الديين لايستبعد أن يحرز الطرف الشعبي بعض النقاط لصالحه فى المعركة الانتخابية
زاوية الكتابكتب يناير 1, 2012, 12:08 ص 590 مشاهدات 0
عالم اليوم
الأزمة... والانتخابات!
كتب أحمد الديين
لا يمكن عزل المعركة الانتخابية الدائرة حاليا عن مسار الأزمة السياسية التي احتدمت في البلاد طوال السنة الماضية، مثلما لا يمكن الفصل بين الأزمة وبين ما ترتب عليها من إجراءات استهدفت التخفيف من حدّة احتقانها عبر قبول استقالة الحكومة ورئيسها السابقين وحلّ مجلس الأمة... وفي ظني أنّ هذه الخطوات جميعا، مع أهميتها، لم تنهِ الأزمة ولم تعالج أسبابها العميقة، وإنما نقلت مركز أحداثها من ساحات الصفاة والتغيير والإرادة إلى الساحة الانتخابية!
إنّ الأزمة السياسية الأخيرة، أو بالأحرى الأزمة السياسية التي لا تزال تناقضاتها تعتمل تحت السطح، ليست مجرد أزمة في العلاقة بين الحكومة والمجلس ناجمة عن تكرار الاستجوابات التي استهدفت الرئيس السابق لمجلس الوزراء، وإن بدا الأمر كذلك... كما أنّها لم تكن أزمة ناجمة عن صراع شخصي بين أطراف المعارضة والشيخ ناصر المحمد، وإن كان هو شخصيا بحكم منصبه وممارساته أحد محاور تلك الأزمة ورموزها، وإن كان هناك أيضا من المعارضة مَنْ تعامل معه على نحو شخصاني... ولم يكن الصراع دائرا حول كرسي رئاسة مجلس الأمة مثلما حاول جاسم الخرافي أن يصوّر الأمر في كلمته الشهيرة التي ألقاها في جلسة افتتاح دور الانعقاد الأخير للمجلس المنحلّ، ولن تنتهي هذه الأزمة بمجرد استبدال شخص الرئيس في المجلس المقبل مثلما قد يوهم البعض نفسه... ولم تنجم الأزمة عن إجراء حكومي انتقامي منفرد استهدف إهدار مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية للنائب السابق الدكتور فيصل المسلم وما ترتب عليه من ردّ فعل شعبي مستاء، كما لم يكن سبب الأزمة حادثا منفصلا تمثّل في قمع المشاركين في تجمع ديوانية النائب السابق الدكتور جمعان الحربش، وإنما كانت تلك جميعا مظاهر للأزمة وبعض أشكال التعبير عنها... كما أنّ الأزمة لم تبدأ بانكشاف فضيحة الإيداعات المليونية في الحسابات المصرفية لعدد من النواب السابقين، وإنما كانت تلك الفضيحة، وقبلها ما سبق أن أثير حول مصروفات ديوان رئيس مجلس الوزراء والشيكات، بعض جوانب تجلي تلك الأزمة وأعراضها المرضية في ظل افتضاح عجز الطرف السلطوي عن إدارة الدولة بكفاءة؛ وعدم قدرته في المقابل على ممارسة القمع المباشر أو تكرار فعلتيه السابقتين في الانقلاب على الدستور مثلما حدث في 1976 و1986، بحيث لم يعد هناك الآن أمام الطرف السلطوي من بديل عن تقديم التنازلات سوى تسخير المال السياسي وشراء الولاءات للتعويض عن ذلك العجز والتغطية عليه!
وفي ظني أنّه من الخطأ التسرع بالقول إنّ صفحة الأزمة السياسية التي احتدمت في الكويت طوال السنة الماضية قد طويت مع طيّ صفحات الحكومة المستقيلة والرئيس السابق ومجلس الأمة المنحلّ، إذ إنّ الأزمة تعود إلى ما هو أبعد من ذلك، فهي تعود إلى صراع تاريخي غير محسوم وتناقض موضوعي لا يزال قائما بين نهج المشيخة من جهة؛ بكل ما يمثله من عقلية وممارسات سلطوية وأساليب عفا الزمن عليها؛ وبين متطلبات التطور الديمقراطي للمجتمع الكويتي واستكمال مشروع بناء الدولة الحديثة من جهة أخرى... وبالتالي فإنّ المعركة الانتخابية الحالية ستكون في الغالب إحدى جولات هذا الصراع وأحد مجالاته وتجلياته، وهذا ما ينعكس الآن في محاولات بعض الأطراف السلطوية للتدخل في الانتخابات والتأثير على نتائجها لصالحه، وما يُلاحظ في المقابل من بروز دعوات ذات دلالة في الخطاب الانتخابي لبعض النواب السابقين وعدد من المرشحين تنادي بضرورة إحداث إصلاحات سياسية ودستورية ديمقراطية جدّيّة تدفع في اتجاه إشهار الأحزاب لتنظيم العمل السياسي؛ وإصلاح النظام الانتخابي غير العادل؛ وتنقيح الدستور في اتجاه التحوّل المستحق نحو نظام برلماني مكتمل الأركان.
باختصار، ليس من المتوقع أن تحسم المعركة الانتخابية الدائرة حاليا الصراع غير المحسوم تاريخيا؛ ولكنه ليس من المستبعد أن يحرز الطرف الشعبي فيها بعض النقاط لصالحه!
تعليقات