علي الطراح يفتح ملف الرئاسة الشعبية للحكومات
زاوية الكتابالتكتل الشعبي صمام الأمان بعد تدحرج الحركة الوطنية للوراء بسبب المصالح التجارية
كتب ديسمبر 21, 2011, 6:02 م 1916 مشاهدات 0
الرئاسة الشعبية للحكومات!
د. علي الطراح
كان للربيع العربي أصداؤه في بلدان الخليج، ولعل البحرين كانت الأولى في ارتفاع سقف المطالبات لدى بعض أنصار المعارضة فيها. وقد انساق ذلك البعض بسرعة جارفة دون التفكير في طبيعة النظم السياسية الخليجية، كونها قائمة على تعاقد اجتماعي تاريخي ومن ثم فهي تختلف عن بقية نظم الحكم العربية. ما نحتاجه هو الواقعية والعقلانية في الدفع بمسيرة الإصلاح، فالبحرين مثلاً هي الدولة الوحيدة التي استعانت بلجنة تحقيق دولية، وهذه خطوة تحسب لصالح الحكم، خصوصاً وأن ملك البحرين وعد بالأخذ بنتائج التحقيق، كما طالب بمنظمة عربية لحقوق الإنسان، مما يعني أن هناك جدية في تحقيق الإصلاح السياسي، وهذا ما ينبغي أن نستوعبه، وأن تعمل المعارضة ضمن رؤية جديدة تدفع بها جميع الشبهات حول أي تدخل إقليمي، وأن تحصر المطالب بمعالجة الفساد وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وتحقيق الحرية المسؤولة... لاسيما أن البحرين من الدول التي عاشت تجاربَ فيها نوعٌ من الديمقراطية، وأن الحكم يسعى حالياً إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وفي الحالة البحرينية أيضاً ينبغي أن تنتبه المعارضة إلى أهمية شعار المواطنة والانتماء والولاء، من أجل بناء مجتمع متنوع تحترم فيه جميع الحقوق دون الارتباط بعرق أو مذهب، وهو ما نعتبره مطلبنا جميعاً في مختلف دول الخليج العربي.
الحالة الكويتية تنفرد بوضع خاص، حيث يتداخل فيها المحلي مع الإقليمي، ولعل مما يميزها أيضاً نمو تيار برلماني يتمثل في 'التكتل الشعبي' الذي مهما اختلفنا معه فهو صمام الأمان من الانزلاق، لأن الحركة الوطنية بكافة أشكالها لم تعد قادرة على قيادة الشارع، بل تدحرجت إلى الوراء بحكم مصالحها الاقتصادية، فيما يتقهقر التيار الليبرالي ويحل محله التيار الممثل لجماعة 'الإخوان المسلمين'، وهو تيار يتفاعل مع الحركات الشبابية العربية ويحاول تجديد طروحاته لكي لا يصطدم بالغرب. لقد بات كثير من الخطوات واضحاً، ولا نعتقد أن نجاح التيارات الإسلامية خطيئة، بل هو جزء من الحراك السياسي الذي ينبغي تفهمه.
الوضع الكويتي معقد وتعقيده نابع من غياب الفهم لطبيعة الظرف الإقليمي، وهذا ما يؤخذ على المعارضة الكويتية حيث تتعدى مطالبها السقف أحياناً وتصطدم بحوائط إقليمية حيث التغير نحو حكومة شعبية هو ضرب من المستحيل لأن الظروف الإقليمية غير مهيأة، إضافة إلى أن الظرف المحلي لا يزال غير مساعد على مثل هذا التحول، وبالتالي نعتقد أن المعارضة متمثلة في'التكتل الشعبي' عليها مسؤوليات جسام، وهي مساءلةٌ أكثر من غيرها في هذه المرحلة، وعليها أن لا تحصر توجهاتها في مطالب السياسة الآنية بقدر ما تطرح مشاريع تنموية، وتسعى إلى الحد من الفساد، وإلى بناء دولة المؤسسات، وتجذير قيم الديمقراطية، وإعلاء قيمة المواطنة، وتقديم مشروع وطني يدفع نحو الانصهار الاجتماعي. الطرف الآخر سيحاول الزج بالتكتل الشعبي في خانة الفئوية، وهو ما يوجب على التكتل العمل ضمن منظومة أوسع وعقد تحالفات جديدة وبلورة مشروع شبابي وطني يخرج من العباءة التقليدية.
نعتقد أن المهم في المشهد الكويتي حالياً هو الاعتراف بتغير المجتمع، وبأن هذا التغير له استحقاقاته الاجتماعية والسياسية، وأنه لا يمكننا السير قدماً في ظل استمرار معادلة الاستحواذ القديمة. ومن الضروري في هذه المرحلة أن يعضد الحكم توجهات الإصلاح المقنن لكي لا تنفلت الأمور، لاسيما وأن استقرار الكويت مرهون بنظامها السياسي متمثلاً بحكم أسرة آل الصباح.
تعليقات