الفرعيات و علة التجريم .. تَذْكِرَة للفاهم و الغشيم

زاوية الكتاب

كتب 1106 مشاهدات 0

عبدالله فيروز

باديء ذي بدء .. أتوجه بالتحية للقراء الأعزاء متمنياً لهم سنة سعيدة يتكللها النجاح و تسودها الأفراح إن شاء الله . ونعود لموضوعنا عن الفرعيات أو ما اصطلح لها من أسماء للتمويه أو بالأصح لإرضاء النفس . لقد قرأت تقرير مركز ' اتجاهات ' للدراسات والبحوث عن هذه الممارسة بالحياة الانتخابية في دولة الكويت و التي بدأت منذ 40 عاماً - و هو بالمناسبة يتميز بالمصداقية والحيادية - و نحن لسنا في صدد التأكيد على مخالفة الفرعيات للقانون الساري بالبلاد , فهذا أمر محسوم بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية بتاريخ 5 ديسمبر 2011 برقم 30/2009 دستوري .

ولكن هلا ناقشنا هذا الأمر مع من لا يزال مقتنعاً بضرورة ممارسة هذه الفعالية و لو غير في إسمها و بدل من ملامحها , لأن الاقتناع هو أساس الإصلاح الذي يجعل المرء يعمل به فعلاً على أرض الواقع بلا إجبار أو خوف من وعيد . لا شك أننا قد قرأنا عن الرأي الشرعي وفقاً لاجتهادات رجال دين مشهود لهم بالعلم و الفقه و قد رأوا بعدم جوا ز هذا الفعل نظراً لخروجه عن أمر ولي الأمر .. هنا سيقول قائل : عندما نلتزم بتطبيق الشريعة الإسلامية 100% حينها يكون واجب علينا ذلك . و أرد عليه بأن هناك قاعدة فقهية تنص على أن ما لا يدرك كله لا يترك جله , هذا و الغالبية العظمي من تشريعاتنا تأتمر بحكم الشريعة الإسلامية السمحاء و لله الحمد . و بالتالي فإن الجانب الشرعي قد حسم المسألة .

نأتِ للجانب السياسي .. سيقول قائل بأن الأحزاب السياسية حول العالم تقوم بالفرعيات لتقديم ممثل لها أمام الناخبين , بل أن بعض بعض الكتل السياسية المحلية تقوم بذلك بالفعل فلماذا الالتفات عنهم و التشدد فقط مع القبائل ؟ هنا يجب أن نفرق بين مرشح قد جاء ليمثل فكر سياسي عام غير محصور بفئة أو طائفة و بين مرشح جاء باسم القبيلة أو العائلة و ليعبر عن تطلعاتها هي فقط. إن الناخب حين يختار مرشح الكيان السياسي فهو يختاره لأنه يمثل برنامج الحزب و ليس لاسم المرشح أو طائفته لأن هذا المرشح بالنهاية يأتمر بأمر الحزب و يسير على نبراسه و إلا لتم فصله عن العضوية . أما مرشح القبيلة أو العائلة الذي جاء عن طريق فرعية فما الفرق بينه و بين أي فرد آخر من نفس القبيلة أو العائلة قد يكون حاملاً لمؤهلات و حائزاً لكفاءات أعلى من الفائز بالفرعية ؟! فضلاً عن أن تغيير المسميات لتشاورية مثلاً لن يغير من الأمر شيئاً , لأن الغاية من هذا الإجراء هو إلزام ناخبي تلك القبيلة أو العائلة بهذه الأسماء فقط .. أما غيرها فاقطع .

و نأتِ للجانب الاجتماعي .. حيث أن جميع الفرعيات منذ بدايتها قبل 40 عاماً و حتى اليوم لا يزال المرشحون هم من الرجال دون النساء , بل أن القاعدة التصويتية هي أيضاً من الرجال و دون اعتبار لرأي النساء .. بالرغم من أنهن سيقمن بالتصويت في يوم الانتخابات !! فلماذا الحجر على آرائهن بالفرعيات ثم اللجوء إليهن في صندوق الانتخابات ؟! بينما في الكيانات السياسية يترشح الرجل و المرأة و يتم أخذ آراء جميع أعضاء الكيان السياسي دون تفرقة بسبب الجنس.

 و أخيراً نختم بالجانب الأخلاقي .. إننا عندما نرى قبيلة أو عائلة معينة تقوم باختيار مرشحين على وجه الخصوص لخوض الانتخابات أشعر وكأنها تقول للناخبين عامةً : لا يوجد من يستحق بالدائرة الانتخابية غير هؤلاء الأربع ! و هو بالطبع شعور يؤلم النفس ويجرح الفؤاد لما له من عنصرية واضحة للعيان . و هنا يجب أن نفرق بين قبيلة أو عائلة ترشح 4 أسماء و بين أخرى ترشح 3 و أخرى ترشح 2 و أخرى ترشح اسماً واحداً و هي بالطبع الأقل ضرراً بين سابقيها لأنها تقول للناخب من ذات القبيلة أو العائلة بأننا نزكي لك اسماً واحداً ولك مطلق الحرية في اختيار الأسماء الثلاثة الباقية . فضلاً عن أن التجارب السابقة أثبتت للجميع بأن مخرجات الفرعيات ليست بالضرورة كلها نزيهة و تستحق التزكية فلماذا الإصرار عليها ؟!

وفي النهاية أقول بأننا نحترم جميع مكونات الشعب الكويتي سواء الحضر أو البدو .. السنة أو الشيعة .. الرجال أو النساء. و إنني على ثقة بأن الجميع لديه من الوعي و الإرادة لاختيار من هو أصلح لتولي الشأن العام و تمثيل الأمة , فالمهم لدينا هو أن نرى الأشخاص الأكفاء الذين يعبرون بالكويت لبر الأمان و يحفظون كرامة الإنسان .

الآن - رأي الناشط / عبدالله فيروز

تعليقات

اكتب تعليقك