساوي بين كل الأحزاب ويجب ان تكون الحزب على أساس وطني ومن الضروري ان يتضمن ضرورة مشاركة النساء في الأحزاب وتحفيز العمل السياسي فنحن بحاجة إلى مرحلة انتقالية يتم فيها طرح فلسفة ووعي جديد ومناخ سياسي واجتماعي يتعود في الناس أساس العمل السياسي كما أننا بحاجة إلى بنية لقانون الأحزاب توضح الأسس العريضة للبرامج السياسية أي الخطوط الحمراء وكذلك الأنظمة الداخلية أي ان تكون الآلية ديمقراطية بعيدة عن آليات ومظاهر عبادة الفرد والقبلية والطائفية.
ولفتت المذكرة على ان إصدار قانون الأحزاب يحتاج إلى مناخ عام ديمقراطي سليم بحيث لا يقتصر فقط على إصدار هذا القانون بل مجموعة قوانين أخرى ومعالجة قضايا متراكمة فقانون الأحزاب السياسية وحده لا يحل مشكلة رغم انه ضرورة ملحة.
المجتمع المدني
وفيما يتعلق بالحياة السياسية ودور المجتمع المدني راى التقرير ان المجتمع المدني بمؤسساته وهيئاته لعب دورا محورياً في عملية التحول نحو الديمقراطية في الدول المتقدمة حتى كان الركيزة الرئيسية في تطور تلك المجتمعات ودون تقوية المجتمع المدني فإن عملية التطور الديمقراطي ستمنى ببطء شديد لا محالة.
ويرى كثير من المفكرين ان المجتمع المدني يستهدف ردم الهوة بين المجتمع من جهة وبين السلطة من جهة أخرى فالدولة مهما كانت إمكانياته وقدرتها على التحرك السريع فإنها لا محالة ستكون عاجزة عن سد جميع الثغرات التي يحتاجها أي مجتمع كان ولو راجعنا وضع المجتمع المدني في الكويت فأننا سنجده مصابا بنقاط ضعف كثيرة أبرزها عدم إيمان الدولة وإيمانا قطيعاً بدور هذا المجتمع رغم كثرة التصريحات من مسؤولي الحكومة تجاهه.
لقد حاول وزير الشؤون السابق الشيخ صباح الخالد تحريك المياه الراكدة في المجتمع المدني تجاه توفير الدعم كاملا له ليقوم بواجبه لكنه لم يستمر في الوزارة حتى يتحقق ما يريده ويبدو ان الوزير الحالي لوزارة الشؤون وهي الوزارة المعنية بهذا الملف الهام الخطير غير متحمس لتطوير مؤسسات المجتمع المدني رغم المناشدات من تلك المؤسسات خاصة من الجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية.
وقد دعا رئيس الجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية ناصر العبدالي وزير الشؤون الجديد إلى الاهتمام بمؤسسات المجتمع المدني لتتمكن من تأدية الدور المطلوب منه افي توعية المجتمع وتشجيع العمل التطوعي مشيداً بالدور الذي لعبه وزير الشؤون السابق صباح الخالد بدعم تلك المؤسسات والعمل على التعامل معها سواسية.
وقال العبدلي في تصريح له في هذا الصدد نشر في الصحف المحلية في وقت سابق ان المادة السابعة من الدستور تنص على ان 'العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين' كما تنص المادة الثامنة على ان الدولة ' تصون دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين' لكن كل ذلك لم يترجم في قرارات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تجاه مؤسسات المجتمع المدني حيث كان التميز بينها واردا لم يتوقف حتى اليوم لذا فإن من المهم جدا ان تبدأ وزارة الشؤون في العمل على إعادة النظر في تلك القرارات وإلا سنمارس حقنا الدستوري في اللجوء للقضاء.
وحذر العبدالي الوزير من المماطلة في قضية دفع المجتمع المدني إلى الإمام خاصة مع وجود مقترحات نيابية تقدم بها النواب صالح عاشور و د. حسن جوهر وأحمد لاري من أجل دعم المجتمع المدني وتوفير حاجاته ومساواة الجمعيات العاملة في هذا القطاع وعدم التمييز بينها مشيراً إلى أن الوزير السابق صباح الخالد بدأ مشروعاً من أجل دعمها لكنه لم يستمر في موقعه ويشكر عليه.

الآن

تعليقات

اكتب تعليقك