السميط'هامة ذلّت لله فرفعها'، والحياة الدنيا، برأى خلود الخميس لاتليق بأمثاله
زاوية الكتابكتب ديسمبر 22, 2011, 12:36 ص 3195 مشاهدات 0
القبس
السميط.. هامة ذلّت لله فرفعها
كتب خلود عبدالله الخميس :
أكتب عنه ولا أزكي على الله أحداً، فإن شيخنا الداعية الدكتور عبدالرحمن السميط قمة لم توازها أو تُجارها قامات ولا مقامات أمة.
سيرته الذاتية لا يمكن لشخص بسيط، مثلي، أن يسردها بمساحة كهذه، ولكن الحبر يأبى إلا أن يقطر لذاك الشموخ عرفاناً، وإن كان لا يليق بهامته، ولكننا ننزف مسيرين بحبه في الله.
أبو صهيب، عرّاب القارة السوداء، أبو أيتامها، وطبيب مرضاها، وكافل سكانها، وداعيتهم لدين الإسلام، كم فاعل خير وساع للمعروف خضعت له الحروف، وتلعثمت في تسطير مآثره اللغة، ووقفت المشاعر تنتظر مصطلحات جديدة غير تلك المتداولة في حالات الإعجاب والحب والمديح؟
هذا هو تماماً ما يُثقل اليد عن طباعة كلمات عن الدكتور السميط، العجز التام المبين بوجه مخلوق لا وصف له إلا أن الله قد استعمله كما يشاء، فأعجزنا عن التعبير، وأتعب به مَن بعده.
لا يوجد أحد في أفريقيا لا يعرف السميط، ولا يوجد في الدعوة الاسلامية من لا يعرف السميط، ولا يوجد في الدعوة التبشيرية من لا يعرف السميط، ولا أحد في العالم تساءل، تقريراً، وهو في أكواخ الفقر في أدغال أفريقيا بين المجاعة والملاريا «هل في الجنة سعادة كالتي نشعر بها الآن؟»، مخاطباً صاحبته أم صهيب، غير السميط!
رجل فذ اجتمعت فيه الأديان والأعراق، وطأطأت له الجغرافيا، وأخجل التاريخ!
مسلم بالأنموذج، ولم يترك فجاً في أفريقيا إلا سلكه ليغيث الملهوف، ويدعو لتوحيد الله تحت لواء الإسلام، فلم يكن يحرم أي انسان من ماء وغذاء ودواء، بل فضلهم على نفسه، لم يتحقق من دين المريض قبل أن يعطيه مصلا ضد العدوى، إنه انسان غير مسبوق.
كان إسلاماً يمشي على الأرض بكل المقاييس البشرية، ترك فراشه الوثير ليتمرغ فوق تراب أفريقيا الحار مختاراً راضياً سعيداً، تشد من قراره أم صهيب، فكم قال فيها من رقيق الأوصاف، كم أرجع لها الفضل في ما هو فيه من نعم، كم شكر لها في غيبتها وشهادتها دفعها له في كل ما تمنى، هذه الزوجة التي اختارها من أراد لهما طريقا وعرة لا يقدر عليها إلا المبارَكون، الطريق لله طريق تتطلب همما لا يقدر عليها الا القمم أمثال أبو صهيب وأم صهيب وكان الابناء خير شركاء.
عندما جلستُ مع السميط خرجت بأهم درس في حياتي، ان للقلب كلمة سر، لا يلقاها إلا الساعون اليها، والموقنون أنهم ليسوا إلا مستخدَمين، وأنها كلمة لا توضع بل تُكتشف وتتطلب توكل حق وتسليم، وبدأت معي رحلة التغيير منذ ذاك.
تعلمت ديدن السابقين المقربين، إنهم من شكروا الأنعم فزادهم ذو الوعد الحق، وتوشحوا بالصمت فاجتاح صخب أعمالهم العالم، ولم يفرطوا في كلمة سر قلوبهم، فثبتهم الله عليها، وأودعوه إياها فحفظها لهم حتى يلقوه بها.
حتى هذه اللحظة شيخنا في حالة حرجة، فقد كتبت المقال يوم الثلاثاء عصراً، ولكني لا أخاف عليه من الرحيل، فكم هي بالية هذه الدار المؤقتة ولا تليق بأمثاله.
خلود عبدالله الخميس
تعليقات